مغاسل الملابس .. نامت أعين البلديات!!

مغاسل الملابس .. نامت أعين البلديات!!
مغاسل الملابس .. نامت أعين البلديات!!
مغاسل الملابس .. نامت أعين البلديات!!
مغاسل الملابس .. نامت أعين البلديات!!
مغاسل الملابس .. نامت أعين البلديات!!

إن كنت تبحث عن أقرب كلمة تصف مجال الاستثمار في قطاع مغاسل الملابس فلن تجد أفضل من ''الحساسية''.. بإمكانك استخدام الكلمة في تفسير كل الاحتمالات التي في ذهنك. حساسية مرضية يمكن أن تنتج عن الملابس المخلوطة والمياه المعادة والصابون الرديء، وحساسية من دخول السعودي في مجال الاستثمار في المغاسل بشكل مباشر بدلا من تأجيرها بالباطن.

اليوم تواصل ''الاقتصادية'' نشر حلقة من سلسلة تحقيقات حول قطاعي التجزئة والخدمات تخصصها لقطاع مغاسل الملابس هي الحلقة الثانية بعد حلقة السبت التي قدمنا فيها صورة بانورامية عن هذا القطاع. اليوم نستكمل ما بدأناه من الدمام لنرى الصورة في الرياض، وهي صورة تبدو أوضح من خلال عدد المغاسل التي تنتشر بشكل كبير جدا. في الرياض لا تبدو العمالة خائفة من تبعات عملها، فأغلبية العمالة الذين سألناهم عن طريقة عملهم اعترفوا فورا بملكية المغسلة وأنها تدار بالتستر، وهو يعني دفع أجرة مقطوعة للمالك الرسمي الذي تحمل اسمه التراخيص. هنا تفاصيل حلقة الرياض:

#2#

عرض ''تستري''

في أول الجولة، صادفنا عرض للتستر مغرٍ للغابة ويسيل إليه اللعاب، العامل الذي دلفنا إليه في مغسلته قال: يوجد لدي كثير من العمال للعمل في مغسلة، إذا أردت سأحضرهم''. رده كان على فضولي وأسئلتي حول المغاسل ونشاطها.

يوسف وهو عامل آسيوي في إحدى المغاسل في حي الناصرية وسط الرياض طاف بنا في جولة داخل مغسلته التي لا تتجاوز الأمتار الستة، كانت الأوساخ أكبر من أن تخفى أو تتجاهل.. كان يعمل وحده في المغسلة يستقبل ويحاسب الزبائن، ومن ثم يقوم بغسيل ملابسهم وكيها، شرح لنا خلال الجولة آلية استقبال الملابس وغسيلها، حيث كانت الطريقة بدائية وبغسالات قديمة مليئة بالأوساخ والصدأ، فهو يرى أن رجليه مصدر قوة لدعس الملابس وإزالة ما بها من القاذورات.

كانت حجرة الغسيل مزدحمة بجميع أنواع الملابس، فالشماغ والثوب والملابس الداخلية كلها داخل إناء واحد، وبمياه سوداء دليل ''الجودة'' والماء استخدم أكثر من مرة، ويرى يوسف أن أدوات التنظيف تستطيع أن تقتل كل الجراثيم، وألا حاجة إلى فصل الثياب عن بعضها بعضا.

مغسلة يوسف هي إحدى المغاسل التي زارتها ''الاقتصادية'' ضمن جولة ميدانية شملت 15 محلا في عدد من أحياء العاصمة، رصدت خلالها العديد من الملاحظات والتجاوزات، شملت سوء تصريف المياه وتسربها من الحنفيات، وتكديس الملابس المتسخة على الأرضيات، وسوء نظافة آلات الغسل من الداخل والخارج وصدأ بعضها، إضافة إلى استعمال المغسلة في تخزين الأغراض الشخصية، وسوء نظافة العاملين، وعدم فصل الملابس المتسخة عن الملابس المغسولة، والاستخدام المتكرر لمياه التي يغسل بها، وخلط الملابس شديدة الاتساخ بأخرى أقل منها دون تصنيفه.

ومن الملاحظات التي رصدت استخدام معاليق للملابس غير جديدة ومستعملة، واستخدام مساحيق وأدوات نظافة رديئة وغير معروفة المصدر، بل إن بعضها موجود في علب وأكياس تخلو من أي كتابة تدل على بلد الصنع، وكأن هذه المنظفات أعدت خصيصاً لهذه المغاسل، وأن هناك تباينا في أسعار الخدمات من مغسلة لأخرى.

بل إن هذه الملاحظات تجاوزات المحل إلى الخارج من خلال وضع أنابيب تصريف البخار خارج المحل، ما يتسبب في إيذاء المارة وتلف الأرصفة. وأوضح أغلب العاملين في هذه المغاسل عدم اهتمامهم باللوائح التي تشترطها البلديات، وأن زيارات مسؤولي الأمانة لهم قليلة، وتكاد تكون روتينية، وأنهم لم يرصدوا عليهم ملاحظات تذكر، رغم ما شاهدناه من مناظر أقل ما يقال عنها إنها عدو للبيئة.

ويرى العاملون في هذه المحال، وهم من العمالة الآسيوية، أن عوائد الاستثمار في قطاع المغاسل مربحة جراء قلة المصاريف، مشيرين إلى تزايد مرتادين المغاسل ممن يرغبون في الاستفادة من الخدمات المقدمة، وأن ما يقارب 70 في المائة من الزبائن يستفيدون من خدمة الغسيل والكي، و30 في المائة يكتفون بإحضار ملابسهم للكي فقط. وأكدت هذه العمالة أنهم من يحددون أسعار الملابس، وأنها تخضع للعامل الذي يستقبل القطع، مبينين أن بعض الملابس لا يوجد لها تسعير ثابت.

#3#

استثماريا يقول إبراهيم الطريف وهو مستثمر في قطاع المغاسل، إن الاستثمار في هذا المجال محفز نظرا لكثرة المرتادين لهذه المحال الراغبين في الاستفادة من الخدمات المقدمة، لافتا إلى أن الأرباح تتجاوز 40 في المائة، وتزيد عند المحال التي تستخدم الأدوات الرديئة، والمياه المكررة، مشيراً إلى أن متوسط تكاليف تجهيز المحل يراوح بين 30 و90 ألف ريال حسب المعدات.

وعن تفاوت أسعار الخدمات المقدمة، قال الطريف أن الأسعار لا تخضع إلى تسعيرة محددة من قبل الأمانة، بل هي ترجع لصاحب المحل، وأن هناك أسعارا تتفق عليها معظم المغاسل، خاصة فيما يتعلق بالثياب والأشمغة، فهي لا تتجاوز الثلاثة ريالات، وأن الأسعار مقبولة في ظل زيادة أسعار مواد التنظيف، وارتفاع إيجار المحال عن السابق، مشيراً إلى أن هناك مغاسل كبرى زادت في أسعار بعض الخدمات بنسبة تصل لـ50 في المائة عن الأسعار السابقة.

ولم يخفِ الطريف تضايقه من سيطرة العمالة الوافدة على هذا القطاع، مبيناً أن العمالة الوافدة تسيطر على سوق المغاسل، وأنهم يلجأون إلى أساليب وطرق لتوفير التكاليف، وأنهم يستخدمون منتجات رديئة في عملية الغسيل، ما يسهم في انتشار الأوبئة والأمراض، وأن هذه العمالة تتجاهل المخاطر الناجمة عن ذلك، وأن تفكيرهم ينحصر في تحقيق أكبر قدر من الأرباح، دون النظر لصحة المستهلك.

وحول ادعاءات بعض المغاسل بأنها تقوم بغسيل ملابس كل عميل وحده، قال الطريف الذي يعمل في هذا المجال منذ سبع سنوات: ''لو عملت ذلك لتكبدت خسائر فادحة، فليس من المعقول غسل ثوب لزبون وحده؛ لأن هذا يكلف الكثير وربما تتجاوز تكلفة الغسيل، الذي لا يتجاوز الثلاثة ريالات، خاصة في ظل الارتفاعات المتزايدة في أسعار الأدوات المستخدمة في التنظيف بنسبة تصل إلى 40 في المائة في بعضها''.

وقال: ''هناك طرق صحية وآمنة تضمن الحفاظ على الملابس من انتشار العدوى، كتعقيم المغسلة بعد كل دورة غسيل بالمطهرات الخاصة، وهي التي لا تلتزم بها كثير من المغاسل''.

وحذر الطريف المستهلكين من بعض المغاسل التي تقدم العروض التخفيضية، وأنها تعمد إلى استخدام المياه المكررة أكثر من يوم، وكذلك يستخدمون مساحيق النظافة غير المعروفة المصدر، وذات الجودة الأقل أو المعدومة.

#4#

تطفيش .. تطفيش

خالد الصقعبي؛ هو مستثمر سابق في المغاسل اتفق مع الطريف، وزاد أن سيطرة العمالة على سوق المغاسل هي السبب الرئيس في تردي مستوى النظافة فيها، بالنظر لكونهم يعمدون إلى استخدام المواد الرديئة في عمليات الغسيل، طمعاً في تحقيق هامش ربح كبير، خاصة في ظل ضعف المتابعة من قبل الجهات ذات الاختصاص.

وأبان الصقعبي أن مزاحمة ومضايقة العمالة الوافدة لها هي السبب وراء ترك هذه التجارة، حيث إنهم يلجأون لعدد من الطرق غير السليمة لجذب الزبائن، كعمل تخفيضات تصل إلى 50 في المائة، مستغلين غياب الجهات الرقابية باستخدام أدوات رديئة ومياه مكررة.

أرباح ومردود

ويرى الصقعبي أن الاستثمار في المغاسل مربح وذات مرود جيد، داعياً الشباب السعودي للعمل في المجال ومزاحمة العمالة الوافدة، حين أن العمل في محال المغاسل سهل في ظل استخدام الأجهزة الآلية، التي لا تحتاج للشيء يذكر.

وقال : ''على الشاب السعودي الراغب في الاستثمار في قطاع المغاسل البحث عن الموقع المناسب المكتظة بالمباني أو المحال التجارية، وبناء سمعة جيدة مع الزبائن، واستخدام أدوات التنظيف الجيدة، والبعد عن الغش، وعدم الخضوع لضغوطات العمالة التي تعرض على صاحب المحل التخلي عنه بمبلغ شهري دون التدخل في العمل، وهذا يدل على ما يجنيه هذه العمالة من المبالغ''.

#5#

من جانبه، يذكرطارق الرجيعي ــــــ زبون وجدناه عند إحدى المغاسل شرق الرياض أنه يفضل غسل الثياب والغتر في هذه المحال، لأنها مثالية في غسل الملابس والكي، وأنه يحرص على المغاسل التي تتميز بالنظافة والمداخل الأنيقة ذات الطابع الشبيه بخمسة نجوم وهي قليلة، وهي أفضل من غيرها من المغاسل المنتشرة في جميع الأحياء وأكثر أماناً منها، رغم زيادة التسعيرة في المحل عن باقي المغاسل.

وأشار الرجيعي إلى بعض تجاربه السيئة مع المغاسل ورداءة النظافة، مبينا ''تسلمت ملابسي من إحدى المغاسل الصغيرة المنتشرة في الرياض وحين قمت بلبس الثوب وجدت بعض البقع الحمراء قريبة من لون الدم على الثوب، وحين ذهبت به إلى المغسلة وذكرت ذلك للعامل، رد بكل برود أن ربما يكون الثوب لم يغسل جيداً وتأثر ببعض الملابس الآخرى المليئة بالدم، فتيقنت أن كثيراً من المغاسل لا تهتم كثيراً بمستوى النظافة، فقررت أن يكون ذهابي للمغاسل للكي فقط، وعند المغاسل المشهورة وذات السمعة الطيبة''.

ويرى الرجيعي أن هناك تفاوتا في أسعار الغسيل والكي، وقال ''أسعار الكي والغسيل للثوب ثلاثة ريالات والغترة أيضاً للغسيل العادي، وأكثر بثلاثة ريالات للغسيل والكي المستعجل الذي لا يتجاوز الساعة الواحدة في أغلب محال الرياض، ولكن يجد الزبون اختلافا كبيرا في غسيل البطانيات والسجاد، فليس لها سعر ثابت، فمغسلة تسعر غسيل بطانية لشخص واحد بخمسة ريالات وأخرى وفي الشارع نفسه بخمسة عشر ريالا، ومثل ذلك غسيل السجاد، فسعر غسيل المتر يختلف من مغسلة إلى أخرى'' .

ورشة من الأحواض

ويوافقه الرأي أحمد الشمري، الذي يؤكد أن بعض المغاسل تحولت من الداخل إلى ورشة متنوعة، حيث الأحواض الكبيرة المتسخة القريبة من المراحيض وأماكن الطبخ والنوم، ويرى أن ما تخبئه المغاسل مغاير تماما لما تظهره، فبعض المغاسل تتجه إلى نقع الملابس في أحواض كبيرة مجتمعة من غير فرز، فتختلط الملابس النسائية والرجالية والملابس الداخلية، عدا الأوساخ التي تعلو الحائط والأرضية.

وطالب الشمري من الجهات الرقابية بتنظيم زيارات رقابية وبشكل عشوائي للتفتيش على هذه المغاسل التي تعرض صحة المستهلك للخطر، وعدم التعاطف مع هؤلاء العمالة الذين يستخفون بصحة العامة للإنسان.

نهاية الأسبوع

من جهته، يقول إقبال عمر عامل في إحدى المغاسل وسط العاصمة، إن إقبال الزبائن على محله ممتاز، وأن جميع أيام الأسبوع نشهد إقبالا من الزبائن، وأن هذا الاقبال يزداد يومي الخميس والجمعة بنسبة تزيد على 50 في المائة عن بقية الأيام، وتتضاعف خلال عيد الفطر والأضحى. ويبين إقبال إلى أنه يقوم بغسيل جميع أنوع الملابس والبطانيات والسجاد، وأن نحو 70 في المائة من زبائنه يأتون بملابسهم من الثياب والأشمغة ويقوم بغسلها وكيها، والآخرون يأتون بملابسهم للكي فقط.

وعن أسعار الغسيل والكي، يذكر إقبال أن تحديد الأسعار يأتي بناء على رؤية العامل المستقبل لقطع الملابس أوغيرها، وأنه ليست هناك تسعيرة محددة من قبل الجهات ذات العلاقة، فكل مغسلة تضع الأسعار التي تريد، خاصة في غسيل السجاد والبطانيات والملابس القطنية.

الأكثر قراءة