قصة أخرى لنجاح التجربة الزراعية سعودية .. «شرق العوينات»!

قصة أخرى لنجاح التجربة الزراعية سعودية .. «شرق العوينات»!
قصة أخرى لنجاح التجربة الزراعية سعودية .. «شرق العوينات»!
قصة أخرى لنجاح التجربة الزراعية سعودية .. «شرق العوينات»!
قصة أخرى لنجاح التجربة الزراعية سعودية .. «شرق العوينات»!
قصة أخرى لنجاح التجربة الزراعية سعودية .. «شرق العوينات»!

في خيمة بُنيت على الطراز السعودي الحديث في الركن الجنوبي الغربي للصحراء المصرية، بدا أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري سعيدا للغاية وهو يرى مئات الأطنان من القمح تنهمر من حصادات داخل مشروع شركة رخاء للاستثمار الزراعي التي يملكها مستثمرون سعوديون. الوزير الذي توقف للحظات لالتقاط الأنفاس بعد رحلة طويلة بالطائرة ثم بالحافلة إلى داخل المشروع الذي يقع في صحراء قاحلة، قال في تعليق على عرض تلفزيوني قدمته الشركة عن مسيرتها: إنه لا يصدق أن ذلك يحدث في مصر '' متأكد ده في مصر .. ماتؤلش في أمريكا''. كان الوزير والحضور يتابعون خطوات الشركة التي اختصرت في فترة وجيزة كثيرا من الإجراءات وشرعت في زمن قياسي في حفر أكثر من 80 بئرا، ثم جهزت أكثر من 80 رشاشا محوريا، وردمت أكثر من 80 كيلو مترا من الطرق داخل المشروع. ما قصة هذه الثمانينيات؟ هل لها علاقة بالتجربة الزراعية السعودية التي ازدهرت في حقبة الثمانييات الميلادية؟ بالتأكيد ففي هذه الأرض قصة أخرى (إضافة إلى قصة توشكى التي نشرتها ''الاقتصادية'') ينسج خيوطها السعوديون الذين لم يعودوا فقط ملاك بواخر نفط .. أو بدواً في خيمة صحراوية .. بل عقول تتحدث عن المتوسط الإنتاجي، والتكوينات الجيولوجية، والتقنية الزراعية العالمية، تصنع الحياة والغذاء للإنسان.

#2#

في مايلي مزيد من التفاصيل:

في خيمة بنيت على الطراز السعودي الحديث في الركن الجنوبي الغربي للصحراء المصرية، بدا أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري سعيدا للغاية وهو يرى مئات الأطنان من القمح تنهمر من حصادات داخل مشروع شركة رخاء للاستثمار الزراعي التي يملكها مستثمرون سعوديون. الوزير الذي توقف للحظات لالتقاط الأنفاس بعد رحلة طويلة بالطائرة ثم بالحافلة إلى داخل المشروع الذي يقع في صحراء قاحلة قال في تعليق على عرض تلفزيوني قدمته الشركة عن مسيرتها إنه لا يصدق أن ذلك يحدث في مصر ''متأكد ده في مصر .. ما تؤلش في أمريكا''. كان الوزير والحضور يتابعون خطوات الشركة التي اختصرت في فترة وجيزة كثيرا من الإجراءات وشرعت في زمن قياسي في حفر أكثر من 80 بئرا، ثم جهزت أكثر من 80 رشاشا محوريا، وردمت أكثر من 80 كيلو مترا من الطرق داخل المشروع. ما قصة هذه الثمانينات .. هل لها علاقة بالتجربة الزراعية السعودية التي ازدهرت في حقبة الثمانينيات الميلادية .. بالتأكيد ففي هذه الأرض قصة أخرى (إضافة إلى قصة توشكى التي نشرتها ''الاقتصادية'') ينسج خيوطها السعوديون الذين لم يعودوا فقط ملاك بواخر نفط .. أو بدوا في خيمة صحراوية .. بل عقول تتحدث عن المتوسط الإنتاجي، والتكوينات الجيولوجية، والتقنية الزراعية العالمية، تصنع الحياة والغذاء للإنسان. في شرق العوينات قصة لا يمكن اختصارها في مقدمة .. تفضلوا إلى ما تيسر منها .. إلى التفاصيل:

جنات قصة أخرى

تتذكرون القصة التي نشرناها قبل أسبوعين عن التجربة الزراعية السعودية التي استثمرت في توشكى تلك التي نجحت في تحييد الأملاح عن تربة المكان، في الصحراء الجنوبية الغربية من مصر العربية قصة أخرى لكنها مختلفة في شكلها، طعمها، صعوباتها، معوقاتها، وربما حتى في حلاوة نتائجها. الصحراء مختلفة، طريقة الري مختلفة، نوعية الآلات والمعدات مختلفة، لكن السعوديين وحدهم هم الثابتون في المعادلة. المهندس سلطان بن صعفق الدويش الرئيس التنفيذي لشركة جنات العضو المنتدب لشركة رخاء يرسم صورة زاهية عن الشاب السعودي المكافح. ببدلته العملية كان يتنقل مثل النحلة في كل جزء من المشروع الذي وصلنا إليه بعد رحلة استمرت أربع ساعات، ثلاث بالطائرة التي حطت على مدرج مزود بغرفة استقبال في الصحراء، وأكثر من ساعة عبر حافلة في طريق صحراوي مهترئ. كان الشعور السائد لدى الجميع أن من يعمل في هذا المشروع البعيد حتما مكافح. قلت لسلطان يبدو أنك استثمرت خبرتك في الزراعة السعودية بشكل جيد .. فتبسم دون أن يقول شيئا. الشاب السعودي الذي يدير مشروعا عملاقا مساحته عشرة آلاف فدان (الفدان يساوي 4200 متر مربع)، سبق له العمل في أكثر من شركتي تبوك والجوف الزراعيتين، قبل أن تؤسس الشركتان مع شركات أخرى من بينها المراعي، الخريف، وجازان للتنمية، شركة أطلقت عليها اسم ''جنات'' قرر لها أن تتخصص في الزراعة في الخارج استجابة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للاستثمار الزراعي. ''جنات'' بدورها سيطرت على شركة الرخاء للاستثمار الزراعي في مصر من خلال شراء أسهم الأغلبية فيها. وهكذا دخل السعوديون هذا المجال.

#3#

ورطة الـ 6 أشهر

سألت المهندس سلطان إن كان قد شعر بورطة حقيقية واجهت المشروع, فقال لك أن تتخيل أننا منحنا فترة ستة أشهر للعمل والإنتاج وإلا فقدنا المشروع .. كانت تلك ورطة لكننا تجاوزناها بالعزيمة والعمل المخلص من جميع الزملاء. يشير هنا إلى إنذار من وزارة الزراعة المصرية التي تشرف على عمليات الزراعة في منطقة شرق العوينات حيث خصصت 220 ألف فدان وزعت على 22 قطعة. وترصد الوزارة أي توقف وتعثر في المشاريع يندرج تحت بند عدم الجدية لتسحب المشروع ويسلم إلى الشركات الجادة.
80 بئرا في الصحراء

كيف تجاوز الدويش بشركته هذا المأزق؟ يقول: خلال ستة أشهر فقط تمكنا من حفر 80 بئرا من خلال معدات متطورة جدا، حيث بدأنا في 28 أيار (مايو) 2008 ولم يحن يوم 14 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام ذاته إلا ونحن نحقق الإنجاز ونكسب ثقة الجهات المسؤولة في مصر عن مدى الجدية التي نتمتع بها. حديث الدويش أكده رسميا وزير الزراعة المصري عندما سألته عن جدية المستثمرين السعوديين فقال: هم ملتزمون للغاية .. من يعمل معهم (من المصريين) سيرتاح .. حيث وفروا كل مقومات النجاح. الوزير كان يلفت إلى أحاديث يتبادلها مع المصريين العاملين في المشروع حيث أبدوا له ارتياحا بالغا للوضع الوظيفي.

#4#

8 أطنان ..
ورقم قياسي

قبل الحديث عن البنية التحتية للمشروع، لا بد من الإشارة إلى الإنجاز الزراعي الذي حققته الشركة خاصة في مجال إنتاج القمح الذي تجاوز ثمانية أطنان للكهتار الواحد، وهي إنتاجية قال عنها وزير الزراعة المصري وليس ملاك الشركة إنها ''قياسية وتحقق لأول مرة في مصر''. هذا الإنتاج لم يأت من فراغ ولكن من خلال تجربة عملية في الأراضي السعودية خلال الأعوام 30 الماضية. ورفع الإنتاج لمن هم بعيدون عن القطاع الزراعي قضية مهمة للغاية وحساسة، تحتاج إلى كثير من الخبرة والمتابعة الدقيقة واليومية.
تبدأ هذه العملية من اختبارات التربة وقياس العناصر فيها، ثم تجهيز الأرض بأحدث المعدات، واختيار نوعية البذور والتقاوي المناسبة لها، والمتابعة اليومية بالسقيا، قبل أن تبدأ مراحل التسميد في كل مرحلة. ويمكن أن يؤثر أي ظرف سواء جوي أو تقصير بشري في تخفيض معدلات الإنتاج وبالتالي تخفيض الجدوى الاقتصادية.وخلال السنوات الماضية لم تتجاوز معدلات الإنتاج في مصر 3.5 طن إلى 4.1 طن للهكتار(الزراعة الصحراوية). وقياسا على التكاليف التي يتكبدها المستثمرون السعوديون على اعتبار أنهم يتحملون تكاليف البنية التحتية أيضا فإنه لا تنازل ــ كما يقول محمد بن عبد الله الراجحي رئيس مجلس إدارة شركة تبوك للتنمية الزراعية رئيس مجلس إدارة شركة جنات ــ عن تحقيق أرقام قياسية تكفل جدوى المشروع اقتصاديا.

محمد الراجحي: التكامل تصنعه الشركات

محمد العبد الله الراجحي وهو صاحب تجربة ثرية وعضو في مجلس إدارة أكثر من شركة في السعودية لفت إلى أن تجربة الشركة في مصر لم يكن يكتب لها النجاح لولا تشجيع القيادتين السعودية والمصرية. وشدد على أن ''تشجيع خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري هو أحد الأسباب التي تدفعنا إلى النجاح وتمثيل اسم المملكة خير تمثيل''. ويبدو الراجحي على قناعة تامة بدور رجال الأعمال خاصة وهو يردد ''التكامل يصنعه رجال الأعمال والشركات، الدعم والمساندة من الحكومات مطلوب لكن البداية والنهاية في يد رجال الأعمال الذين يملكون المبادرة قبل كل شيء''.

#5#

محاصيل جديدة

يلتقط حبل الحديث مرة أخرى سلطان الدويش الذي كان واقفا طوال الرحلة في الطائرة ثم في الحافلات، الذي يشير إلى أن الشركة لم تكتف فقط بزراعة القمح بل تجاوزته إلى زراعة محاصيل أخرى مثل الشعير والبرسيم والذرة، وحققت أخيرا نتائج جيدة للغاية في محصول البطاطس الذي سيشكل في حال تسجيل أرقام قياسية فيه طريقا آخر للشركة لتنويع الإنتاج واستخدام الدورة الزراعية بالنسبة للتربة التي تحتاج إلى التنوع المحصولي. الشركة من خلال تجربة ملاكها والعاملين فيها في السعودية مؤمنة تماما بأهمية التقنية والبناء للمستقبل خاصة وهي تكشف عن مشروع إنشاء نموذج رياضي عبارة عن حفر عدة آبار اختبارية تتابع مناسيب المياه الجوفية ويتم قياسها دوريا لضمان استخدام أحدث التقنيات لتقنين استهلاك المياه. هذا المشروع يعمل عليه حاليا فريق خبراء سعوديون ومصريون على رأسهم خبير المياه الجيولوجي علي ورور رئيس مجلس إدارة شركة رخاء ورئيس مجلس إدارة شركة ريجوا شريك بنسبة 14 في المائة وفق مواصفات عالية تراعي طبيعة الحوض المائي الذي تقع عليه الشركات وهو حوض النوبة.

مستودعات بـ 50 مليونا

إضافة إلى هذه المشاريع فإن الدويش يتحدث بثقة عن خطة طموحة أخرى تتمثل في إنشاء مستودعات للتبريد تتسع لأكثر من 15 ألف طن وتتجاوز تكاليفها 50 مليون جنيه مصري. هذا المشروع يتكامل مع تجارب الشركة في محاصيل البطاطس والبصل والخضراوات خاصة إذا علمنا أن نقل المنتجات من المشروع إلى السوق يحتاج إلى تقنيات عالية في ظل بيئة صحراوية وطرق وعرة حتى الآن.

''برحي'' .. لكن مصري

نقل تجربة النجاح في زراعة النخيل أيضا في طريقه إلى مصر وفي هذه النقطة تحديدا يقول الراجحي: بدأنا في إنشاء مزرعة بحثية تضم حاليا 500 نخلة من البرحي، وأنواعا من العنب والمانجو لمعرفة مدى نجاحها وتواؤمها مع الأجواء والطقس في المنطقة. نجاح هذه التجارب كما يقول الراجحي سيدعم موقف الشركة ويخلق تنوعا جيدا يساعدها على الحصول على حصة في السوق المصرية الكبيرة.

قرية سكنية

يعود الدويش مرة أخرى إلى خطط الشركة خاصة ونحن نمر إلى جوار إنشاءات جديدة لا تكاد ترتفع عن الأرض فيقول إن الشركة بدأت بالفعل في إنشاء القرية السكنية التي تشمل سكنا للعزاب، ومباني للعائلات، سكنا لكبار الموظفين، ومدارس، مسجدا، سوقا تجارية ومستوصفا. يلفت الدويش إلى أن هذا الأمر مهم للعمالة في المشروع لأن المنطقة حاليا تفتقر إلى الخدمات الأساسية التي لابد أن تضطلع بها الشركة. يقول سلطان الدويش: عانينا كثيرا لأن المنطقة بعيدة ولا تعتبر ''نائية'' وهذا يعني أن عمالها يتمتعون بإجازة لمدة عشرة أيام كل شهر. ولا يبدو متذمرا من هذا الوضع حيث يقول .. الناس تذهب لأسرها صحيح أن الموسم أحيانا يضغط علينا لكننا نحاول التوفيق بين الظرفين الأسرة والعمل. يشير إلى أن مشروع بناء المدينة السكنية والطرق واجه مشكلة لأن المنطقة لا توجد فيها شركات لخدمات الطرق أو المقاولات لذلك ''اخترنا أن نقوم بالمهمة بأكملها''. اشترت الشركة ــ والحديث للدويش ــ آلات ومعدات وجهزت طرقا أسفلتية وترابية داخل المشروع بطول 80 كيلو مترا. هذا الأمر يضاف إلى مهمة أخرى حيث تولت الشركة تجهيز الطرق الواصل إلى المشروع بطول 25 كيلو بدلا من الطريق القديم الذي يبلغ طوله 60 كيلو ويعاني مشاكل كثيرة بسبب الرمال وضغط الحركة من قبل بقية الشركات.
محمد الراجحي يعود مرة أخرى للحديث وهو يشرح للضيوف بعض مشاريع الشركة، ولا ينسى الإشارة إلى أن السعوديين استثمروا بشكل ممتاز خبراتهم في هذا المجال. يقول الراجحي إن خطط شركته تستهدف التصنيع الزراعي في المرحلة الثانية بعد التركيز في المرحلة الأولى على الزراعة المباشرة. ويكرر الراجحي أكثر من مرة القول إن التكامل العربي لن يكتب له النجاح إلا من خلال المشاريع الاستثمارية بين رجال الأعمال والشركات تصنعه على الأرض, وهي رؤية صحيحة على الأقل إلى الآن في ظل نجاح المشاريع السعودية في مصر في المجال الزراعي.

الأكثر قراءة