متى يصبح انهيار أسواق الأسهم واقعا؟ القنبلة الموقوتة تدق ببطء

متى يصبح انهيار أسواق الأسهم واقعا؟ القنبلة الموقوتة تدق ببطء
صعود مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك ناتجة عن تخفيض متوقع في أسعار الفائدة. "رويترز"

في الآونة الأخيرة، كان الاقتصاديون يقدمون حجة مقنعة إلى حد معقول بشأن الأسباب التي تجعل أسواق الأسهم تستمر في الارتفاع رغم أن من المفترض أنها تعاني انتكاسة.
حتى في اليابان، الغارقة في الركود، تتداول الأسهم عند مستويات لم تتصل إليها منذ فترة طويلة.
قد يقول بعضهم إن ذلك يرجع إلى نظرة متفائلة للغاية. مثلا، في حال الولايات المتحدة، الاتجاهات الصعودية في مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك وغيرهما ناتجة عن تخفيض متوقع في أسعار الفائدة.
في اليابان، قوة الدفع الجيدة ناشئة عن استمرارية السياسة النقدية الفضفاضة للغاية وتردد المنظمين بشأن إنهاء سياسات آبينوميكس الاقتصادية.
لكن هنا تكمن المشكلة: يبدو أن الجميع يغضون الطرف عن المشكلات الكثيرة المتراكمة، ولا يقتصر الحديث هنا على البنوك الإقليمية والعقارات التجارية، بل يشمل فقاعات الديون الهائلة التي لن يتم سدادها أبدا، وخطر تصاعد التوترات، ليس فقط في الصراعات المسلحة، ولكن أيضا النزاعات التجارية.
مثلا، يلوح المرشح الرئاسي الأمريكي، دونالد ترمب، بعصا التعرفات الجمركية ضد المنتجات الأوروبية والصينية. ومن الواضح أن سياسات الحماية مثل هذه لن تفضي إلى نمو اقتصادي.
فما هي الأسباب الأخرى وراء ارتفاع الأسهم الكبير؟
أولا، يخشى المستثمرون من تفويت هذا الارتفاع التاريخي. ولسان حالهم يقول كل شيء يسير على ما يرام الآن، فلم لا نبقي الأوضاع على حالها؟
ثم هناك شعور بأن الأسهم، بالنسبة إلى كثيرين، لا تتعلق بجني الأموال فقط، بل تعد درعا يحميهم من عدم اليقين الجيوسياسي والتضخم. وكلما كانت الشركة أكبر، زادت ثقة الأشخاص بها، ما جعل الجميع ينسون أشياء مثل القيمة العادلة.
العامل الثالث هو أن كثيرا من الناس أصبحوا مقتنعين بأن "الأخ الأكبر" سيأتي للإنقاذ إذا ساءت الأمور، مستندين إلى إنقاذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لبنوك إقليمية متعثرة العام الماضي.
لكن الجزء الخطير يتمثل في أن استنفاد العتاد بأكمله الآن يعني أن المنظمين لم يبق لديهم كثير للتدخل لاحقا (ليس علينا إلا النظر إلى الدين العام وتكاليف خدمته لكي نفهم ذلك).
إذن، متى يصبح انهيار السوق واقعا؟
لكي تنقلب الأحوال لا بد أن يحدث أحد أمرين: إما أن تجف الأموال التي تغمر السوق (وهو أمر يبدو مستبعدا إلى حد ما نظرا لوجود ستة تريليونات دولار في أسواق المال)، وإما أن تظهر عقبات في طريقنا.
مثلا، إذا حدثت انتكاسات للبنوك الإقليمية في الولايات المتحدة، فسينتج عن ذلك تأثير الدومينو الذي سيمتد في النهاية إلى أوروبا وحتى آسيا. لكن لكي يحدث ذلك، يجب أن يختفي الدعم الحكومي.
ما نراه في السوق لا يعكس حالة الاقتصاد، وأسوأ ما في الأمر هو أن النظرة الإيجابية لا تعتمد على الآمال بمستقبل مشرق بقدر ما تعتمد على الإيمان بمساعدة المنظمين. لكن هذه قنبلة موقوتة تدق ببطء وستنفجر في نهاية المطاف، وكلما طال انتظارنا، زاد الضرر.            
 

الأكثر قراءة