النتائج الاقتصادية لقمة مسقط

خيرا فعل قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمتهم الـ 29 في العاصمة العمانية مسقط بالمضي قدما في تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي والمزمع إطلاقه في عام 2010. أيضا كان صائبا قرار القادة مناقشة تذليل الصعاب أمام مشروع تطبيق مشروع السوق المشتركة والذي دخل حيز التنفيذ بداية عام 2008. إضافة إلى ذلك، لا بد من الإشادة بمتابعة قادة دول المجلس للتقارير المرفوعة حيال بعض المشاريع الاقتصادية التكاملية من قبيل استراتيجية التنمية الشاملة حتى عام 2025 والربط المائي فضلا عن مشروع سكة حديد.

الاتحاد النقدي
وكانت التقارير الصحافية الأولية قد أشارت إلى احتمال تأجيل اتخاذ أية قرارات بشأن الاتحاد النقدي حتى القمة التشاورية رقم 11 في السعودية في وقت لاحق من عام 2009. وتمثل الهدف المزعوم بتحاشي إحراج عمان والتي أكدت مرارا عدم رغبتها الانضمام إلى المشروع. أكد أحد المسؤولين العمانيين قبل انطلاق أعمال القمة أن السلطنة لن تنضم إلى الاتحاد النقدي ليس فقط في 2010 بل حتى 2100.
وفي كل الأحوال، اعتمد المجلس اتفاقية الاتحاد النقدي المتضمنة الأطر التشريعية والمؤسسية له كما اعتمد النظام الأساسي للمجلس النقدي. وشدد البيان على سرعة مصادقة الدول الأعضاء على الاتفاقية حتى يتسنى إنشاء المجلس النقدي الذي سيتولى استكمال المتطلبات الفنية إلى الاتحاد النقدي والتهيئة لتأسيس البنك المركزي ومن ثم إصدار العملة الموحدة.
ويقضي برنامج العمل دخول اتفاقية الاتحاد النقدي حيز التنفيذ بحلول موعد نهاية 12 كانون الأول (ديسمبر) 2009. وعلى هذا الأساس المطلوب من الدول الأعضاء ضمان إنهاء جميع الأمور المتعلقة بالمصادقة على الاتفاقية خلال العام الجاري. يتوقع حدوث مناقشات حادة أثناء مداولات أعضاء مجلس الأمة والبرلمان البحريني لمشروع الاتحاد النقدي وذلك في إطار تقييم مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي.
ويبدو أن دول المجلس تتجه لاتخاذ قرار في منتصف العام الجاري بشأن المدينة التي ستستضيف البنك المركزي الخليجي. وتبين أن أربع دول وهي: السعودية، الإمارات، قطر، والبحرين ترغب في استضافة البنك المركزي. من جهة أخرى، لا يبدو هناك إصرارا من الدول الأعضاء على إطلاق العملة الموحدة في عام 2010. في المقابل، ينصب التركيز في الوقت الحاضر على وضع البنية التحتية للمشروع, خصوصا المجلس النقدي وإنشاء البنك المركزي في الموعد المحدد.

شروط الاتحاد النقدي
يتضمن مشروع الاتحاد النقدي مجموعة من المعايير تتمثل في تقييد الدين العام بنسبة 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي, فضلا عن ضمان بعدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. أيضا المطلوب من الدول الأعضاء التأكد من عدم ارتفاع مستوى التضخم لأي دولة عن متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المائة. كما ينبغي ألا تزيد أسعار الفائدة على متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المائة. أخيرا المطلوب من الدول الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر.
استنادا إلى تقرير صادر من مركز دبي المالي العالمي، تستوفي الدول الأعضاء جميع الشروط المتعلقة بالاتحاد في الوقت الحاضر باستثناء قطر والإمارات فيما يخص معيار التضخم. بلغ متوسط التضخم 6.91 في المائة في دول المجلس في عام 2007. وتقتضي الشروط عدم ارتفاع مستوى التضخم عن المتوسط زائد 2 في المائة أي 8.91 في المائة كحد أقصى. لكن تبين أن معدل التضخم فاق هذا الرقم في قطر والإمارات حيث بلغ 12 و14 في المائة على التوالي.

تنفيذ السوق المشتركة
وكما كان متوقعا، اتفق القادة على تعزيز الخطوات الكفيلة للتطبيق الكامل لمشروع السوق الخليجية المشتركة. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء. بدأت دول مجلس التعاون بتنفيذ متطلبات السوق المشتركة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في بداية عام 2008.
يشتمل مشروع السوق المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي على عشرة مسارات وهي: 1) حرية التنقل والإقامة. 2) العمل في القطاعات الحكومية والأهلية. 3) التأمين الاجتماعي والتقاعد. 4) ممارسة المهن والحرف. 5) مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية. 6) تملك العقار. 7) انتقال رؤوس الأموال. 8) المساواة في المعاملة الضريبة. 9) تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات. 10) الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.

الاتحاد الجمركي
كما تطرقت القمة إلى موضوع آخر يخدم عملية التكامل الاقتصادي وتحديدا الاتحاد الجمركي. يعود تاريخ دخول اتفاقية الاتحاد الجمركي إلى حيز التنفيذ للعام 2003. لكن لوحظ أن البيان الختامي لم يشر إلى بعض القضايا العالقة في تطبيق المشروع بشكل كامل مثل كيفية اقتسام الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء.
عموما، يستشف من البيان استمرار وجود نقاط خلاف بين الدول الأعضاء في بعض التفاصيل المتعلقة بمشروع الاتحاد الجمركي والذي يرتكز أصلا على مبدأ توحيد السياسات التجارية مع الدول غير الأعضاء في المنظومة. ختاما، ليس من الواقع تصور تقديم حلول لمختلف التحديات الاقتصادية من خلال قمة واحدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي