من أين لك هذا؟

قبل عدة سنوات وخلال رحلة تسوق وقعت في يدي ورقة نقدية من فئة الريال حملت على زاويتها عبارة "من أين لك هذا؟". تأملت المكتوب طويلاً وقررت الاحتفاظ بهذا الريال ليذكرني دائماً بذات التساؤل.
من منّا يسأل نفسه كل يوم عن ماله الذي اكتسبه وما إذا كان رزقاً حلالاً تحصّل عليه بوجه حق.
يسارع الكثيرون لإجابة هذا التساؤل بالتأكيد على أن لكل منّا وظيفة ومصدر رزق نحسبه طيباً لا تشوبه شائبة. أنا لا أنكر ذلك بل أوافق عليه وأضيف هناك آخرون يعملون لكسب رزقهم بصورة طيبة لكن عملهم هذا يخالطه سلوكيات وتجاوزات تخلط الحلال بالحرام وبالتالي ينتهون إلى أكل المال الحرام ويمتد ذلك لأسرهم ومن يعولونهم.
تذكرت قصة وافدة آسيوية تعمل في تجميل السيدات وتقبض منهن مبالغ مقابل ذلك، كانت ترفض تسلم المبلغ حتى تتأكد من رضا السيدة عن عملها وفي حالة رفضت دفع المستحق تطلب منها دفع ما تجده مناسباً وإن لم يكن شيئاً.
بمقابل هذه الوافدة تقوم كفيلتها السعودية بمجازاتها بخصم المبالغ الناقصة من راتبها الشهري بحجة أنها تعرضها للخسارة وهي بتصرفها تحقر من شأن الأمانة التي تحلت بها موظفتها.
في مكان آخر تعمل مدرسة للمرحلة الابتدائية بنصف جهدها وتهمل تقويم طالباتها وهنّ في سن تعلم حرجة.
تتحجج بمللها من وظيفتها الرتيبة التي تمسكت بها لراتبها المغري، وفي نهاية الشهر تقبض مبلغاً لا تستحق حتى ربعه وتزعم أن هذا رزقها الحلال الطيب!
أحد الطهاة في مطعم فاره لا ينجز طهو الطعام جيداً وذلك للحصول على أكبر عدد من الزبائن، يقول إن الطعام في ظاهره قارب الاستواء ولا أحد يلاحظ هذا التقصير. الوقت الذي سيستهلكه لتقديم الوجبة المثالية سيفقده زبوناً في الخارج.
عندما تغيب رقابة المسؤولين لا تغيب رقابة الله سبحانه وتعالى علينا، ولنتذكر دائما قوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي