شركاتنا خارج الحدود

صالح الشامخ

لفت انتباهي خبر نشر في صحيفة الاقتصادية يوم الأحد 25 يناير 2009 ، مفاده رفض قاض في المحكمة الفدرالية الإقليمية في هيوستن ست قضايا رئيسية ضد أرامكو السعودية وشركة البترول الوطنية الفنزويلية "بتروليوس دي فنزويلا" وشركة روسية هي "أو إيه أو لوك أويل" (تستهدف كل قضية واحدة أو أكثر من هذه الشركات الثلاث) إلى جانب الشركات التابعة لها في الولايات المتحدة.
ما لفت نظري ليس رفض القاضي لهذه القضايا (رغم سعادتي لهذا الرفض خاصة فيما يتعلق بشركة ارامكو السعودية) الملفت للانتباه هو سهولة رفع القضايا على الشركات الأجنبية العاملة داخل أمريكا مما قد يعرضها لتكبد خسائر مالية كبيرة جدا وبالتالي عليها بتحصين نفسها قانونيا خاصة فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية وقضايا الإغراق والبيئة وطبيعة النشاط وعدم السماح بوجود ثغرات قانونية قد تستفيد منها جهات معينة كالمنافسين أو اتحادات المصنعين والمستهلكين أو حتى بعض الشركاء كما حصل مع إحدى الشركات السعودية الكبيرة قبل بضع سنوات !
من هذا المنطلق وبناءا على التوجهات الجديدة لبعض شركاتنا العملاقة والتي بدأت مؤخرا بالتوسع دوليا من خلال تملك حصص في بعض الشركات الأجنبية وحيث إن هذه الشركات غالبا ما تركز على الربحية والانتشار على حساب الجوانب القانونية ، فانه من المهم جدا الإلمام بقوانين البلدان التي يتملكون فيها أو يكون لهم فروع فيها ولا يكفي الاعتماد على إدارة قانونية صغيرة داخل الشركة فقضية واحدة كبيرة قد تكلف خزينة الشركة مئات الملايين !
من وجهة نظري أرى بأن تتعاقد هذه الشركات مع مكاتب قانونية كبيرة حتى ولو كانت مكلفة نوعا ما داخل كل بلد تنوي الاستثمار فيه ليكون مستشارا قانونيا قبل اتخاذ أي قرار بالاستثمار الخارجي وليس بعد اتخاذ القرار ، بحيث يقدم المشورة حول نوعية الملكية وكيفية مزاولة النشاط التجاري وغيرة من الاستشارات الهامة بحيث يكون مسئولا عن أي تبعات أو مخالفات قد تنشأ لاحقا.
الملاحظ هو أن اغلب الشركات الكبيرة تهمل الجانب القانوني وتعتبره هامشيا رغم ما يمثله من أهمية قصوى في تجنيب هذه الشركات خسائر فادحة خاصة في ظل ما يعرف بالعولمة والتوسعات خارجيا في دول متقدمة لديها من القوانين الصارمة الشئ الكثير !
إن أي شركة تعمل خارج حدودها الإقليمية فان جميع أنشطتها خاضعة لأنظمة وقوانين البلد التي تعمل فيه بغض النظر عن طبيعة أعمالها ونسبة الملكية في رأس المال وبالتالي يجب تعيين مستشار قانوني محلي لديه إلمام كامل بهذه القوانين قبل أن تقع الفأس في الرأس حينها لا ينفع البكاء على اللبن المسكوب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي