كمواطن.. ماذا أتمنى من الميزانية؟
صدرت ميزانية الحكومة السعودية وكنا نتمنى أن يكون هناك المزيد من المعلومات والتفاصيل وما جاء سوى أن الإيرادات يتوقع أن تكون 410 مليارات ريال وأن الإنفاق الحكومي سيكون 475 مليار ريال والعجز سيكون 65 مليار ريال. المواطن والقطاعات الاقتصادية تنظر أكثر وأعمق من السابق خاصة أن الأعوام الماضية كونت الدولة احتياطيات ضخمة لو أخذنا السنة الحالية لكفتنا (الإيرادات 1100 مليار والإنفاق 510 مليارات ريال والوفر 590 مليار ريال). الميزانية حسبما أعلن ترى أن الإنفاق الحكومي سيتراجع من 510 مليارات ريال ليصبح 475 مليار ريال أي بنحو 35 مليار ريال. الميزانية تحدثت أن العام الماضي كانت هناك مشاريع بنحو 165 مليار ريال لم يتم منها سوى 120 مليار ريال بتراجع 45 مليار ريال والمتوقع خلال العام الحالي أن تصرف الدولة على المشاريع 225 مليار ريال.
الكل يعرف أن السعودية حكومة لا تزال وستستمر قوة اقتصادية وأن القدرة المالية المتوافرة تستطيع أن تدعم وتنمي الاقتصاد المحلي وتوجد القوة الدافعة لتنعكس كرفاهية للمواطن مستقبلا الذي لا يزال ينتظر الطفرة وينتظر الوعود باستمرار وزيادة الإنفاق بعيداً عن وهم وشبح التضخم الذي يتحجج به البعض ليخفض أو يحجم الإنفاق الحكومي. أعتقد أن المواطن تعب من الانتظار ومن الوعود خاصة أن الدولة تتوافر لها القدرة والإمكانية المادية ليستفيد منها المواطن. وعليه سأبني تمنياتي وأمنياتي من الثوابت السابقة ومع تطمينات البنك الدولي ووكالة فيتش العالمية (التي لم تساعد العالم على تجنب ويلات أزمة الرهن العقاري).
أولا: السيولة وحاجة الاقتصاد المحلي إليها والتي تم الحد منها بحجة أن التضخم سيدمر اقتصادنا وبالتالي لا بد من أن نرتبط بالدولار ونخفف من السيولة الداخلية بالرغم من إننا نقول أننا نعيش طفرة ونمواً ولا نعرف كيف سيمول النمو. للأسف التضخم كما يعرف وتم الحديث عنه لم يدم طويلا التعايش معه لتعود مستويات الأسعار للتراجع والهبوط عالميا وفي المواد الأولية. ولعل تمويل العجز المتوقع 65 ملياراً من الفوائض أو السوق له تأثير مباشر في حجم السيولة. محليا والقطاع البنكي يحتاج إلى الفترة المقبلة لتوافر سيولة حتى لو من خلال خفض الدين العام، لأن البنوك قامت بزيادة حجم رؤوس أموالها والاقتصاد المحلي والمشاريع في حاجة إلى السيولة المحلية نظرا لأن الأسواق العالمية شبه مغلقه وغير متاحة بعد فوضى الرهن العقاري. فهل سيتم توفير السيولة بصورة مباشرة لمن يقدر على توفيرها ويملكها.
ثانيا: أشارت إحصائيات عدة إلى أن السكن نقطة ضعف من زاوية تملك المواطن ومع النمو السكاني والتوجهات الجديدة ومحدودية الزيادة في قروض الصناديق الإقراضية هل سيكون هناك إسكان حكومي من خلال شركة تقيمها الدولة وعلى أراضيها تنشئ مساكن وتملك للمواطن على سنوات طويلة بحماية المواطن من غلاء الأراضي وغلاء تكاليف البناء وغلاء تكلفة القروض؟ في كل أو معظم دول العالم يمكن للمواطن متوسط الدخل أن يتملك المسكن ولا يستأجره ولكن التركيبة الحالية في السوق العقارية ومستويات الأسعار بفعل المضاربات تجعل منزلاً بسعر نصف مليون ريال حلما مستحيلا في حين أن ذلك في مقدور الدولة وتحت يدها.
ثالثا: الشركات المتوسطة والصغيرة هي أكثر من سيعاني في الظروف الحالية بسبب نقص السيولة وامتناع البنوك عنها وسبق وأن تدخلت الدولة وقدمت مشروعا وتحاول من خلال بنك التسليف الدعم ولكن القضية تحتاج إلى أبعد من ذلك. ولنأخذ مثالا بسيطا على ما يجب أن يتم عمله وخاصة من المدن الصناعية. لو أراد مواطن بناء مصنع بلاستيك في مساحة ألف متر مربع ومع السكن والمخزون لوجد نفسه أمام مصروفات رأسمالية إضافية تتجاوز مليوني ريال مع أن معداته لا تتجاوز نصف مليون ريال وكان من المفترض توافرها له وبتكلفة على فترة طويلة ليستطيع أن ينجح ويحقق تطلعاته.
رابعا: دعم النمو والانتعاش الاقتصادي حتى لا نعود إلى مشكلة البطالة بين أبنائنا وفي ظل النمو السكاني الكبير والذي سيفرز مشكلات اجتماعية واقتصادية نحن لسنا في حاجة إليها. ولعل توفير التمويل وخاصة في ظل المدن الاقتصادية وربما ضعف القطاع الخاص في تكملة المشوار يسند ويعيد الدور للدولة. المشكلة أن سياسة وقوف الدولة موقف المتفرج حسب اقتصاد السوق انهارت في الولايات المتحدة والاقتصاد الغربي والنامي دون استثناء وأن هذه النظرية ثبت عدم صلاحيتها وتطبيقها لكل الظروف والأوقات.
خامسا: هناك أمان عدة وهناك حلول اتخذت وما نتمناه هو استمرارها ولم تتكلم الميزانية عنها وهي في مدار التعليم والدعم أي القرارات التي اتخذت العام الماضي وأتمنى مع الظروف الحالية العالمية استمرارها حتى تخفف عنا العبء.
ختاما: نحن في حاجة إلى حلول لمشكلاتنا ويجب أن يكون دور الدولة أكثر تفاعلا وإيجابية لأن الدولة هي من يملك المقدرة في المرحلة المقبلة.