بيانات الوظائف الأمريكية تزيد الضغط على سوق النفط
ستشهد سوق النفط تجاذبا بين التأثير المتوقع لطرفي الخطوات التي تتخذها منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" لخفض الإنتاج من ناحية ومن ثم إزالة الفائض بما يدعم سعر البرميل، وبين تأثير الأزمة الأقتصادية وحالة الكساد التي تدفع السعر إلى أسفل.
ففي الأسبوع الماضي عاد العامل الاقتصادي ليؤثر في تحركات سعر البرميل بصورة أوضح بعد ورود دلائل جديدة على تعمق الأزمة وآخر المؤشرات في هذا الخصوص ارتفاعت نسبة فقدان الوظائف في السوق الأمريكية وذلك في أقوى مؤشر على الكساد في أكبر اقتصاد ومستهلك للنفط في العالم.
ففي الشهر الماضي فقد 524 ألفا وظائفهم، وهو ما يرفع العدد الكلي للمتأثرين العام الماضي كله إلى 2.6 مليون شخص، وهو أعلى رقم منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك بالرغم من أن حجم العمالة تصاعد ثلاث مرات منذ ذلك الوقت، وأدى هذا الوضع إلى رفع نسبة العطالة إلى 7.2 في المائة، وهي أعلى نسبة منذ عام 1993، ونتيجة لهذا تراجع سعر برميل النفط إلى ما دون 40 دولارا لأول مرة منذ بداية هذا العام.
وأسهم في التراجع الأرقام الواردة عن حجم المخزونات الأمريكية الذي شهد ارتفاعا، ووفقا للتقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة فقد تصاعد حجم المخزون من النفط الخام 6.7 مليون برميل إلى 325.4 مليون برميل، وهو ما يزيد على 1.5 مليون كانت متوقعة كزيادة في حجم مخزون الخام. والبنزين قفز مخزونه 3.3 مليون برميل إلى 211.4 مليون، كما زاد المخزون من المقطرات 1.8 مليون برميل إلى 137.8 مليون برميل.
ومن ناحية أخرى تصاعد حجم الوارد من النفط الخام 1.2 مليون برميل إلى 10.5 مليون، كما بلغ الواصل إلى المصافي 14.5 مليون برميل يوميا، بزيادة 332 ألفا.
لكن من الجانب الآخر هناك مؤشرات عديدة أن الدول الأعضاء في "أوبك" بقيادة السعودية تقوم بتبليغ زبائنها بخفض إمداداتها إليهم، بل إن حجم هذا الخفض مرشح للزيادة الشهر المقبل، وهو ما يوفر نسبة التزام معقولة ببرنامج تقليص الإمدادات يمكن أن تسهم في تقليل حجم الغطاء النفطي الاستهلاكي الذي بلغ أواخر العام نحو 57 يوما.
ومع موجة البرد الحالية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، فإن هناك احتمالا كبيرا أن يتراجع حجم الغطاء الاستهلاكي هذا إلى 52 يوما تراها دول "أوبك" المعدل الملائم الذي يسمح في نهاية الأمر بحدوث توازن بين العرض والطلب ويزيل عنصر ضغط على الأسعار.
من ناحية أخرى، فإن العامل الجيوسياسي والحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة لعبا دورا الأسبوع الماضي في تحسين موقف سعر البرميل، يبدو أنه فقد تأثيره الداعم بسبب تراجع المخاوف من فتح جبهة ثانية إثر نفي حزب الله أنه وراء الصواريخ التي أطلقت الأسبوع الماضي، وكذلك استبعاد وزير الخارجية سعود الفيصل القيام بحظر نفطي.
ويلاحظ أن التقرير الأخير لـ "دويتشه بانك" سجل تراجعا في توقعه لمعدل سعر البرميل إلى 45 دولارا من 50 دولارا، لكن بعض المحللين يشيرون إلى امتلاء المستودعات في كشنق في ولاية أوكلاهوما، الأمر الذي أدى إلى أن يصل حجم الفروقات بين خامي ويست تكساس وبرنت في شحنات شباط (فبراير) إلى أربعة دولارات ومعلوم أن الفرق وصل أحيانا إلى سبعة دولارات في عام 2007، وعندما يتسع هذا الفرق فهو مؤشر على ضعف سعري.
ومع أن الارتفاع في حجم المخزون من النفط الخام سجل زيادة بلغت 6.7 مليون برميل الأسبوع الماضي، إلا أن الأرقام الخاصة بحجم العاطلين عن العمل تمثل مؤشرا قويا على هشاشة الوضع الاقتصادي، وتأثير ذلك في سعر برميل النفط.