غذاء التخلف
يعد تعلّق الأفراد بالخرافات سمة من سمات التخلف الاجتماعي والثقافي، ومن المؤسف أن يحدث ذلك في مجتمع كمجتمعنا الذي يفترض أن يكون محصّنا إيمانياً وعلمياً بما يفند كل الخرافات المتفشية فيه!
قبل عدة أشهر أثارت قصة إحدى السيدات حنقي, فقد رفضت إلحاق طفلها بالمدرسة بحجة خوفها أن يصاب بعين الحاسدين وبعد محاولات مطوّلة ووساطات عائلية التحق بالدراسة متخلفاً عن زملائه.
العجيب في الأمر أن والد الطفل وعددا من أفراد الأسرة يوافقون هذه السيدة في توجهها ويدعمونها بغض النظر عمّا سيؤول إليه حال الطفل والأمراض التي سيتعرض لها بسبب جهله.
وفي حادثة أخرى يصرح أحد الأفراد أنه يقود سيارته الجديدة متسخة لكي لا تلفت الأنظار إليه فيتعرض لحادثة تنتج عن الحسد مثلاً !
ومن العين ننتقل إلى انتشار ثقافة السحر والدجل، فكل ما لا يستطيع الفرد الوصول إليه يجده ممكناً بالاستعانة بساحر أو مشعوذ، فيصبح التعلق بهؤلاء إدماناً جديداً يسلب من المرء ماله ووقته بحجة التوصل إلى حلّ لمشكلات الحياة في جميع جوانبها.
المشكلة في كل ذلك ليست التعلق بالوهم أو الاحتفاظ بخرافة، بل ما يؤدي إليه من ضعف في الكفاءة الشخصية والاتكالية.
فالمرء لا يعمل لنفسه ولا يحاول إصلاح ذاته, بل ينتظر نتيجة أعمال السحر وتنبؤات الدجالين.
لكن التعلق بالخرافات لم يعد سمة ترتبط بقلة التعليم أو الاطلاع, فهناك مثقفون وأكاديميون مؤيدون لمثل هذه التوجهات بحجة كونها جزءاً من الثقافة وتعكس هويتنا!
والخطر كل الخطر في انسياق هؤلاء الذين يحملون مشعل التفكير المنطقي والبحث عن الحقائق فهم بذلك يتركون رسالتهم الأسمى في تنوير من هم بحاجة إليهم.
إن شيوع التعلق بالأوهام يجعل المجتمعات عرضة للسيطرة والتسيير من قبل الآخرين يكبّلها ويتركها بلا إرادة!