أجندة 2024 .. السعودية وجهة عالمية بأصالة محلية

كان عام مليئا بالفعاليات والنجاحات التي رسمت البهجة والبسمة على وجوه السعوديين، وفيه خطت المملكة خطوة أخرى نحو ما تصبو إليه، هكذا يمكن وصف عام 2023 الذي لم يترك طيفا وذوقا ومهتما إلا وأرضاه، بداية من عشاق الفنون في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، مرورا بكأس العالم للأندية لمشجعي كرة القدم، وصولا إلى شتاء طنطورة لمحبي الأجواء الشتوية وسط العلا التي تعد متحف مفتوحا في قلب الطبيعة النابضة بالحياة.
وفيما يبدو لن يكون عام 2024 أقل نجاحا من سابقه، هذا إن لم يتفوق عليه في ظل ما تم إعلانه حتى الآن من جدول فعاليات مثير ومشاريع عملاقة سيتم افتتاحها وفرص جديدة للشباب الذين عليهم الاستعداد من الآن لاقتناص فرصة في أرض الفرص، ولعل بشائر العام الجديد بدأت بطمأنينة حكومية منذ أيام، حين طرحت المملكة ميزانية عام 2024 والتي تستهدف فيها إيرادات بقيمة 1.1 تريليون ريال، كما احتوت الميزانية إجراءات استباقية اتخذتها السعودية ضد أي أزمات طبيعية أو بشرية، وذلك بالحفاظ على احتياطيات نقد أجنبي مرتفع، ووفرة مالية تستطيع دعم المواطن كل الأوقات. وهو بمنزلة ما عده خبراء الاقتصاد صمامات أمان تحصنت بها الرياض في العام الجديد المرتقب.
ما ينتظره السعوديون في 2024 ليس مجرد أحوال اقتصادية هادئة ومزدهرة فقط، بل الكثير من الفعاليات التي أعلنتها المملكة، ولعل البداية ستكون من نصيب عشاق الإثارة والتشويق، إذ ينتظرهم بعد أيام وتحديدا في الخامس من يناير، انطلاق النسخة الخامسة من رالي داكار من مدينة العلا التاريخية، ليستكشفوا تضاريسها الساحرة وطبيعتها المتنوعة، ويعد هذا الحدث الذي أقيم في المملكة لأول مرة في 2020 من أكثر من المنافسات التي ينتظرها السعوديون والأجانب، ويحظى بنسبة مشاهدة كبيرة.
بالتزامن مع ذلك، سيكون لمشجعي كرة القدم نصيب من المتعة أيضا، ففي العاشر من يناير ستقام بطولة كأس السوبر الإسباني الذي يحتضن أربعة فرق، وهي برشلونة وريال مدريد وأتلتيكو مدريد وأوساسونا، حيث نظمت السعودية البطولة أول مرة عام 2019 وبسبب نجاحها غير المسبوق والحضور الجماهيري اللافت، استمرت تقام على ملاعب المملكة.
وبالعودة إلى العلا مرة أخرى، سيحظى عشاق الفنون بنصيبهم، إذ سيقام معرض إكس العلا في نسخته الثالثة المفترض إقامتها في الفترة من (ثمانية فبراير إلى الثاني من مارس)، وترتكز فكرة المعرض الذي نظم لأول مرة عام 2020 على تجمع فنانين محليين وعالميين لعرض لوحاتهم التي تمزج بين الطبيعة الصحراوية الساحرة التي تتميز بها العلا وبين الفن، كما فعلت العام الماضي من خلال رمز المعروضات إلى السراب والحياة الصحراوية.
أما أهل جدة إذ ينتظرهم التشويق والإثارة، ففي الـسابع من مارس سيقام سباق بطولة "فورومولا 1"، التي فاق عدد جمهورها خلال الأعوام الماضية 140 ألف مشجع، عاشوا لحظات المغامرة والتشويق، وبعد انتهاء المنافسات استمتعوا بالحفلات الموسيقية التي تقام على هامشها وتضم ألمع النجوم بداية من كالفن هاريس وأفروجاك ووصولا إلى أحمد سعد، وبحسب شركة رياضة المحركات السعودية، فخلال العام الجديد ستكون هناك مفاجآت ترضي جميع الأذواق للحفاظ على الإثارة داخل وخارج الحلبة.
أما الحدث الأكبر ليس على مستوى المملكة فقط بل العالم أيضا، فسيبدأ في الصيف المقبل، حين تنطلق النسخة الأولى من كأس العالم للرياضات الإلكترونية، التي تشكل أكبر منافسة عالمية في هذا المجال ويعول عليها لتحويل الرياض إلى عاصمة للألعاب الإلكترونية، من ناحية أخرى فسيوفر هذا الحدث 39 ألف فرصة عمل، بجانب تعزيز معدلات إشغال دور الضيافة الذي يشهد عادة انخفاضا في أشهر الصيف.
بالطبع تلك الفعاليات وما يستجد عليها، تتزامن مع الحدث الأكبر في الشرق الأوسط، وهو موسم الرياض الذي سيكمل فعالياته خلال العام الجديد، مضيفا متعة فوق المتعة لكل الباحثين عن ساعات يسترخون فيها من ضغوطات الحياة، وإن كان من الصعب حصر جميع فعاليات العام الجديد في عدة أسطر كالبوليفارد وونتر وندرلاند ووندر جاردن، فكذلك أيضا من الصعب حصر بعض المؤتمرات المهمة التي ستقام في 2024.
أبرزها مؤتمر الطاقة السعودي الذي سيقام في مايو المقبل، إذ يعد أول مؤتمر متخصص بالطاقة المتجددة والهيدروجين، ويستقطب أكثر من 250 متحدثا دوليا من القادة وصناع القرار في هذا الملف، وبالتزامن مع ذلك أعلن الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، أن المملكة تخطط لطرح مشاريع طاقة متجددة بقدرة 20 جيجاواط في 2024، وذلك بعد مضاعفة إنتاجها أربع مرات من 700 إلى 2800 جيجاواط حتى الآن.
كما يشهد العام الجديد إقامة معرض الغذاء السعودي في أغسطس، ويعد المعرض تجربة رائدة في مجال الأغذية والمبيعات والتسويق البالغ قيمته 54 مليار دولار، ويجذب الحدث الكبير جميع المهتمين بهذا القطاع والباحثين عن فرصة عمل في المملكة، كما سيشهد العام أيضا افتتاح أول فندق في مدينة الدرعية التراثية بعد التجديد الذي شهدته خلال الفترة الماضية بما يليق بتاريخها الذي أهلها لأن تكون أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
لن يقلق السعوديون إطلاقا على مستقبلهم بإذن الله، في ظل قيادة تعمل من أجل تنمية بلدهم ليل نهار، وفي العام الجديد تتعدد الخيارات وسط جودة حياة لا مثيل لها، وبالتالي يصعب حصر الأنشطة التي يمكن للمواطنين والمقيمين والزوار حضورها والاستمتاع بها، سواء كنت في جيزان أو الأحساء أو الطائف أو العلا أو نيوم، بالتأكيد الناجون من الحيرة من يوجدون هذه الأيام في الصياهد الجنوبية شمال العاصمة الرياض، بمناسبة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، حيث حظي أخيرا ملاك ومحبو الإبل بتسمية مجلس الوزراء لعام 2024، "عام الإبل"، وذلك احتفاءا بالقيمة الثقافي الفريدة لها في حياة أبناء الجزيرة العربية وتأصيلا لمكانتها الراسخة وتعزيزا لحضورها المحلي والدولي.