الذكاء ليس عقلا صرفا بل عقلا وعاطفة

نحن اليوم نعرف أن الذكاء ليس عقلا صرفا بل عقلا وعاطفة، وهناك علاقة بين (العاطفة) و(العقل المنطقي).
ومكان العواطف هو الفص اللوزي الأميجدالا في فص الدماغ الصدغي.
ومركز التفكير والتحليل المنطقي والنطق نصف الدماغ الأيسر.
والعواطف هي الطاقة المرافقة لتنفيذ وتمرير الأفكار، كما يقول برتراند راسل في كتابه (القوة). وقد اكتشف علم النفس أمرين في غاية الأهمية والغرابة:
ـ الأول تثبت المعلومات مع العواطف على نحو لا ينسي، وهو طريقة القرآن في التنزيل، فقد نزل منجما، لأنه ليس كتابا أكاديميا بل نزل على مكث لتخشع قلوب عباد الرحمن له فيخرون سجدا وبكيا..
ـ والثاني وهي أبحاث حديثة عند أصناف محدودة من البشر لا ينسون فيها شيئا البتة، وهو المرض المقابل للزهايمر، ففي الأخير ينسى كل شيء، ومع هذا المرض الذي لم يسم بعد لا ينسى الإنسان شيئا.
والإنسان مكون من ثلاث طبقات طبقا عن طبق: الغرائز البدائية ونشترك فيها مع أحط الكائنات مثل الجنس والعطاس واللعاب والتنفس والتبرز والتبول، وإفراز الهرمونات وتنظيم حرارة البدن والضغط وضربات القلب. وفوقها في الدماغ المتوسط يأتي مركز العواطف، ونشترك فيها مع الحيوانات، فنحن نخاف مثل القطط، ونهرب مثل الجرذان، ونحب مثل الطيور؛ لأنها طاقات للبقاء. وهناك من يستخف بالعواطف، ويصف البعض بأنه عاطفي؟ ولكن تقييم الذكاء اليوم يتم من زاويتي العقل المنطقي والعواطف، ولم يعد مقياس IQ هو الحكم في تقييم شخصية الإنسان. والبكاء هو قمة العواطف، فيه تتطهر الروح وليس ضعفا وانحرافا. ويقول هيكل ـ إن صدق ـ إن بوش سيئ الذكر بكى في أحداث أيلول (سبتمبر) فجاءته الطاقة؟ عفوا طاقة الإجرام؟؟ فبأي آلاء ربكما تكذبان؟
وصدر كتاب كامل لـ (دانييل جولمان) عن (الذكاء العاطفي) جدير بالاطلاع، وأفضل المزاج في الصباح بعد نوم جيد وأقلها ست ساعات. ومع تقدم العمر تقل الحاجة لساعات النوم عكس الرضيع. وقد تكون الحياة بعد الموت يقظة بدون نوم؟ وأفضل المزاج البكور ولا يتألق العقل مثل الصباح. والصباح رباح. والفيلسوف كانط كان يبدأ عمله مع الخامسة صباحا مثل صلاة الصبح عند المسلمين. ومن أراد السعادة مشى مع نظام الطبيعة, وهو القانون الأعظم في البوذية. والحياة جسر وعلينا المشي فوقه وليس الوقوف عنده أو عليه. والتدفق مع الطبيعة والانسجام معها راحة. ومن قاومها تعذب وتألم حتى تقومه أحداثها. ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون. والطيور والطبيعة تستيقظ قبل شروق الشمس، وعلى المرء أن يقلد الطبيعة فيقوم مع القائمين. ومن قام بعد شروق الشمس فاته خير كبير. وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. وجاء في الحديث أن الشيطان يعقد على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد: عليك ليل طويل فارقد. فإذا قام فذكر الله انحلت عقدة. فإذا توضأ انحلت عقدة. فإذا صلى انحلت عقدة؛ فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان. فربط الحديث بين الطيبة والنشاط، والخبث والكسل. سنة الله في خلقه. ومن الحكمة للمرء أنه إذا أراد حل مشكلة أو التقدم بطلب لرئيسه أن يكون في الصباح حيث المزاج (رايق) معتدل قبل ازدحام الطلبات.
والدماغ مع النوم يفرغ فائض المعلومات وينتعش.
وليس دواء مثل النوم.
وذكر حسن الهضيبي في مذكراته قال إنه عذِّب بالحرمان من النوم، فكانت تأتيه سنة من النوم بين خروج ودخول جلاد فلم ينالوا منه. والإنسان في حالة كدح حتى يرجع إلى الله فيوفى أجره، ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي