العالم على كف عفريت

عماد عمر سرحان

"إن الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كالذي يتخبطه الشيطان من المس" عندما كنت صغيرا أقرا هذه الأية, كنت مؤمنا بها كإيماني بالقرأن كله, لكن لم أكن أتخيلها أو أفهمها. فكيف يمكن لأكل الربا أن يتخبطه الشيطان بمس ،لكن عندما حدثت الأزمة المالية مؤخرا وتهاوت الأسواق وهرع الجميع لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه, فهمت وتخيلت معني تلك الأية بدقة
فما حدث مؤخرا من تهاوي للأسواق والأسعار وإنتشار للكساد والركود والإنكماش هو تمثيل حقيقي لما يمكن أن يحدثه الربا في حياة الناس وما يمكن أن يحدث في أي لحظة في إقتصاد قوامه الربا. ولا أقصد بالربا هنا تلك الفائدة البنكية البسيطة التي يحصر الناس الربا بها, إنما أتحدث هنا عن تلك الأضعاف المضاعفة من المال غير الحقيقي, مال من لا شئ, مال على الورق ليس له أي رصيد في الواقع.
فأنت عندما تضع ألف دولار في البنك فهي بقدرة قادر تتحول الي ألفين أو ثلاثة على الورق وعندما تقترض من البنك فالبنك قادر على بيع ذلك القرض لمؤسست مالية أخري والحصول على المال فورا وتحويله الي أضعاف مضاعفة على الورق وهكذا عندما تشتري سيارة أو بيتا بالتقسيط فكله مال إئتماني تخيلي على الورق معرض في أي لحظة للإختفاء كما حدث الأن ، فالبنوك وشركات التأمين والرهن العقاري ونحوها من الشركات المالية تعتمد في عملها على ذلك المال التخيلي والإتماني مما يجعل إقتصاد العالم كله قائما على مال غير حقيقي.كالبنيان القائم على أساس هش. أما النظام المالي الإسلامي الذي وهبه الله للإنسان فهو نظام متناسق مع فطرة البشر لأنه قائم على المال الحقيقي ويعتمد مجهود الإنسان فقط في تنميته وتطويره وزيادته من خلال الإستثمار المباشر.
وبدلا من أن نقدم في عالمنا الإسلامي إقتصادا حقيقا للعالم ينقذهم مما هم فيه, ترانا نلحق بالركب ونعيش في وهم الأزمة المالية التي عصفت بنا فتنهار الأسواق لدينا ويبداء الإنكماش في إقتصادياتنا بل ونكون غنيمة بأموالنا لإنقاذ الأخرين.
فالديون ليست من سماتنا كما هو الحال في الغرب ونملك من السيولة ما تفيض به البنوك ومازالت الحكومة في دولنا تمسك بزمام الأمور ولم نصل –والحمد لله- الي الإقتصاد المفتوح تماما, وبالتالي لا نملك من الأزمة المالية الحالية إلا إسمها
نحن مؤهلون بقوة لقيادة العالم إقتصاديا لوكان لدينا الإستعداد لدلك, فالسيولة التي نملك والإقتصاد الدي يمكن أن نوفره كبيدل للعالم هي كنزنا الذي ينتظره العالم منا, فهل من مجيب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي