الزيتون يرتق ثوب الجوف الاقتصادي
الزيتون يرتق ثوب الجوف الاقتصادي
بدأ مهرجان الزيتون في دورته الثانية حافلا بعديد من الأنشطة والفعاليات العلمية والثقافية والاجتماعية والترفيهية, والآن حان وقت العد التنازلي لاختتام المهرجان الأضخم على مستوى الخليج العربي الذي يختص بشجرة الزيتون وصناعاتها التحويلية, في الوقت ذاته أصبح المهرجان فرس الرهان الذي تمتطيه مشاريع التنمية في منطقة الجوف, المهرجان بدأ قوياً من التخطيط والتنظيم والمتابعة المباشرة من قبل أمير المنطقة الذي لم يدخر جهدا في دعم المناشط والمتطلبات كافة اللازمة لإقامة مثل هذا المهرجان, إضافة إلى الجهد الكبير الذي يبذله أمير الجوف في متابعة ومراقبة سير الفعاليات المجدولة مسبقاً.
#2#
كما تبنى المهرجان في دورته الثانية كثيرا من الأفكار الخلابة التي سوقت للمهرجان بشكل واضح وملحوظ خارج المنطقة, بل تعدت لبعض الدول العربية والغربية وأبرزها فريق العروض الكندي في الجانب الترفيهي والأمسيات الشعرية في الجانب الاجتماعي ومعارض الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي في الجانب الثقافي والندوات والمحاضرات والدورات المتخصصة في الجانب العلمي, حيث رأت اللجنة المنظمة للفعاليات مراعاة أذواق شرائح المجتمع كافة في تخطيط وتوزيع الفعاليات على مدار عشرين يوما كانت خلالها المنطقة بأكملها تعيش أحلى وأبهى أيامها.
#3#
الزائرون من خارج المنطقة الذين بدءوا يتوافدون منذ انطلاقة المهرجان ازدادت أعدادهم منذ بداية إجازة عيد الأضحى المبارك الذي لم تغفله اللجنة المنظمة, حيث تم التخطيط المسبق والإعداد الجيد لاستقبال زوار المهرجان بفعاليات متنوعة مع زيادة أعدادها عما كانت علية في السابق, الناظر إلى المهرجان في دورته الثانية يلحظ عديدا وكثيرا من الاختلافات والتطور السريع في فترة لم تتجاوز أحد عشر شهرا, أثمرت عن كثير من الأفكار والرؤى والمقترحات الذي تم جمعها وتنقيحها بعد نهاية المهرجان في دورته الأولى, ولعل من أبرز ثمرات مهرجان هذا العام تدشين أمير الجوف (واحة الزيتون الاستثمارية) التي تعد نقلة مفصلية في استثمار زراعة الزيتون والرفع من اقتصاداتها، حيث يحتوي مخطط الواحة على الخدمات كافة للمصانع والمؤسسات, إضافة إلى الخدمات المساندة, الأمر الذي بدأ داعما لهذا التخطيط والتنظير من قبل أمانة منطقة الجوف تصريح الأمير فهد بن بدر خلال حفل تدشين الواحة, حيث أكد أن الهدف من المهرجان أن يكون نافذة تعريف وتسويق للمنتج للمواطنين خارج المنطقة وهذا ما بدأ يتحقق, كما دعا أمير الجوف القطاع الخاص والمستثمرين ورجال الأعمال سواء من داخل المنطقة أو خارجها إلى دعم استثمارات المنطقة قائلا: "أكرر دائما أننا نرحب ونشجع ونساند أي مستثمر يأتي إلى المنطقة لأي استثمار يخدم المنطقة بالزيتون أو غير الزيتون", من هذا التوجه لأمير المنطقة تعهد المهندس محمد الناصر أمين أمانة منطقة الجوف ورئيس اللجنة المنظمة للمهرجان باسم أمانة المنطقة بتقديم التسهيلات اللازمة كافة لاحتواء أي مشروع يخدم اقتصاد المنطقة.
#4#
الجوف سلة زراعية متكاملة.. أهلها زرعوا السهول والوديان
تميزت منطقة (الجوف) على مر العصور بأنها منطقة زراعية بحكم تكوينها الطبيعي سواء من حيث طبيعة أراضيها ووفرة مياهها أو حتى مناخها الزراعي، ومنذ القدم توارث أهل الجوف حب الزراعة جيلاً من بعد جيل، فزرعوا السهول والوديان، وسخروا الجبال، وكان لخصوبة أرض الجوف، وتربتها الصالحة للأغراض الزراعية المختلفة، ووفرة المياه العذبة في أرجائها، ومناخها القريب من مناخ البحر الأبيض المتوسط، والقريب من مناخ الجزيرة العربية, دور في جعلها منطقة زراعية ذات طابع خاص، وهو ما لفت أنظار الرحالة الأجانب الذين زاروها وأرّخوا لها في مراحل زمنية مختلفة.
يتحدث المهندس بسام العويش اختصاصي في وحدة أبحاث الزيتون في الجوف, المناخ الزراعي في المنطقة يحمل الإعجاز الإلهي, حيث إن المنطقة تشتهر بزراعة النخيل والزيتون وتكمن الغرابة في إن النخيل يحتاج إلى درجة حرارة عالية على عكس الزيتون الذي يحتاج درجات حرارة منخفضة. وأضاف: كلما اتجهت غربا تشاهد الزيتون, وكلما اتجهت شرقا تجد النخيل, والجوف حاوية لكلتيهما, إضافة إلى جهود الدولة الحثيثة من خلال تطوير الزراعة في المنطقة ودعمها وتقديم التسهيلات للمواطنين للاستثمار الزراعي بشكل يكون عائدا اقتصاديا مميزا, مشيراً إلى اهتمام الدولة بالزراعة في الجوف, ومن ذلك إنشاء مركز أبحاث تنمية المراعي والثروة الحيوانية في الجوف منذ الثمانينيات الميلادية, وقد أقيم في المركز مختبرات كاملة للصحة الحيوانية والتحاليل النباتية وتحاليل التربة والمياه وبيئة المراعي والإنتاج الحيواني, ولفت العويش إلى أنه قبل ست سنوات صدر التوجيه من وزارة الزراعة في المملكة بإنشاء وحدة أبحاث الزيتون في المركز بعدما أصبحت شجرة الزيتون من الركائز الرئيسة في المنطقة، وذلك بزراعة أكثر من خمسة ملايين شجرة زيتون في المنطقة، ما يتطلب رعايتها والعناية بها والمحافظة عليها, والآن تحتضن أراضي الجوف بحسب آخر إحصائية ما يزيد على 13 مليون شجرة زيتون.
زيتون الجوف .. عائد اقتصادي ضخم وزراعة مستمرة
تحدث المهندس غالي الفهيقي رئيس لجنة المزارعين في الغرفة التجارية الصناعية في الجوف عن العوائد الاقتصادية لمنطقة الجوف بعد المهرجان, و"نظراً للعائد الاقتصادي الكبير في زراعة الزيتون لاقتصاديات المنطقة هب كثير من المزارعين في الجوف تتقدمهم كبرى الشركات الزراعية العملاقة لزراعة أشجار الزيتون بأصنافه المختلفة". وأضاف: مع تزايد الأيام وسهولة غرس هذه الشجرة وتزايد عدد أشجار الزيتون ومع الطلب الكبير المتزايد على هذه الشجرة من قبل المزارعين فقد تنبه المستثمرون وقاموا بإنشاء مشاتل متخصصة ومجهزة بالكامل لشتل شجرة الزيتون وتسويقها على المزارعين والبلديات.
وبين أنه بعدما فطن المستثمرون إلى مسألة عصر الزيتون, قامت كبرى الشركات والجمعيات بإنشاء معاصر الزيتون المتطورة في عدد من المدن والمحافظات في منطقة الجوف, وقد باشر المستثمرون أعمالهم بتصاعد واضح وملحوظ, وأصبح المزارع يحمل إنتاجه مباشرة إلى المعصرة ليحصل على كمية من الزيت بثمنها يمنح نفسه دخلاً جيداً يعوض ما أنفقه في الإنتاج طوال عام كامل, حيث بلغ عدد المعاصر 16 معصرة زيتون بعضها يعتبر الأحدث على مستوى المملكة.
معرض الأسر المنتجة والحرفيين.. أيدي أسرنا مصدر رزقنا
يعتبر معرض الأسر المنتجة في مهرجان الزيتون الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار أحد أبرز التطورات في المهرجان خلال دورته الثانية حيث بدأ الجناح شبيها بخلية نحل من خلال منظومة من العاملات اللاتي ينتجن عديدا من الحرف في مجال الخوص والنسيج أو حتى المأكولات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة, في هذا الجانب ذكر حسين الخليفة مدير جهاز تنمية السياحة في الجوف, أن الأسر المنتجة المشاركة حققت عائدا ماديا مرضيا حينما استطاعت تسويق عدد كبير من منتجاتها, حيث احتوى المعرض على أكثر من عشرة آلاف قطعة منتجة يدويا وبأياد نسائية, وأضاف أن تمكن الأسر من بيع إنتاجها يعني تحقيق الهدف الذي تسعى إليه الهيئة العامة للسياحة والآثار من خلال إقامة هذا المعرض, لافتا إلى أنه تم تدريب ما يزيد على 50 سيدة سعودية من قبل جهاز السياحة في الجوف على الحرف اليدوية من سدو وخوص ونسيج.
هذا المعرض كان نواة لسوق شعبية قادمة في الجوف, حيث وجه رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أمانة منطقة الجوف بتوفير سوق تحتضن الأسر المنتجة خلال الفترة القصيرة المقبلة بدعم مباشر من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار أثناء حضوره افتتاح مهرجان الزيتون لعامه الثاني.
وأما الحرف اليدوية فتنوعت ما بين صناعة فحم الزيتون وفتل الحبال وصناعة الملح والسمح وقوالب الطين المستخدمة في بناء بيوت الطين, إضافة لصناعة خبز (الجمري والمصلي), هذه الحرف التي استهوت كثيرين من الزوار, خصوصا القادمين من خارج المنطقة, كما شكلت هذه الحرف رافداً ثابتا للفعاليات اليومية للمهرجان التي تستحوذ على نسبة كبيرة من الزائرين والمشاهدين, خصوصا الأجيال التي لم تعش الحقبة الزمنية لتلك الصناعات والحرف.
#5#
الفنون البصرية.. إبداع عدسة وإتقان ريشة
فتح مهرجان الزيتون الثاني في الجوف الآفاق الثقافية الضوئية والبصرية للمهتمين بهذا المجال, حيث تقرر إقامة معرض للصور الفوتوغرافية والفن التشكيلي ضمن فعاليات المهرجان, وفي هذا الصدد تحدث جلال الخير الله رئيس جماعة الجوف للفنون التشكيلة والمسؤول عن المعرض: شاركنا هذا العام في المهرجان في دورته الثانية بعديد من الأعمال البصرية والضوئية التي لاقت إقبالا واسعا من المهتمين بهذا الشأن من داخل المنطقة وخارجها. وأضاف, هذا العام تم الإعلان عن جائزة للتصوير الفوتوغرافي والمختص بالزيتون وشارك فيه أكثر من 100 مصور ومصورة, مشيراً إلى أن الجائزة ستمنح لعدد من المراكز المتقدمة في معرض التصوير الفوتوغرافي من خلال لجنة مشكلة لهذا الغرض, مؤكدا أن جميع الأعمال التي تقدمت للمعرض تعتبر أعمالا متميزة وجميعها مرشحة للفوز بالجائزة التي سيتم الإعلان عنها خلال اليومين المقبلين.
العروض الكندية البهلوانية وثقافة تجديد الفعاليات
صنعت فعاليات العروض البهلوانية الترفيهية التي يقدمها الفريق الكندي ضمن الفعاليات الترفيهية المصاحبة للمهرجان, ثقافة التجديد في الفعاليات المعتاد عليها في السابق, حيث تابع الجمهور حركات الفريق الكندي في الألعاب كافة التي قدمت طوال 15 يوما في المهرجان.
جاءت العروض الكندية بثلاث ألعاب وهي: الغطس العالي, الترامبلين الجداري, الدراجات الهوائية متمازجة بروح الأداء المحترف.
الحقيقة التي لم يعلمها بعضهم أن مجرد وجود فريق أوروبي بهلواني في الجوف يكون بذلك سجل لنفسه حضور أول فريق بهلواني في شمال المملكة.
ختام الكرنفال
يكون الإثنين المقبل آخر أيام كرنفال الزيتون لهذا العام, حيث تقرر إقامة الحفل وإعلان جائزة الأمير فهد بن بدر للزيتون وتكريم اللجان العاملة في المهرجان, ومن المنتظر أن يحظى الحفل باهتمام كبير من قبل المزارعين الذين يترقبون الجائزة بعد أن سحبت لجنة الجائزة العينات من المزارعين وتحليلها تمهيدا لإعلان الجائزة وفق معاييرها الجديدة.