دائنو «دبي العالمية» حائرون .. إعادة هيكلة أم إفلاس؟

دائنو «دبي العالمية» حائرون .. إعادة هيكلة أم إفلاس؟

المفاجأة غير السارة التي فجرتها دبي في العيد تم وضعها في إطارها، باعتبارها أزمة تقتصر على الإمارة وليست كارثة عالمية.
حتى الأسواق المحلية بدأت تهضم الرسالة الصادرة عن السلطات: أن هناك الآن هناك دبي جيدة ودبي رديئة، ومن المرجح أن تقوم حكومة الإمارة بدعم دبي الجيدة وأن تقوم دبي الرديئة بإجبار دائنيها على أن يتحملوا نصيبهم من الألم الذي تسببت فيه قراراتها.
أما كيفية التمييز بين الاثنتين فما زالت بحاجة إلى شرح وتفسير. ويتدافع الدائنون لمعرفة أي الشركات تضمن الحكومة ديونها.
ورغم أن المسؤولين والتنفيذيين عادوا من عطلة طويلة، إلا أنهم ما زالوا يعتبرون أنه ليست هناك حاجة كبيرة كي يوضحوا لماذا أمضوا شهوراً وهم يعلنون عن تحسن الأوضاع في الإمارة، لا لشيء إلا ليفجروا إمكانية عجز شركة دبي العالمية عن سداد ديونها قبل أن يتواروا عن الأنظار لقضاء عطلة العيد. يمكن أن يكون حملة السندات والبنوك في حالة من الغضب (صناديق التحوط التي تحمل سندات نخيل، شركة التطوير التابعة لشركة دبي العالمية، التي يحين موعد سدادها في 14 الشهر الجاري ما زالت تستشيط غضباً). غير أن الشيء الذي تراهن عليه دبي هو أن ما من خيار أمام الدائنين إلا الموافقة على إعادة هيكلة الديون.
إن الجهات المقرضة في موقف لا تحسد عليه. فقد تبين أن مفاجأة العيد لم تكن تتعلق فحسب بتأجيل سداد الديون لمدة ستة أشهر، مثلما فهم من الطلب المبدئي لتأجيل السداد قبل أسبوعين. ففي الأسبوع الماضي قالت شركة دبي العالمية إن الأمر يتعلق بالموافقة على خطة لإعادة الهيكلة لم يتم إعدادها حتى الآن، لكنها تتعلق بشركات تترتب عليها مديونية قدرها 26 مليار دولار.
ويتعين على بنوك كثيرة ــ مجموعة كبيرة من المؤسسات الدولية، والإقليمية والمحلية المكشوفة على شركة دبي العالمية ــ أن تتفاوض مع الشركة على أمل تقليل الضرر الذي لا مفر منه. غير أن مجموعة من حملة السندات الذين يقولون إنهم يحملون أكثر من 25 في المائة من السندات، وأن باستطاعتهم رفض إعادة هيكلة الديون، تفكر في إجبار الشركة على إعلان إفلاسها.
وكانت شركة دبي العالمية تلمح منذ فترة إلى أن الحكومة ستضخ أموالاً جديدة لمساعدتها في عملية إعادة الهيكلة، إذا كان الدائنون على استعداد لإعادة هيكلة الديون. وبغير ذلك، فإن شركة دبي العالمية يمكن أن تدفع إلى التصفية، الأمر الذي يدخل الدائنين في النظام القانوني غير الواضح في دبي، وهو ما يمكن أن يتركهم في النهاية في حال أشد إيلاما.
إن شركات دبي الواقعة في المشكلة في حاجة ماسة إلى الأموال كي تدفع رواتب العاملين لديها والفواتير المستحقة للمقاولين، وليس لديها كثير من الموجودات التي يمكن بيعها. فمشاريع شركة نخيل، مثلا، ما زالت في مرحلة التطوير.
لكن ينبغي على دبي أن تتحرك ــ يبدو أنها تنسى أن إطالة محنة الديون لها ثمن. وقد ألحقت الأزمة بالفعل ضرراً كبيراً بسمعة الإمارة ومن المرجح أن تبعد عنها المقرضين لفترة طويلة.
صحيح أنه كان ينبغي أن تكون البنوك أكثر حذراً في تقديم القروض لشركة دبي العالمية، وأن تدرك مخاطر زيادة نشاط السوق العقارية عن الحد اللازم، ومخاطر المديونية العالية.
وبطبيعة الحال كانت البنوك تفترض أن مكانة المجموعة ضمن شبكة شركات دبي التابعة للحكومة ـ كانت واحدة من الشركات العملاقة التي تدفع برؤية دبي ـ وأن الحكومة ستنقذها في النهاية.
هذا الافتراض لم يصمد. غير أن الجهات الأكثر تعرضاً لشركات دبي هي البنوك المحلية التي ربما لم يكن أمامها من خيار إلا المشاركة في تمويل الشركات الرئيسية المملوكة للحكومة. ونتيجة لذلك، فإنها تواجه مشكلة خفض تصنيفها وسط توقعات بأن تكون خسائرها مؤلمة.
وإذا تمت عرقلة إعادة هيكلة الديون المترتبة على شركة نخيل وأعلنت شركة دبي العالمية إفلاسها، فإن ما يخشاه المحللون هو أن تتجاوز تداعيات المشكلة نطاق الشركة، لأن المقاولين والمصرفيين الذين لم تدفع مستحقاتهم يحاولون الضغط على بعض الشركات الحكومية الأخرى في دبي.
يقول مارديج هالاجيان، المحلل في وكالة موديز لخدمة المستثمرين Moody's Investors Service: «إذا أداروا عملية إعادة الهيكلة بصورة مناسبة وتحملت جميع الجهات المقرضة خسارة معقولة، ستستمر الحياة. أما إذا لم تتم إدارة العملية بصورة مناسبة، فسيزداد وضع دبي سوءاً».

الأكثر قراءة