حقيقة المنظومة العقارية
قبل أن نبدأ في تحليل هذه المنظومة، لابد أن نتعرف على ماهيتها لنصل إلى حقيقتها. إن المنظومة العقارية هي كل الأنشطة التي تندرج تحت اسم العقار، التي باكتمال تلك الأنشطة يتم تقدير وتحليل حقيقة الأنشطة العقارية في أي مكان، وترتكز المنظومة العقارية حقيقةً على ثلاثة عناصر رئيسه:
أولها: شراء أو توفير العقارات والمقصود بذلك الأراضي الخام بالمساحات الشاسعة على الوجه العام.
ثانياً: التطوير، وذاك ينقسم إلى قسمين، تطوير بنى تحتية وتطوير بنى فوقية وفي التطوير ذاته تختلف الأنشطة تبعاً للمستهدف فهناك تطوير سكني ـ تجاري ـ صناعي وكذلك استخدامات متعددة... إلخ
ثالثاً: الخدمات ويندرج تحت ذلك كل الأعمال والأنشطة التي تفضي إلى إخراج العقار كمنتج مثل قطاع المقاولات، المكاتب الاستشارية، والهندسية. وكذلك تلك الخدمات التي تشمل إدارة العقارات وإطالة عمرها مثل أنشطة الخدمات العقارية من تسويق، إدارة أملاك، وتشغيل وصيانة، كما أن التمويل - سواء للأفراد بأنظمة الرهن وخلافه أو تمويل المشاريع - يعد من الخدمات المكملة لتلك المنظومة.
وحينما نحلل حقيقة تلك العناصر في سوقنا المحلية نجد أن شراء الأراضي بمساحات شاسعة هو نشاط قد تطور على مر العقود الأربعة السابقة، وكذلك تخطيطها وقد تطورت من حيث البنية التحتية منذ الثمانينيات الميلادية حتى اليوم، فقد كانت الدولة في مراحل سابقة لذلك تخطط الأراضي وتوزعها قبل اكتمال السفلتة والكهرباء على سبيل المثال، فتوزع الأراضي وتعمل على استكمال تلك البنى في الوقت نفسه. وقد تطور ذلك حتى أصبح تجار العقار يقومون بذلك حتى تكون نظاما واضحا لمتطلبات التطوير ضمن الجهات المعنية التي بها تم تقنين عمليات تطوير البنى التحتية التي يقوم بها تجار العقار بهدف بيع تلك الأراضي، وكان ذلك غالباً خاصا بالمشاريع السكنية. أما المشاريع الصناعية فقد أخذت الدولة على عاتقها تطويرها حتى بدأنا نلحظ اليوم إشراك رجال الأعمال في تطوير وتخطيط تلك البنى التحتية الخاصة بالمدن والمشاريع الصناعية. وقد تطورت المنظومة العقارية في المملكة من خلال تطورٍ أقرب ما يكون إلى عشوائي نظراً لتسارع تطور المملكة ذاتها. فالمكاتب الهندسية على سبيل المثال التي عملت في السوق المحلية بدايةً كانت غير سعودية وذلك نظراً لقلة الموارد التخصصية في تلك المجالات وفي الوقت نفسه كان التمويل الخاص بالأفراد لبناء مساكنهم يموّل من قبل الدولة من خلال الصندوق العقاري. أما تطوير المشاريع كبنى تحتية فكان يموّل من خلال التمويل الشخصي أو بالمساهمات حتى أصبحت المصارف اليوم في كلا الحالتين (الأفراد والمشاريع) تساعد على تمويل تلك المشاريع.
ولو استطلعنا قطاع المقاولات فقد كانت تتطور من خلال ليس فقط العمالة وأنظمتها بل حتى بموادها الأولية فمن استخدام الأحــجار والمرابيع الخشبية إلى الطوب الأسمنتي والحديد. ومن خـــــــلال المكــــاتب العقــــارية الفردية (السماسرة) كانت تقدم خدمات التسويق والعروض حتى تطورت مع الزمن إلى إدارة الأملاك. وحينما نقف وقفة تأمل لهذه المنظومة نجد أنه تكّون بين عناصرها الرئيسة فراغات لم يتم بعد تجسيرها لغياب الرابط أو العامل المشترك المنظِم لتلك المنظومة، فنحن اليوم نجد أن التطوير الشامل (بنى تحتية وفوقية) أصبح رغبة ملحه لسوقنا المحلي نظراً لازدياد حجم الطلب المتراكم على الوحدات السكنية وفي الوقت نفسه المكاتب الاستشارية المحلية في غالبها لا تملك اليوم الخبرة في تخطيط هذه المشاريع، ناهيك عن أن تلك الجهات التي تمتلك خبرة إدارة تلك المشاريع أثناء تنفيذها وبعد إنجازها قد لا تكون كافية لاحتياج السوق، والحديث عن وجود مسوقين متخصصين لهذه المشاريع هـــو نادر. ومن خـــــلال ذلك لو تصورنا أن تلك العناصـــر الأساســية (شراء الأراضي، التطوير، الخدمات العقارية) هي بمثابة تروس تعمل لصالح تنمية وتطوير السوق المحلية العقارية فإن أسنان تلك التروس غير متطابقة بعد، ولابد في ذلك من وجهة نظري من العمل على ربط عناصر هذه المنظومة لتكتمل المنظومة من خلال اكتمال أدنى متطلباتها لنبدأ مرحلة جديدة لتنميتها بعد اكتمالها.