بركة البيت
وجّه إليّ ذات مرّة سؤال عن أكثر ما أندم عليه اليوم، وكانت إجابتي بلا تردد: عدم قضائي وقتاً كافياً مع جدي لوالدي فقد كان - رحمة الله - عليه كنزاً من كنوز الدنيا التي فرطت بها!
فوّت على نفسي فرصة الاستفادة من خبراته الحياتية والتاريخ العابق الذي سجلته ذاكرته، أو بأقل جهد منّي تسجيل ما يمكن تسجيله من تلك الحكايات.
لا أعاني من هذا وحدي فالكثير يدركون ما يخلفه فقد كبار العائلة أخيرا، لذا وجب التذكير بهم في كل حين وتعويد الأطفال والكبار على إظهار التقدير لهم والوجود حولهم كلما كان ذلك ممكناً.
الأجداد والجدّات لم يخطئ الذي لقبهم بـ " بركة البيت " فهم كذلك، وجودهم يشيع جوا من المرح والروحانية في الوقت نفسه.
يحرصون على الاجتهاد في العبادة والمحافظة على الخصال الطيبة التي كبروا عليها كتقدير الجار ورعاية الأطفال عن قرب بعيداً عن الاتكال على العمالة الوافدة!
ويكفي وجودهم في مكان ما حتّى يجتمع أفراد العائلة للسلام عليهم والجلوس بقربهم، لهذا يكون ساكنو المنزل من أكثر الأشخاص تقبلاً للمناسبات الاجتماعية والزيارات.
ويكبر الصغار وأمام أعينهم الصورة المثالية للأسرة، الوالدان والجدّان تحت سقف واحد، يتشارك في رعايته جميعهم فينشأ بشخصية تتكامل فيها التربية الحديثة بالقديمة.
إن الوجود بقرب كبير السنّ يجب أن يترافق والكلمة الطيبة ولمسة الشكر والحنان التي يحتاج إليها الإنسان وهو يقترب من ختام رحلته – وهكذا يشعر – فهو بحاجة للمكافأة المعنوية قبل المادية لكل ما قدمه لأسرته في مسار حياته، ولا يعني ذلك الاهتمام بأولئك الذين حققوا نجاحات عملية أو علمية فقط فالتربية هي الإنجاز الأكبر الذي يحققه الفرد للمجتمع.
بين أيدينا أوقات فراغ فائضة لا نحسن استغلالها، ونبحث دائما عن جدول أو أنشطة لملء هذا الفراغ.
في بيوتكم خزائن خير وبهجة بانتظار التفاتة اهتمام فلا تهملوها!.