روبوت دردشة جديد في شركة "إستي لودر" لعلامتها "جو مالون" أسهم في سد فجوة رقمية. فبينما تعتمد موجة وكلاء الذكاء الاصطناعي للتسوق اقتراح ملابس أو أفضل العروض، فإن "مستشار العطور الذكي" في "جو مالون"، بالتعاون مع "جوجل"، يعطي إحساسا برائحة غير محسوسة!
فالروبوت يتحدث بأسلوب شاعري نابض بالحياة. خلال إحدى الجلسات سأل: "إلى أين تود الذهاب اليوم؟ إلى نضارة بستان؟ أم دفء حديقة أزهارها متفتحة؟ أم ساحل منعش؟" والهدف هو إقناع المتسوقين عبر الإنترنت بإنفاق أكثر من 100 دولار على عطر يقترحه روبوت يستند أساسًا إلى صفات شاعرية وصور من الريف الإنجليزي.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، يقول براين فرانز، رئيس التكنولوجيا والبيانات والتحليلات في "إستي لودر": "لو كنت قد سألت الناس قبل عام: هل يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدتكم في اختيار الروائح؟ لقالوا: لا! يمكنك شم جهاز الآيباد". لكن الشركة تعاونت مع "جوجل كلاود"، التي أرسلت فريقًا من مهندسي الذكاء الاصطناعي مجهزين بنماذج "جيميني"، لقضاء يوم في استنشاق روائح المسك والزهور، إلى أن استطاعوا "فك الشفرة".
كيف أنقذ الإنفاق الأمريكي على الذكاء الاصطناعي الاقتصاد العالمي؟
ومنذ الإطلاق التجريبي في أكتوبر، ارتفعت نسبة مشتريات الذين استخدموا الأداة إلى الضعف تقريبا مقارنة بمن لم يستخدمها، ما جعل "إستي لودر" تحقق أحد الأهداف النادرة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي: أداة تدفع النمو الحقيقي للإيرادات.
شهد سهم الشركة انخفاضًا حادًا خلال السنوات الماضية متأثرًا جزئيًا بتراجع إنفاق المستهلكين الصينيين، لكنه ارتفع بأكثر من 25% منذ تولي ستيفان دو لافافيري منصب الرئيس التنفيذي في يناير. وكانت الشركة متأخرة في اعتماد التجارة الإلكترونية، وهو خطأ يسعى دو لافافيري إلى تصحيحه عبر دفعة رقمية جديدة. وفي أبريل، عين فرانز في منصب جديد مستحدث في الشركة: رئيس التكنولوجيا والبيانات والتحليلات.
ويراهن دو لافافيري بقوة على فئة العطور، التي أصبحت تحظى بشعبية بين المستهلكين الشباب، وعلى الفرص الرقمية داخل هذا المجال.
شركات التقنية الكبرى تراهن على كسلنا.. وتكسب الرهان
كيف تم تدريب روبوت الدردشة على الحديث عن الروائح؟
بدأت الشركة من قاعدة بيانات ضخمة للروائح. ففي عالم العطور، يمكن لصيغة واحدة أن تستند إلى أي مزيج من سبع فئات رئيسية للرائحة (منها الخشب والعنبر)، مع فئات أحدث (مثل العشب والمسك والجلد). وإلى جانب ذلك، لكل عطر تجربة حسية يبعثها، مثل بستان من الإجاص في الخريف أو دلو من التوت الأسود في يوم صيفي حار.
عمل مهندسو جوجل على تزويد نموذج الذكاء الاصطناعي بكلا الأمرين، لكن بعد ذلك اضطروا إلى معالجة مسألة اختيار النوتة العطرية المناسبة.
كيف غيّر الإنترنت الوظائف وأخبرنا عن أثر الذكاء الاصطناعي؟
تدعم نماذج "جيميني" من "جوجل" مجموعة من تجارب التعامل المباشر مع العملاء، من التسوق إلى المطاعم، لكن اختيار رائحة مميزة مسألة ذوق شخصي مختلفة. وقالت شركة التجميل إنه من المهم أن يملك الروبوت مهارات المساعدين الحقيقيين في المتجر.
ولتحقيق ذلك، سجل فريق "جوجل كلاود" وحلل الطريقة التي يتحدث بها مصممو العطور والمساعدون مع العملاء، بما في ذلك منهجية TED، أو "أخبر، اشرح، صف". قال خوسيه جوميز، نائب الرئيس لشؤون البيع بالتجزئة: "عندما لا يكون شم الرائحة خيارا متاحا، عليك أن تصفها بلغة بليغة مؤثرة".
وبحسب "إستي لودر"، قد تطبق مثل هذه النماذج على بقية علامات العطور التابعة لها، مثل "كيليان باريس" و"توم فورد بيوتي".
ويختتم فرانز: "إذا وضعنا المستهلك في قلب التجربة وسخرنا التكنولوجيا بالشكل الصحيح، يمكننا إحداث فرق كبير في أداء شركات إستي لودر".

