الإدارة ...الحاضر الغائب
عماد عمر سرحان
تفتقد الكثير من الشركات العربية المفهوم الحقيقي للإدارة, فهي إما أن تكون مهنة من لا مهنة له أو تكون مهنة ذلك المهندس المبدع في عمله الذي يفقه كل شيء عن مجال تخصصه عدا الإدارة, فهي في نظر الكثيرين من الناس أمر يأتي بالتبعية والبدهية لكل مبدع ولا تحتاج إلي مهارات أو دراسة أو حتى مجرد الاهتمام. حتى أننا لا نحترم من يحمل شهادة في الإدارة كما نحترم من يحمل أي شهادة أخري, ولا نطلب ممن يتقدم إلى وظيفة إداريه أي مؤهلات في الإدارة أو خبرة فيها ولا نختبر قدراته كما يحدث مع المهن الأخرى
إن نظرتنا للـ "مدير" تنحصر بذلك الرجل (أو المرأة) الذي يجلس إلى مكتب فخم (أو ليس بفخم) ولديه سكرتيره (أو سكرتير) فيأمر هدا ويعنف ذاك ويحضر الاجتماعات ويشارك في الندوات والمحاضرات دون أي وظيفة حقيقة يمارسها في شركته, وينسي الجميع التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة التي تعتبر أساسيات عمل المدير في أي إدارة.
هذا النظرة العقيمة للإدارة هي التي جعلت شركاتنا العربية في الصف الأخير وكانت سببا أساسيا في إغلاق الكثير من الشركات الكبرى أبوابها بعد نجاحاتها الأسطورية, فالتقني المبدع ترك عمله, وموارد الشركة بلا إدارة أو تنظيم فتضاعفت المشاكل الإدارية..... فضاعت الشركة.
هده الصورة هي عكس ما يحدث في الغرب, فلا يكون المدير مديرا إلا إذا كان يحمل من المؤهلات الإدارية ما يسمح له بذلك ولا يتم توظيفه مهما كان مبدعا إلا إذا كان إداريا, ويملك المدير لديهم مسؤولية عظيمة في إدارة موارد الشركة وتنظيمها وتوجيهها بالشكل المناسب. لذلك فإن شركاتهم تستمر لفترة طويلة رغم ما يمكن أن تواجهه من مصاعب.
إن الإدارة علم وفن في ذات الوقت فكما أن مهارات الإدارة تولد مع الإنسان وتكتسب من الممارسة وتصقل من الحياة فهي أيضا علم له أصوله وقواعده ونظرياته التي لا يقوم إلا بها ومن يرغب بأن يكون مدير فإنه يتوجب عليه الإلمام بهذا العلم ومتابعة التغيرات التي تحدث فيه وأن يضيف ذلك إلي معرفته وخبرته التقنية إن وجدت.
إننا في عالمنا العربي علينا أن نعترف في مؤسساتنا وشركاتنا بالإدارة كعلم فلا يتم توظيف مدير إلا إذا كان يحمل من المؤهلات والخبرة ما يؤهله لممارسة دور المدير تماما كما أنه لا يتم توظيف مهندس أو مبرمج إلا إذا كان لديه من المؤهلات ما يساعده على ذلك، فمتي يكون للإدارة احترامها كما نحترم المهن الأخرى؟