حاول أن تسمعني أولا

وأنت تمضي قدما في حياتك مركزا على ابتكار خطط وأهداف تتسلق عبرها سلم نجاحك بسرعة قد تنسى أن هناك آخرين حولك في أسرتك تتأثر حياتهم ونفسياتهم بكل قرار تغيير تصنعه في حياتك، فهم مهتمون بمتابعة تغييراتك لأنهم أنفقوا من أجلك الكثير من الجهد والوقت والمال، ولذلك تجدهم أحيانا يرغبون في أن تتغير ولكن على النحو الذي يريدونه، وقد يكون اهتمامهم في بعض الأوقات باتجاه رغبة غير معلنة لتجميد مخططاتك حتى لا تتأثر أمورهم فلماذا تعاند بعض الأسر مشاريع أفرادها وتكون أول عقبة في مسيرة نجاحهم ؟ بينما في بعض حالات النجاح الأسري يكون أعضاء الأسرة هم المحفز الأساسي لنمو بعضهم ودعم أهدافهم؟ وما الممارسات الأسرية التي تضاعف من حدوث تلك الحالات الناجحة؟
إن تحقيق الذات وتخطيط الأهداف الشخصية مطلب جيد لكنه لا يبيح للفرد تجاوز حدود من حوله، فهو لا يعيش وحده ومن المهم له، ليربح على المدى الطويل أن يركز على موقف المكسب المشترك للأسرة أي أن يبادر بتفهم الآخرين حتى يتيحوا له آذانا صاغية لفهم رغباته مفهومة، وهذه الحركة الداخلية من الأنا إلى الـ "نحن" هي المسار الصحيح الذي سيمنحنا القدرة على الخروج من قوقعة أنانيتنا لنبني جسور التعاون مع محيطنا العائلي، وقد نخطو واسعة في تحقيق ذلك بداية بتخصيص وقت أسري نوعي لتعزيز مهارة التعاطف والإنصات بين أفراد الأسرة وتفهم احتياجاتهم ووجهات نظرهم، فعبر انتقالك إلى مواقع إدراكهم واكتشاف طبيعة الزوايا التي ينظرون بها للأمور سيسهل لك التفاهم معهم بنفس مفاتيح خريطتهم، فلنتخيل شخصين يجلسان قبالة بعضهما بعضا، وينظران إلى صندوق له لون مختلف من كل جهة، فهو أبيض من الطرف الأيمن وأسود من الطرف الأيسر، فأحد الأشخاص لا يرى سوى الجهة البيضاء لآخر لا يرى سوى السوداء، وإذا اعتمد كل منهما وجهة نظره الشخصية فقط فلن يتمكنا من الاتفاق على لون الصندوق، وسيبقى تعرفهما عليه جزئيا ناقصا، إلا بعد أن يتبادل كل منهما وجهة نظره مع الآخر عبر التواصل البناء، والأمر نفسه ينطبق على التواصل الأسري، فنحن لا نشعر بكل ما يعيشه أفراد أسرتنا ويبقى تفهمنا لهم جزئيا، ولهذا، فإن تعاطفهم مع اهتماماتنا خافتا، ودون ذلك التفهم والتعاطف من الطرفين لن يتحقق الدعم الأسري، فعندما تستمع بصدق بداية لعائلتك سيشجعهم ذلك على الإصغاء لك ثم الدعم لمخططاتك، لأن أقوى ما يلهث وراءه الإنسان نفسيا هو أن يفهمه من حوله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي