أطفال الطبيعة!
خلال عصر التنوير الأوروبي وضع رائد الفلسفة الطبيعية جان جاك روسو منهجاً تربوياً يتوجّه لتربية الطفل، كان هذا المنهج بمثابة ثورة تربوية في عصره وحتى يومنا هذا.
وضع روسو تصوراته هذه على شكل رواية طويلة ( إميل ) لتقترب من القرّاء، ففي نظره كون المعلومات كتبت بصورة درامية اقتربت كثيراً من واقع الأشخاص.
تقصّ الرواية حكاية إميل الذي عهد به والداه لروسو للقيام بتهذيبه وتربيته، وتمر الفصول على مراحل عمره بدءاً بعمر السنتين وصولاً لمرحلة البلوغ.
ثمّ خصص جزءاً تحت عنوان صوفي يتوجّه لتربية الفتيات وإعدادهن لحياة الأسرة المستقبلية.
يحثّ روسو المربّين والمعلمين بمراعاة قوانين النموّ لدى الأطفال ويقصد بها النموّ البدني والعقلي والانفعالي، من خلال هذه التقسيمات لا تقدم الخبرات المعرفية للأطفال إلاّ عندما يصبح مهيئاً لها بشكل جيد.
كما يرفض العقوبة البدنية ويرى فيها علاجاً سلبياً لتقويم السلوك، والحلّ الأفضل هو وضع الطفل في مواجهة مع أخطائه وتحمل نتائجها.
فلو كسر طفلك نافذة غرفته وهو يلعب بالكرة، اتركها دون إصلاح لفترة زمنية أو اقتطع أجر إصلاحها من مصروفه اليومي كي يعلم مدى الأذى الذي سببه.
هذه التجربة ( الطبيعية ) ستعلم الطفل درساً لا ينساه بسبب ربط الخبرة بنتائجها وحلولها في الوقت نفسه.
من جهة أخرى شجّع روسو التربية السلبية للأطفال في الفترة العمرية بين عامين و?? عاماً وهي تلك التي لا يحدث فيها تعزيز أو حماية أو توجيه، فالطفل الشجاع ينشأ بفطرته شجاعاً دون تدخل منّا لزرع مخاوف الكبار من المجهول.
إن التجربة الطبيعية مميزة وتضع حلولاً لمختلف المواقف التربوية على الرغم من مضي قرنين من الزمان عليها.
سيكون مفيداً دراستها اليوم وقراءتها من خلال رواية إميل لكسر الأنماط الرتيبة والتي أثبتت عدم كفاءتها في معالجة السلوكيات الخاطئة لدى الأطفال.