تقارير و تحليلات

خبراء لـ «الاقتصادية»: إفراط أوروبا في التنظيم ينقلب على الشركات ويقودها للتمرد

خبراء لـ «الاقتصادية»: إفراط أوروبا في التنظيم ينقلب على الشركات ويقودها للتمرد

انقلب الإفراط التنظيمي الأوروبي على القارة، ليقود حاليا موجة تمرد من قبل شركاتها، لأنه بات يضعف قدرتها على الإبداع ومن ثم المنافسة الدولية، بحسب ما ذكره لـ"الاقتصادية" محللون وخبراء دوليون.
بعض الخبراء الاستثماريين يرون أن إفراط التنظيم خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي الصناعة البنكية والتمويل، أمر متعمد لإعاقة منافسيها عن شراء الأصول الأوروبية ونموهم بمعدلات سريعة، وبذلك تقلص أوروبا الفجوة بينهم وبينها، عندما لا تستطيع الالتحاق بهم.
وهنا تقول سارة بيتر المحللة في مجال التكنولوجيا الناشئة والسياسة العامة، "إن شركات التكنولوجيا الأوروبية حذرت بشكل صريح من الإفراط الأوروبي في التنظيم، الذي يخنق نمو الشركات الناشئة أو يجبرها على الانتقال إلى مناطق أخرى من العالم".
وتضيف في حديثها لـ"الاقتصادية" أن "مفاهيم التنظيم الأوروبية تخالف نظيرتها الأمريكية، حيث إن عملية التنظيم تأتي بعد وقوع الضرر، ففي أوروبا يأتي التنظيم مع (احتمال) وقوع الضرر، والنتيجة أن هامش الابداع والابتكار المتاح للشركات في الولايات المتحدة أكبر".
وتشير إلى أن أوروبا تريد تنظيم الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تحديدا قبل أن تتاح لها فرص للتوسع أو امتلاك القوة، والنتيجة أن 3 % فقط من شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في العالم تأتي من الاتحاد الأوروبي".
وتدرك أوروبا أن قدرتها التنافسية لا تضاهي الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين في مجال الذكاء الاصطناعي أو صناعة السيارات الكهربائية، لكن الولايات المتحدة والصين تدركان أيضا أن قدرتهما لن تضاهي أوروبا بوصفها صانع المعايير العالمية، ومحدد جدول الأعمال الدولي للقوانين الحاكمة لاستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وفي عالم اليوم فإن قواعد ومعايير الاتحاد الأوروبي باتت عابرة للقارات، بفضل الاتفاقيات الدولية، وحتى المملكة المتحدة لم يمنعها خروجها من الاتحاد الأوروبي من مواصلة العمل بمعظم المعايير التي ورثتها عن الأوروبيين، وتظهر الصناعة العالمية اهتماما بالامتثال للمعايير الأوروبية، خاصة أنها تميل لأن تكون أعلى مما هي عليه في معظم البلدان الأخرى.
وأهمية الدور الأوروبي كـ"منظم" عالمي تنبع من أن المنظمات العالمية كمنظمة التجارة الدولية أسست للدفاع عن التجارة الحرة، لكنها في نظر كثيرين أضعف من أن تحقق هذا الهدف، والولايات المتحدة الأمريكية، وإن لم تتخل عن الدفاع عن التجارة الحرة، لم يعد لديها الود السابق تجاهها، وخصوم الصين يعتقدون أن بكين تتحايل على حرية التجارة لتحقيق مصالحها فقط، وتظل أوروبا القلعة الأخيرة المتمسكة بمفهوم حرية التجارة، ما ينعكس على طريقتها في صياغة القوانين والمعايير الدولية.
أما أدم كونار الخبير الاستثماري، فيؤكد لـ"الاقتصادية" أن "القواعد التنظيمية الأوروبية المعقدة تنعكس في الأساس على قدرة الشركات التكنولوجية العملاقة، وأغلبها شركات أمريكية، فتعوقها عن العمل والتوسع في الأسواق الأوروبية، وتحت شعار تعزيز المنافسة تتضمن القواعد التنظيمية الأوروبية كثيرا من عناصر الحماية، وتقاوم عمليات الاندماج، وأغلبها تعني عمليا، قيام شركات أمريكية أو صينية أو خليجية بشراء نظيرتها الأوروبية".
مع هذا يرى الاتحاد الأوروبي أن رفع المعايير والإفراط في القوانين التنظيمية للشركات يتماشى مع حقوق المستهلك والمصلحة العامة والحراك العالمي، ومن ثم يخفض من درجة الاحتكاك الاجتماعي بين الشركات ورؤوس الأموال من جانب والمستهلكين من جانب آخر.
وعلى الرغم من ترحيب الدكتور دانيال سوكال أستاذ الاستراتيجية والأعمال السابق في جامعة لندن، بالأسس التنظيمية للأعمال في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه يعتقد أنها وصلت إلى حدها الأقصى.
وذكر سوكال لـ"الاقتصادية" أنه "في العامين الماضيين بدأت تنعكس تلك القواعد التنظيمية سلبا على قدرة الشركات الأوروبية في جمع مزيد من التمويل، ففي عام 2021 جمعت الشركات الأوروبية العاملة في الذكاء الاصطناعي 44 مليار دولار، بينما جمعت نظيرتها الأمريكية ما يراوح بين 170 و 200 مليار دولار".
واختتم حديثه "لذلك فإن أوروبا في حاجة لأن تكون أكثر توازنا بين التنظيم الضامن لحقوق المستهلكين في مواجهة الشركات العملاقة، وفي الوقت ذاته السماح للشركات بتعزيز قدرتها الابتكارية والإبداعية لإنجاز النمو المستدام".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات