دول الخليج في تقرير التنمية البشرية عام 2008
نجحت دول مجلس التعاون الخليجي الست في تحسين ترتيبها في تقرير التنمية البشرية الصادر من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2008 مقارنة بتقرير 2007. يعتمد مؤشر التنمية البشرية على ثلاثة معايير في تقييمه للدول وهي أولا العمر المتوقع عند الولادة، وثانيا نسبة المتعلمين، وثالثا نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
الكويت في الصدارة
يوفر تقرير التنمية البشرية لعام 2008 إحصاءات بخصوص 177 بلدا في العالم أي نفس عدد البلدان المشمولة في التقرير السابق. وقد حافظت الكويت على المرتبة الأولى بين الدول الخليجية (والعربية) بعد أن حلت في المرتبة رقم 29 على مستوى العالم ما يعني تحسين ترتيبها أربع مراتب. بدورها حلت الإمارات في المرتبة رقم 31 دوليا ما يعني تقدمها ثماني مراتب. وعليه تمكنت الإمارات من إقصاء قطر من المرتبة الثانية إلى المرتبة الثالثة خليجيا وعربيا والتي بدورها حلت في المرتبة 34 دوليا ما يعني تقدمها مرتبة واحدة.
بدورها تقدمت البحرين تسع مراتب في تقرير عام 2008 وعليه حلت في المرتبة 32 دوليا (تعد البحرين الأكثر تقدما بين دول مجلس التعاون في التقرير الأخير). كما تقدمت عمان خمس مراتب إلى المرتبة 53 عالميا. أيضا واصلت السعودية مسلسل تقدمها حيث حلت في المرتبة 55 دوليا ما يعني تقدمها ست مراتب. وكانت السعودية قد تقدمت 15 مرتبة في تقرير 2007.
تفاوت النتائج
تشير الإحصاءات إلى وجود تفاوت واضح فيما يخص أداء دول مجلس التعاون على المعايير الثلاثة. فأفضل متوسط للعمر هو من نصيب الفرد في الإمارات حيث يبلغ (78.5 سنة). بدورها تتربع الكويت على معيار التعليم حيث تبلغ نسبة المتعلمين فيها (93.3 في المائة) ما يعني أن الأمية منتشرة بين أقل من 7 في المائة من السكان. وفيما يخص المتغير الثالث ألا وهو الدخل حسب مفهوم القوة الشرائية فيعتبر نصيب الفرد في قطر (نحو 73 ألف دولار) في السنة ثاني أعلى مستوى دخل دوليا بعد لوكسمبورج.
على الصعيد العالمي، لا تعاني العديد من الدول الأوروبية فضلا عن أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية من مشكلة الأمية كلية. كما يعيش الفرد في اليابان أكثر من غيره في العالم حيث يزيد في المتوسط عن 82 سنة.
أيسلندا الأولى عالميا
حافظت أيسلندا على زعامتها العالمية على مؤشر التنمية البشرية. لكن يخشى أن تتسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية على المكانة الاقتصادية لأيسلندا وترتيبها على المؤشر في السنوات المقبلة. فقد بلغت الأزمة مرحلة دقيقة بإيحاء أيسلندا فرضية إعلان إفلاسها بسبب وجود صعوبة في دفع رواتب موظفي القطاع العام. كما دخلت بريطانيا على الخط بنعتها الحكومة الأيسلندية بعدم الحرفية في التعامل مع الأزمة المالية العالمية. ويعود التشدد البريطاني إلى فشل آيسلندا في تأمين الودائع المصرفية، حيث يعود جانب منها للمودعين البريطانيين. بدوره قام صندوق النقد الدولي بمنح آيسلندا قرضا بشروط ميسرة بقيمة ملياري دولار لمساعدتها على الخروج من الأزمة المالية.
وجاء ترتيب الدول الأخرى على قائمة أفضل عشرة دول في العالم على النحو التالي: النرويج، كندا، أستراليا، أيرلندا، هولندا، السويد، اليابان، لوكسمبورج وسويسرا. بدورها نالت حلت بروناي في المرتبة 27 عالميا أي الأفضل بين الدول الإسلامية. كما نالت اليابان شرف المرتبة الأولى على قارة آسيا.
تنمية الإنسان
تؤكد العديد من الدراسات أن العنصر البشري يمثل حجر الزاوية في العملية التنموية برمتها. فلا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية بمعزل عن التنمية البشرية. ثم ما جدوى حدوث نمو اقتصادي في بلد ما إذا لم يتمكن الإنسان من الاستفادة الفعلية من النماء الاقتصادي. من الضرورة بمكان أن تنعكس نتائج البرامج الاقتصادية على مستوى التنمية البشرية. المؤكد أن التنمية لا تقاس بعدد ناطحات السحاب في بلد ما، إذ ربما اقتصرت الفائدة على نفر قليل. فليس من المناسب أن تكون الدولة غنية مقابل شعب فقير.
ما يميز تقرير التنمية البشرية هو اعتماده على ثلاثة متغيرات وليس متغيرا واحدا فقط. فلا يكفي النظر إلى مسألة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. إضافة إلى الدخل، يأخذ المؤشر متغيرين آخرين وهما العمر المتوقع عند الولادة والتعليم. يعد متغير العمر المتوقع عند الولادة انعكاسا للمصروفات المخصصة على الصحة العامة.
ختاما لم تتمكن دول مجلس التعاون الخليجي (والحال نفسه مع بقية الدول العربية المشمولة في التقرير) من إحراز مراتب متقدمة في تقرير التنمية البشرية لعام 2008. كما أسلفنا فقد نالت الكويت المرتبة 29 دوليا ما يعني نجاح 28 بلدا في العالم في تحقيق مراتب أعلى من أفضل دولة خليجية وعربية في مجال التنمية البشرية. المطلوب من دول مجلس التعاون تعزيز حجم الأموال المخصصة لقطاعي التعليم والصحة. في المحصلة من شأن متغيري التعليم والصحة تحسين مستويات الدخل وبالتالي استمرار دول مجلس التعاون في التقدم على مؤشر التنمية البشرية في السنوات المقبلة.