حول مؤتمر حوكمة الشركات وأفضل الممارسات

جاء انعقاد المؤتمر السنوي الثالث لحوكمة الشركات في العاصمة القطرية الأسبوع الماضي مناسبا من حيث التوقيت. والإشارة هنا بكل تأكيد إلى الأزمة المالية العالمية والتي لم تنته فصولها بعد، ربما بسبب مشكلة لها صلة مباشرة بمبدأ من مبادئ الحوكمة وتحديدا الشفافية. فهناك اعتقاد مفاده أن أطرافا متعددة لها علاقة بالأزمة، خصوصا الشركات العاملة في مجال التأمين وإعادة التأمين لم تكشف حتى الآن حجم تأثرها بالأزمة. وعليه ما زالت أسواق المال في العالم بما فيها بورصات دول مجلس التعاون تعاني مشكلة الثقة، الأمر الذي يفسر استمرار تراجع أداء المؤشرات.

إعلان الدوحة
انعقد المؤتمر تحت شعار (حوكمة الشركات: هل أصبحت المنطقة لاعباً عالميا؟) حيث ساهم في ترتيبه عدة أطراف، خصوصا معهد حوكمة الشركات (حوكمة). وتميز المؤتمر بخروجه بتوصيات حملت اسم (إعلان الدوحة) تهدف في مجملها إلى تعزيز الثقة بأسواق المال والمؤسسات المالية. وتشمل التوصيات توسعة نطاق الصلاحيات التنظيمية والرقابية للمصارف المركزية، بحيث تشمل المصارف الاستثمارية، وشركات الوساطة المالية ذات الصلة (غير المصرفية).
تُعد هذه التوصية مهمة على خلفية الاتهامات الموجهة لبعض البنوك المركزية في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بعدم تنفيذ رقابة شاملة على البنوك الاستثمارية والتي تسببت في تفجير الأزمة المالية عن طريق تقديمها قروضا لأفراد يفتقرون إلى الملاءة المالية. في المقابل، قدم الزبائن مساكنهم على شكل رهون عقارية مقابل القروض الممنوحة لهم، إذ تبين لاحقا عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية, الأمر الذي مهد الطريق أمام بروز المشكلة.

مكافآت المسؤولين التنفيذيين
إضافة إلى ذلك، أكد الإعلان على ضرورة ربط مكافآت المسؤولين التنفيذيين وهيكلية الحوافز بالأداء على المدى البعيد، ومستوى المخاطر بالنسبة للشركة، وتوفير مزيد من الإفصاح والشفافية بشأن نظام مكافآت المسؤولين التنفيذيين، فضلا عن إخضاع نظام المكافآت لتدقيق المساهمين وموافقتهم. تعد هذه التوصية حيوية في ضوء ترشح معلومات مفادها حصول بعض كبار التنفيذيين في بعض المؤسسات المالية على أموال ومزايا مختلفة لقاء جلبهم مشاريع تجارية عالية المخاطر مثل منتج (الرهن العقاري). وفي إطار خطة الإنقاذ سيقوم الكونجرس الأمريكي بعقد جلسات استماع لبعض التنفيذيين لمعرفة أسباب حصولهم على أموال ضخمة على الرغم من الأداء السلبي لمؤسساتهم. وكان مجلس النواب الأمريكي قد وافق بتاريخ 3 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على خطة إنقاذ بقيمة 700 مليار دولار، تضمنت عقد جلسات استماع حول حصول كبار التنفيذيين في بعض المؤسسات المالية على رواتب وعطايا خيالية.
كما أن هناك توصية أخرى مهمة، تتمثل في تعزيز ممارسات حوكمة الشركات من خلال تطوير كفاءات ومسؤوليات أعضاء مجالس الإدارة، حيث يجب أن يبقوا على اطلاع دائم على أحدث مستجدات القطاع المالي ليتمكنوا من القيام بالمهام المنوطة بهم، حيث من الممكن إخضاعهم للتدريب عند الضرورة. ويجب على مجالس الإدارة إجراء تقييم سنوي لأداء أعضائها الذين يجب أن يكونوا مسؤولين أمام المساهمين. بدورنا نتفق مع هذه التوصية لأن المطلوب من أعضاء مجالس الإدارات المتابعة الدائمة لأوضاع المؤسسات التي يعملون في مجالسها كونهم الجهة المنوط بها تحديد البوصلة واتخاذ القرارات النهائية بخصوص المعاملات.

نتائج دراسة ميدانية
استنادا إلى دراسة حديثة مشتركة بين معهد حوكمة الشركات (حوكمة) ومعهد التمويل الدولي (التابع للبنك الدولي) لا تطبق نسبة كبيرة من البنوك العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أفضل الممارسات. على سبيل المثال، تدمج 42 في المائة من البنوك منصبي الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة، الأمر الذي يتناقض مع مبادئ أفضل الممارسات. أيضا كشفت الدارسة عن سلبية أخرى مفادها أن 25 في المائة فقط من المؤسسات والمصارف والشركات المدرجة في البورصات تنشر الإحصاءات المتعلقة بالأرباح عبر وسائل الإنترنت. إضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن 12 في المائة من المؤسسات المالية تنشر إحصاءات عبر وسائل الإنترنت بخصوص مخصصات كبار المديرين التنفيذيين.

تقرير الشفافية
طالما أن الحديث عن الشفافية، لا بأس التذكير بالأداء غير المقنع لدول مجلس التعاون الخليجي في تقرير الشفافية لعام 2008. فقد حافظت قطر على المرتبة الأولى بين الدول العربية قاطبة بعد أن حلت في المركز رقم 28 عالميا. بدورها نالت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 35 عالميا أي ثاني أفضل نتيجة بين دول مجلس التعاون والدول العربية. وعليه واصلت الإمارات سلسلة تأخرها بعد أن حلت في المرتبة 34 في تقرير عام 2007، فضلا عن المرتبة 31 عالميا في تقرير عام 2006. في المقابل، حققت عمان قفزة نوعية في ترتيبها متقدمة 12 مرتبة في غضون سنة واحدة إلى المركز رقم 41 دوليا. بدورها تقدمت البحرين ثلاث مراتب إلى المرتبة 43 دوليا على خلفية تعزيز الشفافية في منح المناقصات الحكومية مثل القدرة على تقديم عطاءات إلكترونيا. من جهة أخرى، تراجع ترتيب الكويت خمس مراتب إلى المركز 65 عالميا. بدورها تأخرت السعودية مرتبة واحدة إلى المركز 80 دوليا. ختاما أكدت الأزمة المالية أهمية ممارسة الشفافية في المعاملات لتفادي المشكلات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي