الأزمة المالية والاقتصاديات النامية

احمد عبد الصبور عبدالكريم - مصـر

بدأت الأزمة المالية الحالية، التي أشير إليها في بادئ الأمر بأنها "انهيار الائتمان" أو"أزمة الائتمان"، في يوليو العام الماضي عندما فقد المستثمرون الثقة في قيمة الرهون العقارية المضمونة في الولايات المتحدة، الأمر الذي ترتب عليه مشكلة كبيرة في السيولة.
ومع حلول شهر سبتمبر 2008 أصبحت الأزمة واضحة للغاية مع انهيار، أو اندماج، أو فرض وصاية على عدد من كبريات الشركات المالية الأمريكية مثل بنوك الاستثمار ليهمان براذرز، وميريل لينش، والمجموعة الدولية الأمريكية عملاق التامين.
وسرعان ما تطورت الأزمة إلى كارثة عالمية أدت إلى إخفاق عدد من البنوك الأوربية، وتراجع حاد في البورصات العالمية، وانخفاض شديد في القيمة السوقية للأسهم والسلع في شتى أرجاء العالم.
وتعتبر هذه الأزمة "كارثة من صنع الدول الكبرى" وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية, إلا أن الآثار السلبية التي ترتبت عليها لم تقف عند حدود هذه الدول بل تخطتها إلى الدول النامية, والتي كانت بمثابة الضربة القاصمة لها, وربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لمعظمها.وتزداد فداحة الآثار المترتبة على هذه الأزمة بالنسبة للدول النامية ذات التجارب الناجحة في مجال الإصلاح الاقتصادي, والتي كانت قد قطعت شوطا كبير نحو النمو وتحقيق نتائج ايجابية في علاج ما كانت تعانيه اقتصادياتها من أمراض اقتصادية مزمنة. فهذه الدول تعرضت وستتعرض لنكسات خطيرة ودائمة نتيجة للأزمة المالية العالمية،
حيث ترتب علي هذه الأزمة انخفاض الطلب على المواد الخام والحاصلات الزراعية التي هي عصب الاقتصاديات النامية, يضاف إلى ذلك سحب الكثير من استثمارات الدول الكبرى في الدول النامية مما ترتب عليه حدوث خللا بالغا قي تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي في تلك الدول.فمما لا شك فيه أن هذه الدول تتأثر من تراجع الطلب على منتجاتها التصديرية وانخفاض الاستثمارات بها. حيث ستضرب الأزمة المالية الدول النامية في عدة صور منها خفض المعونات وانخفاض الطلب في الدول الغنية إضافة إلى انخفاض القروض للدول الفقيرة وانخفاض الاستثمارات فيها.
ولا يمكن للدول النامية أن تنجو من الآثار المدمرة لهذه الأزمة من خلال الاعتماد على المنح والمساعدات التي تمنحها إياها الدول الغنية لان هذه المنح ستنخفض بسبب قيام تلك الدول بضخ تريليونات الدولارات في أنظمتها المالية.وإنما يجب على الدول النامية أن تضاعف جهودها لاستغلال مواردها المحلية لضمان تنمية مستمرة لتخطي الآثار المدمرة لهذه الأزمة. كما يجب أن تنشط التكتلات الاقتصادية بين الدول النامية فيما بينها, وتنشيط التبادلات الاقتصادية فيما بينها في شتى المجالات الاقتصادية, حتى تستطيع تلك الدول الخروج ولو قليلا من فلك الدول الكبرى وتكتلاتها الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي