حرب جواسيس في «تويتر» .. وعلينا الاقتداء بالصينيين

حرب جواسيس في «تويتر» .. وعلينا الاقتداء بالصينيين
حرب جواسيس في «تويتر» .. وعلينا الاقتداء بالصينيين
حرب جواسيس في «تويتر» .. وعلينا الاقتداء بالصينيين

قال الدكتور عبد الله بن موسى الطاير الكاتب والأكاديمي المهتم بالدراسات الاستراتيجية إن صوت التطرف الفكري والشطط في المواقف يغلب في “تويتر” وله رموزه ونجومه ويعملون على تأجيج الرأي العام. وأكد وجود حرب جواسيس في “تويتر” . وطالب الطاير في حوار مع “الاقتصادية” بالعودة مرة أخرى للطريقة المثلى للتعامل مع التطرف من خلال الوعي والتشريعات. واعتبر أن الأجهزة المعنية بتقنين المحتوى ووضع التشريعات المناسبة للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي ينبغي أن تطور أساليب عملها وإشراك الشباب في القرار المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي. وسلط الضوء على المعلومات التي أوردها في “ملتقى المسؤولية الاجتماعية تجاه الشباب” حول «هاشتاق» حملة قيادة المرأة السيارة في 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 ومشاركة 470 ألف ناشط مصري، و170 ألف إيراني، و50 ألفاً من الولايات المتحدة للتغريد عبره. إلى نص الحوار:

#2#

تــحــدثــتـم في مــلـــتـــقـــى المسؤولية الاجتماعية لدى الشباب عن أرقام صادمة..
هل واقعنا الافتراضي خطير لهذا الحد؟
المعلومة الآن على قارعة الطريق، عليك فقط أن تعرف كيف تلتقطها وهذي كانت محاولة تجريب أدوات "تعدين المعلومات" وتم تجريب عدة أدوات في اللغة العربية وخرجنا بعدد من المعلومات والإحصاءات التي توصلنا إليها، وما دفعني لذلك هو اهتمامي بتحليل الخطاب، وذلك أعطاني بعدا آخر للبحث عن المعلومة وتحليلها وعموما أنت تستطيع أن تشتري من "تويتر" ما تريد وتحلله كما تشاء.
كيف تقيمون حالة المغرد السعودي في "تويتر" على نحو عام؟
"تويتر" صورة مجتمع واسع، فيه من يغرد بالخير، وفيه من يغرد بالشر، ويتداخل فيه المحلي بالعالمي، وتتفاعل فيه المصالح العامة مع المصالح الخاصة، ولكن يبقى الصوت المتطرف هو الأعلى بكل أسف.
البعض يستخدم "تويتر" لممارسة مراهقته الفكرية والسياسية، وهناك من حوله ساحة معركة هو بطلها. هناك ثوار بلا قضايا، وهناك من يشخصون لك الشؤون السعودية ويصفون الدواء وهم على أرائك الاستراحات، وهناك من يجاهدون من مخادعهم، وصنف أخير يستخدم هذه الوسيلة لما اخترعت له. هناك حروب جواسيس، وهناك معارك دول، هناك معلومات مفيدة، ورأي متعقل، واللعبة تسع الجميع، والمؤمن كيّس فطن. ولذلك يصبح السؤل مشروعا عن جدوى هذا التواجد السعودي على "تويتر" مثلا، وما هي النتائج الإيجابية المتوقعة على مجتمعنا وتنميتنا ووحدتنا الوطنية ومكتسبات وطننا وعلاقة أفراده بعضهم بعضا.
أحد الزملاء الإعلاميين التقى رئيس وزراء الصين خلال زيارته لها، فسأله المسؤول الصيني عن أكثر شيء لفت انتباهه في الصين وأجاب "أكثر شيء لفت انتباهي في الصين أنه لا يوجد لديكم تويتر ولا فيس بوك رغم وجود وسائلكم البديلة" فأجابه المسؤول الصيني بما معناه" إننا دولة فيها أكثر من مليار ونصف إنسان ولدينا صراع تنموي ونبني بحيث تكون دولتنا ضمن الدول الصناعية الكبرى، وبالتالي فنحن لسنا معنيين بأن ننشغل بما يدور في وسائل التواصل الإلكتروني من خلافات وحشد مضاد". ومع ذلك فإن في الصين أكثر من مليوني خبير يعملون على رصد وتحليل كل ما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي المحلية ويقدمون خدمة تنبيهات فورية لصناع القرار حول أهم الموضوعات التي يدور حولها النقاش في وسائل التواصل الاجتماعي.
مواطن الدول الصناعية الكبرى وصل إلى مستوى وعي كبير ويفهم ثقافة التعامل مع الفضاءات الإلكترونية المفتوحةـ وهو مشغول يستيقظ الساعة السابعة صباحا ويذهب إلى عمله ويعود الساعة السابعة مساء وينام في القطار من التعب. لديه أولويات ولديه فواتير تدفع وضرائب ولديه تأمين طبي ولديه هاجس الشركة إذا كانت اليوم تكسب؛ فإنها غدا قد لا تكسب؛ فهو معني بأشياء أخرى كثيرة وضرورية، بينما تعد المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي من الكماليات. هم يخوضون معارك لقمة العيش وتطوير الذات والبحث عن الأفضل.
على الصعيد الآخر نجد مغردينا على "تويتر" لديهم أولويات مختلفة لا تتعلق بلقمة العيش مع أن بعضهم يتضورون جوعا. ومن تناقض البعض أنهم يأمرون بمعروف لا يأتونه، وينهون عن منكر يمارسونه. ويرفعون رايات مكافحة الفساد وهم يشاركون على حساب أوقات العمل ومن أجهزة المصلحة التي يعملون فيها، وينتقدون هذا الموظف أو ذاك وهم غائبون عن أداء أعمالهم، ويهيجون الشباب للنفرة إلى الجهاد ويثبطون أبناءهم. ويرفع بعضهم شعار الليبرالية وهم لا يطيقون سماع الرأي الآخر.

ما رصدكم لعمليات التحايل والتهجم على الأشخاص عبر "تويتر"؟
"تويتر" غير مسؤول عن إساءة استخدامنا له، ولكنه يتيح لنا فرصة التواصل والتفاعل مع بعضنا. هناك من يتقمص دور الضحية، وهناك من يمارس دور الجلاد. نحن نعبر على "تويتر" عن تربيتنا وقيمنا وأخلاقنا.
من متابعة "تويتر" تجد من يؤجرون عقولهم لمن يفخخها، وهناك من يصدقون بسذاجة، فيسهل استغلالهم. وما دام أنه لا يوجد حماية لحريات وخصوصيات الآخرين؛ فإننا نتوقع المزيد من انتهاك أعراض الآخرين وتهييج الرأي العام وإدارة التآمر.

#3#

في ملتقى المسؤولية.. هل ما أشرتم إليه حول "تويتر" يعني وجود جهات خارجية تهدف لتأليب الرأي العام؟ وما مصالح هذه الدول؟
نحن اليوم نعيش ما يسمى بالمواطنة الكونية، ولم يعد السلاح التقليدي هو الذي يحسم خلافات الدول، وإنما الحرب أصبحت بالمعلومة والمعرفة، والكلمة الآن هي السلاح الأكثر مضاء وتأثيرا.
نحن نتنفس السياسة في كل شيء وبالتأكيد في "تويتر" جواسيس وعملاء، وهناك مجندون يعرفون أنهم مجندون وآخرون لا يعرفون.
ما قلته كان عبارة عن دراسة أكدت ما يؤمن به العقلاء من أننا لم نعد الوحيدين الذين ندير قضايانا في عصر وسائل التواصل الاجتماعي. فالشؤون الموغلة في المحلية كانت قديما تشترى عن طريق الجواسيس والعملاء الذين يعرضون أنفسهم للخطر من أجل دولهم، أو من أجل المال يبيعون أوطانهم، إنهم يحللون نفسيات الشعوب للتعرف على قضاياها المصيرية، ونقاط الضعف فيها، ومن ثم التدخل في شؤونها وفقا لتلك المعلومات التي يتم الحصول عليها بشق الأنفس. أما في عصرنا الحالي فإن الأمر مختلف، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية والمنتديات منجما خصبا للتنقيب عن المعلومات، ولا ألوم جهازا أو دولة معادية أو صديقة تسعى خلف مصالحها العليا، ولكن اللوم يقع على من يقدم لها نقاط ضعف بلدنا على كفوف السرعة بمبالغته في جلد الذات وتضخيم السلبيات. نحن في عالم مضطرب ولنا أعداء ومنافسون أيضا، وبقدر الأذى الذي يلحقونه بالعلاقة بين الدولة ومواطنيها تتحقق مكاسبهم. ولا يمكن ولم يحدث مطلقا أن هزمت دولة يلتف حولها شعبها، ولذلك فالرهان اليوم هو على تأزيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بافتعال قضايا، وتوظيف بعض الطبول الفارغة والنجوم الساذجة من أجل إلحاق أكبر ضرر ممكن بالوحدة الوطنية.

كيف نستطيع التعامل مع الدول الخارجية التي تتدخل في شؤوننا وتحاول تأليب الرأي العام؟
لا تستطيع دولة أن تحجب تدخل الآخرين في شؤونها في هذا العصر، ولكن رفع مستوى الحس الوطني الأمني، والتربية الصالحة، ومعرفة ما يجب أن يقال وما لا يجب هو المعول عليه في حماية المجتمع من السلبيات.
التوعية تعتبر مسؤولية المدرسة وهي تحتاج إلى عمل كبير، وأتمنى أن يأخذ الأمير خالد الفيصل بزمام الأمور في هذا الشأن، ومع أنني أشعر بانتمائي للإعلام فلا ضير من القول إن الصحافة الصفراء التي تعتمد على الإثارة في الدول الغربية تراجعت وبدأت تأخذ مكانها لدينا، بمعنى أصبح الاهتمام ينصب على الإثارة بعيدا عن المضامين وذلك لتشويه صورة البلد.
أحد كبار القادة الأمريكيين للناتو ذكر في فترة ترشحه للرئاسة الأمريكية أن أحداث 11 سبتمبر 2001، لا يمكن أن يقوم بها تنظيم القاعدة من كهفوه في أفغانستان وأن هناك طرفا ثالثا. الإعلام الأمريكي لم ينشر هذه المعلومة ومن قام بنشرها صحيفة محلية في ساوث كارولينا وبقية الإعلام في أمريكا تكتم على ذلك رغم أنها قيلت من شخص عسكري ومرشح للرئاسة. الاستخبارات الأمريكية تفاوض الصحف على نشر أو تأجيل معلومات ذات مساس بالأمن الوطني الأمريكي.

هل ذلك يعني ما يحدث الآن في "تويتر" هو حالة تهييج للرأي العام السعودي.. في ظل ما تفضلتم به من وجود أذرع خفية وشخصيات نجومية مشهورة في هذه الوسائل تحاول استغلال هذه القضايا؟
الجواب نعم، وهذا لا يعني أنه ليس هناك مجتمعات أخرى يتم تهييجها لصالح آخرين. ودعني أضرب لك مثالا، فقبل ثلاث سنوات تقريبا فجر دبلوماسي سعودي قضية وهمية تنال من سمعة بعض المسؤولين في المملكة، وأكاد أجزم أنه لم يفعل ذلك بسوء نية ولكنه أراد تحقيق منفعة شخصية بخلط أوراق وافتعال قضية لا وجود لها، وكانت البيئة في ذلك الوقت قابلة للاشتعال مع حمأة الربيع في الشارع العربي، فماذا حدث؟ على حين غفلة من القائمين على الصحف والمنتديات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي تحول الموضوع إلى قضية رأي عام محلي وإقليمي ودولي، حيث رفعت اللافتات في شوارع بيرت ضد ما أسموه الفساد في السعودية، وبثت قناة العالم الإيرانية حلقات نالت فيها من صورة المملكة عموما، واستخدمها المعارضون للسياسات السعودية أسوأ استخدام للإثخان في وحدة هذا الوطن وتماسكه، وحاول القائمون على تلك الحملة أن يفقدوا الشارع ثقته في أجهزة الدولة، فهل كان ذلك من أجل الإنسانية أو النزاهة؟ أو العدالة؟ مطلقا لم يكن ذلك هدفها ولكنها وجدت أمامها أوراقا رسمية دبلوماسية صاغها خيال مأزوم في وقتها فابتلعته لعبة اختطاف العقل الجمعي القابل للانقياد. أما القضية الثانية فهي قيادة المرأة للسيارة حيث تدخلت فيها على "تويتر" عدة دول وبأعداد كبيرة، بل بعضها غير مسموح لـ”تويتر” العمل فيها ومع ذلك استطاعت الأجهزة الرسمية المعنية فيها أن تتدخل في قضية سعودية بحتة.

هل ذلك يعني حجب "تويتر"؟
لا أبدا أنا لست مع الحجب والمنع ولكني مع التقنين. عندما ترى أن السعودية رقم واحد في العالم على "تويتر"، وأمريكا رقم 8 فإن ذلك مثار أسئلة: لماذا لم نسبقهم في الجوانب الجيدة، ولماذا أمريكا تخلفت هل هذا السبق في "تويتر" إذا كان فيه مصلحة تنموية وسياسية للأمة الأمريكية خصوصا أنهم أكثر منا عددا ونحن نمثل 10 في المائة من التعداد السكاني للولايات المتحدة الأمريكية. أي دارس وممارس الإعلام هو ضد مسألة الحجب أو أنك تحجر عليه أو تراقب مضامين معرفية، ولكن أنا مع أن كل شخص يتحمل مسؤولية ما يقول أمام الله ثم أمام النظام. عندما يأتي شخص ويفخخ عقول الشباب ويعمل على تقويض البناء والمنجز التنموي فإنه من وجهة نظري مخرب.
في أمريكا ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية بأن الإعلام مطلوب أن يقول الحقائق وينقل الأخبار بدقة ولكن يجب أن يكون مسؤولا عما ينشره.
ثم ظهرت النظرية التنموية للإعلام، إذا عندي بلد نامٍ أنا ابني لبناته حتى أصل بهذا المجتمع إلى مستوى مرض في حياته وتوجهاته، يجب أن نقوم بحماية هذا الذي نبنيه أما مسألة أن نبني، وهناك من يهدم، بالتأكيد سيكون الهدم سهلا جدا، وكثيرون من المنتقدين بسوداوية ومن يهدمون لا يستطيعون أن يكونوا إيجابيين .

ذلك يعني وجود ثغرات في "تويتر" استغلها هؤلاء للتسلل وتحريك الرأي العام كما تفضلتم في بعض "الهاشتاقات" السعودية الشهيرة؟ هل تطرقتم في البحث لمثل ذلك؟
بقدر ما يمثل "تويتر" وشكبات التواصل الاجتماعي الأخرى منجزا حضاريا يقرب الناس من بعضهم ويعزز المشتركات الإنسانية، ويوفر المعلومة وينقل الخبر بسرعة والحدث من وجهة نظر المتلقي فإننا في التوقيت نفسه نشهد حالة فوضى يستفيد منها أعداء هذا الوطن. والأمر هنا لا علاقة له بنظرية المؤامرة، ولكنها مصالح دول وأمم تدار من خلال حسابات وأسماء وهمية وأخرى مزورة. وهي تدخلات مدروسة تعرف جيدا كيف تؤثر في المتابعين السعوديين، فنحن بكل أسف نعشق جلد الذات، وما عند غيرنا جيد وما عندنا سيء، ولم نعد نشيد بأي شيء في بلادنا، ولذلك دخلوا علينا من هذه المداخل، وتحول بعضنا إلى أسلحة بيد غيرنا توجه إلى أعز ما نملك، أو أراجوزات يضحك على سذاجتنا الآخرون.
كيف يجب أن يكون تحرك الحكومة تجاه مواقع التواصل الاجتماعي؟
تحرك الحكومة يتمثل في سن التشريعات والقوانين وتطبيقها بحزم، أما مسألة الحجب فهي من أقل الأدوات فعالية في السيطرة على الأفكار.
وفي الوقت نفسه فإن مسؤوليتنا كمغردين تتمثل في أن نراقب ما نقول، ونتذكر قول الله تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد". ليس هناك مبرر شرعي ولا أخلاقي ولا نظامي يسمح لك باسمك الصريح أو المستعار أن تنتهك أعراض الناس أو أن تعرض أمن وطنك للخطر أو أن تلحق الضرر بالسلم الاجتماعي.
أما غلبة السودواية على طروحاتنا فإن ذلك لا بد أن يدرس وبشكل جاد، فلدينا خير كثير يستحق منا أن نتوجه لرب العالمين بالحمد والشكر، والشكر سبب في دوام النعمة. ثم نقارن أنفسنا بالآخرين في سلوكياتهم تجاه أوطانهم. لماذا يحسّن الآخرون قبيح أوطانهم ونحن نشوه جميل بلادنا.
أنا أعول على الشباب وهم من يستطيعون صنع التغيير الإيجابي أكثر من البرامج الحكومية المباشرة، فنحن أمة شابة بلغ عدد مستخدمي "تويتر" 57 في المائة من السعوديين تحت سن 30، و29 في المائة أقل من 15 سنة.

هل أوجد "تويتر" بالفعل متنفسا للشباب السعودي؟ وهل وفر مناخا غير صحي لطرح آرائهم وتوجهاتهم دون توجيه؟
التقنية الجديدة تعيش حالة فوضى ومراهقة ثم لا تلبث أن تتخلص من الغثاء، و”تويتر” الآن يضج بالغث والسمين وحتى الآن لم نكس ثقافة تعاملنا مع هذه الوسيلة. وأنا على يقين أنها ستأخذ وقتا ثم تصبح وسيلة عادية مستخدمة بتعقل أكثر.
ودعني أصدقك القول إن شبابنا بخير، وهم أكثر وعيا من الأكبر منهم على "تويتر"، فالشباب المتعلم المثقف له همومه وقضاياه، وتجده يقضي وقته على "تويتر" في مجال اهتمامه، والمشكلة مع قليلي العلم والوعي من الشباب الذين يتدفقون حماسا لكل خطاب شاذ يستثمر في العواطف ويهيج المشاعر دون النظر في أهداف القائمين عليه.
أما المشكلة الكبرى التي يواجهها مجتمعنا فهي في نجوم "تويتر" من الشباب والشيبان الذين يحترفون هذه الوسيلة من أجل صناعة رأي عام معاد لكل منجز سعودي، ولذلك لا يمكن أن ترى منهم كلمة واحدة تثني على منجز أو مسؤول سعودي، بينما ينهالون في حملات منظمة لإبراز السلبيات وتضخيمها وتأجيج المشاعر العدوانية عند أتباعهم. واستهداف كل من يقول كلمة حق في هذه البلاد وقيادتها ورميه بأقذع التهم وتصنيفه جاميا أو مطبلا إلى غير ذلك.

ماذا تحتاج الحكومة أن تفعل لاستغلال هذا الصوت الشبابي واحتوائه بشكل سليم وصحيح بما يتوافق مع مصالح الدولة؟
من تجربة شخصية يحتاج الشباب إلى أن تثق بهم وأن تحملهم المسؤولية. يحتاجون إلى من يحاورهم باللغة التي يفهمونها وليس التخاطب معهم من أبراج عاجية. ليس هناك وصفة محددة ولكننا بحاجة إلى تغيير ثقافي كبير يعيد شبابنا للوقوف على أرض صلبة. لسنا أفضل من الياباني الذي يدرس معنا في الخارج ويداوم ماشيا ونحن نرتاد الكلية بسيارة فاخرة، ولا أفضل من الألماني الذي يعمل في مكتبة الجامعة لتوفير مصروفه، ولا من السويسرية التي تأتي معها بكيس الشاي وتشتري من الكلية ماء حارا فقط. لسنا شعب الله المختار، وإنما خلق من خلق الله على هذه الأرض. وحتى التدين لا يجب أن نزايد به على الآخرين، فالدين لله ونحن عباده وليس لنا ميزة على غيرنا إلا بأعمالنا الصالحة. شبابنا أو بعضهم خاصة أبناء الطبقات المتوسطة والأقل منها يعيشون صراعا نفسيا واجتماعيا يتطلب تدخلا علميا يعيدهم إلى أرض الواقع، يعيدهم إلى ميدان العمل والاجتهاد وينتزعهم من سطوة التفكير الاستهلاكي وينقذهم من وهم الفوقية.

انتقدتم دور نجوم "تويتر" وإبرازهم للسلبيات هل ذلك يعني أن دورهم هزيل وأن المتابعين هم من يحركونهم؟
أي نجومية لها متطلبات، وتصعب المحافظة على الشعبية إلا إذا التزمت بقواعدها، ومن أهم قواعد لعبة النجومية على "تويتر" اليوم أن تكون ضد الدولة، ضد منجزاتها، ضد محاولات الإصلاح المتعقلة والتدريجية، فحتى تكون نجما لابد أن تكون ناقما، سوداويا، موتورا في طروحاتك مأزوما في أفكارك. وهذا يفسر دورهم الإيجابي الهزيل.
ومنهم من هو سطحي لا يختلف كثيرا عن فتاة الغلاف التي كانت تبيع المطبوعات. وهؤلاء خطر على المجتمع وهم الذين يعملون على تفخيخ العقول ويجهزون النفوس للانفجار، ويشحنون الشباب وعامة الناس. أولئك قد لا يعلمون أنهم مستخدمون من أعداء هذا الوطن، وبعضهم يعلم ويخطط لأن يكون كذلك، لا يقولون الحق إذا كان سيخدش شعبيتهم، ومستعدون للي أعناق الآيات والخطاب الديني واستخدام سمْتهم الوقور من أجل أن يحمدهم الأتباع. بعضهم يتبعه الملايين، وإذا غرد بما يسيء لهذا الوطن وقيادته ومنجزاته تفطرت الأكف له من التصفيق. وإذا تجرأ وقال الحق تخطفوه بألسنة حداد، فهل يعرف كم نسبة المتابعين له من أعداء هذا الوطن الذين يزينون له الإساءة وهم من جنسيات دول أخرى؟

هل هناك وجود للمتطرفين في "تويتر".. وكيف ترى التشريعات الحكومية المنظمة لعملية التغريد في السعودية؟
صوت التطرف الفكري والشطط في المواقف يغلب في "تويتر" وله رموزه ونجومه ويعملون على تأجيج الرأي العام. ونعود مرة أخرى للطريقة المثلى للتعامل مع ذلك التطرف من خلال الوعي ومن خلال التشريعات.
علينا أن نعترف أن الأجهزة المعنية بتقنين المحتوى ووضع التشريعات المناسبة للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تطور أساليب عملها، إذ أن هناك فجوة كبيرة جدا في اللغة والأدوات بين من يضعون الأنظمة وينظمون المحتوى الموجود في وسائل التواصل الاجتماعي والمستخدمين. وعلينا الاعتراف بهذه الحقيقة حتى نتوصل إلى حلول لها.
لابد من إشراك الشباب أنفسهم في القرار المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، فهم الذين يستطيعون صياغة الرسالة المناسبة، وبإمكانهم وضع مدونة الممارسة الأخلاقية تحت إشراف الجهات الرسمية، مع أهمية أن نقبل اختلافهم معنا، وأن نستوعب الفارق الكبير بين الأجيال.

الأكثر قراءة