تقارير و تحليلات

صعود تاريخي للسيولة في الاقتصاد السعودي للأسبوع الرابع .. ماذا يعني ذلك؟

صعود تاريخي للسيولة في الاقتصاد السعودي للأسبوع الرابع .. ماذا يعني ذلك؟

صعدت السيولة في الاقتصاد السعودي "عرض النقود ن3" للأسبوع الرابع على التوالي، مرتفعة 0.69 % بنهاية الأسبوع الماضي 8 فبراير الجاري، إلى 2.745 مليار ريال كأعلى مستوى تاريخي، مقابل 2.726 مليار ريال في نهاية الأسبوع السابق له.

وبحسب خبراء اقتصاديين تحدثوا إلى "الاقتصادية"، فإن ارتفاع السيولة يوضح حجم الفرص الموجودة في الاقتصاد واستقطاب مزيد من الاستثمارات، مشيرين إلى أن وفرة السيولة تعزز الاستهلاك وتتيح المجال للاقتراض الشخصي وتمويل أنشطة المنشآت الاقتصادية.

وقال الدكتور إحسان بوحليقة الخبير الاقتصادي ورئيس مركز جواثا الاستشاري، إن تأثير نمو السيولة في الاقتصاد يعتمد على حالة الاقتصاد إجمالا، لافتا إلى أن وفرة السيولة قد تؤدي إلى ضغوط تضخمية في حال عدم توافر العرض الكافي من السلع لتلبية الطلب. بوحليقة أشار أيضا إلى أن ارتفاع سعر الفائدة عامل يحد من الاقتراض واللجوء إلى الودائع لتحقيق العوائد.

ووفقا لوحدة التحليل المالي في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات البنك المركزي السعودي، جاء الارتفاع تزامنا مع صعود عرض النقود ن1 "النقد المتداول خارج المصارف + الودائع تحت الطلب" 0.57 %. كما ارتفع عرض النقود ن2 "النقد المتداول خارج المصارف + الودائع تحت الطلب + الودائع الزمنية والادخارية" بوتيرة أقل بلغت 0.43 %.

وتشير البيانات إلى أن الودائع الأخرى شبه النقدية -تشمل ودائع المقيمين بالعملات الأجنبية، والودائع مقابل اعتمادات مستندية، والتحويلات القائمة، وعمليات إعادة الشراء "الريبو"، التي نفذتها المصارف مع القطاع الخاص- كانت المؤثر الأكبر في ارتفاع عرض النقود بمفهومه الواسع في ظل ارتفاعه بمعدل أعلى من ن1 ون2 اللذين لا يشملان هذا البند. أما الدكتور سعود المطير الأكاديمي والباحث الاقتصادي، فذكر لـ"الاقتصادية" أن العام الجاري شهد تحسن السيولة النقدية في الاقتصاد، مبينا أن ارتفاع عرض النقود يعود إلى زيادة حساب النقود المتداولة والحساب الجاري وهذا ما يؤكد زيادة الانفاق الحكومي الضخم في نهاية 2023 واستمراريته في 2024، وهو ما تسبب في زيادة السيولة.

وأشار الباحث الاقتصادي إلى تأثر عرض النقود في السعودية بالسياسة النقدية والسياسة المالية، مشيرا إلى أن السياسة النقدية كانت انكماشية نوعا ما العام الماضي إلا أن السياسة المالية تحولت إلى توسعية في العامين 2023 /2024. وبحسب المطير، فإن هناك زيادة واضحة في عرض النقود لأن الإيرادات الحكومية النفطية تحولت إلى عرض نقود وبالتالي لن يواجه الاقتصاد السعودي شحا في السيولة العام الجاري وهذا ما سيسهم في دعم مسيرة النمو الاقتصادي المدعوم بسياسة مالية نقدية توسعية في 2024 و2025، وبالتالي يتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نموا بوتيرة متسارعة.

و"عرض النقود ن3" هو مجموع "النقد المتداول خارج المصارف"، و"الودائع تحت الطلب"، و"الودائع الزمنية والادخارية"، و"الودائع الأخرى شبه النقدية". ومع ارتفاع أسعار الفائدة تقل جاذبية الودائع تحت الطلب التي لا يتقاضى المودع عوائد عليها، فيما يرتفع الإقبال على الودائع الزمنية والادخارية مع منحها عوائد ثابتة للعملاء مقابل ربطها لفترة محددة.

بدوره، قال الدكتور محمد مكني أستاذ المالية والاستثمار بكلية الأعمال في جامعة الإمام، إن صعود السيولة في الاقتصاد كأعلى مستوى تاريخي يوضح السياسة الحكومية في الإنفاق التوسعي وعملية ضخ مزيد من الأموال ودعم المشروعات والشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وبالتالي وجود حراك اقتصادي كبير شامل كل القطاعات والأنشطة.

وأشار إلى أن توافر سيولة لدى الشركات والأفراد يمكنهم من الوفاء بالالتزامات وعدم تراكم الديون خصوصا الالتزامات قصيرة الأجل، وهو ما يعزز نشاط الاقتصاد السعودي المتوقع له مزيد من النمو والتوسع، كما يعد صعود السيولة مؤشرا على متانة القطاع البنكي، إذ تسهم وفرة السيولة في تمويل دعم المشروعات المختلفة والإسهام في الحراك الاقتصادي.

وبحسب مكني، فإن ارتفاع السيولة يبين حجم الفرص الموجودة في الاقتصاد السعودي، وتطوير النظم والتشريعات الاقتصادية، وجذب الاستثمارات المحلية واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وفق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار والاستراتيجية الوطنية للصناعة وغيرها.

وعن علاقة صعود السيولة بالتضخم، أشار الدكتور محمد مكني إلى أن ارتفاعها في بعض الأحيان قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار والخدمات، لكن تراجع مؤشرات التضخم في السعودية أعطت نسب مقبولة ومعقولة في السيطرة على مستوياته. وحدة التحليل المالي

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات