الدائرة إما خيرة أو شريرة

"هل هذه نهاية البداية أو بداية النهاية" مقولة لتشرشل.
الدائرة شكل مغلق لا تعرف نهايته أو بدايته بل إن كل نقطة أو محطة على محيطها هي بداية أو نهاية. في هذا وصف فقط للطبيعة الميكانيكية والتكاملية التي تشبه طبيعة كل الأنظمة الاجتماعية والإدارية وحتى السياسية. فهي في الغالب أنظمة محكمة بمعنى أن درجة العلاقة والتواصل والتكامل وحركة البداية والنهاية واحدة. الخروج من الدائرة يكون فقط حينما تتلامس مع محيط دائرة أخرى إما إلى الأعلى أو إلى الأسفل أو إلى الجانب. يرفض الإنسان إلا أن يلبس هذه الدائرة بنظام قيمي يسمح له بأن يصف هذه الدائرة بالخيرة أو تلك بالشريرة.
ميكانيكيا، يصرف الإنسان طاقة متماثلة في كلتا الحالتين. فالحفرة تكبر حينما تأخذ منها وكرة الثلج تكبر حينما ندفعها. إدارة البيت والمؤسسة والوزارة والحكومة لا تتعدى هذا الإطار (ميكانيكية الحركة على الدائرة أو الانتقال إلى دائرة أخرى). مقولة تشرشل تناسب كل حالة في كل زمان ومكان ونشاط.
موضوعيا، لا يقبل أحد أن يدور في حلقة مغلقة لوقت طويل، وإذا حدث ذلك فسرعان ما تتغير اللعبة حينما يكتشف البعض سهولة اللعبة ويطمح إلى عبور البعض الآخر على هذا الحبل الرفيع، مما يسبب مخاطر للجميع، لذلك فإن الخيار العملي الواضح هو الانتقال إلى دائرة أخرى. المطلوب منا فقط هو إيجاد البوصلة وتكريس الإجماع القيمي على ركوب الدائرة الخيرة. وما إن نركب مدار تلك الدائرة حتى نجد أنفسنا نراكم النجاح، وما إن نصل إلى نقطة النهاية حتى نجد نقطة تماسها مع دائرة أعلى، وهكذا حتى نصل إلى القمة في الحضارة والإنجاز.
كل مرة تدخل في نقاش حول أي موضوع في الشأن العام تجد أن الحديث يجرك إلى الحديث حول الظروف التاريخية والموضوعية حوله. من هذه الظروف تتلمس الأسباب و المسببات والدوافع والعوائق. ما هذه الأسباب والمسببات إلا نقاط التماس على هذه الدوائر.
لخّص لنا تشرشل وصف الحركة الإنسانية والتنظيمية، فما إن تشرع في تنفيذ خطة أو تبدأ مشروعا إلا وفتح لك آفاقا قد تكون الخطوة الأولى مرحلة محددة هي نهاية البداية أو أنك وصلت إلى خواتم الأمور فيه، وبذلك تكون بداية النهاية التي تأخذك إلى دائرة أخرى. قيل قديما (إن النجاح يجر على بعضه والخيبة تجر على بعضها) وهذه وصفة شعبية للعب على الدوائر. في الدوائر حكمة: النجاح سهل إذا صممت وأحسنت الرؤية ووفرت السبل ولكن السقوط يكون سريعا إذا أهملت أو سقطت البوصلة من يدك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي