فيلم "ونكا".. الشوكولا مصدر للإلهام والبهجة

فيلم "ونكا".. الشوكولا مصدر للإلهام والبهجة
فيلم "ونكا".. الشوكولا مصدر للإلهام والبهجة

لطالما شكلت الكتب مصدرا للأفلام، حيث تعد من أكثر المصادر إلهاما نظرا إلى متانة الحبكة السردية التي تكون في الكتب، وعلى الرغم من تداول نسخ عديدة للأفلام المقتبسة من كتب إلا أن كل نسخة يكون لها طابعها الخاص، تماما كما حصل في فيلم "ونكا" الذي يستند على كتاب الأطفال الشهير للمؤلف رولد دال "تشارلي ومصنع الشوكولاتة"، الذي يأتي امتدادا لأفلام مشابهة حيث تم إصدار فيلم "ويلي ونكا ومصنع الشوكولا" عام 1971، ولعب جين وايلدر دور الشخصية الرئيسة، ولاحقا قام جوني ديب بأداء الدور نفسه في فيلم معاد إنتاجه وعرض في 2005، وأخرجه تيم بيرتون.
تدور أحداث الفيلم حول، القصة العجيبة لكيفية تحول ويلي ونكا أعظم مخترع وساحر وصانع شوكولاتة في العالم إلى شخصيته المتعارف عليها، وعلى الرغم من أنه لا يلتزم بالكامل بالسحر الذي ميز فيلم وايلدر، لكنه يتمتع بحلاوة خاصة به تقدم جرعة من الحماس الذي يرضي الجماهير الذين يسعدهم رؤية بعض الأعمال الصالحة تتألق في عالم مرهق.

غرابة الأطوار

يقدم بطل الفيلم تيموثي شالاميه أداء جادا ومحترما في تجسيده شخصية تم تجسيدها من قبل إلى حد الكمال، إلا أن أداء شالاميه لا يقترب أبدا من أن يكون تقليدا لوايلدر، وتمنحه هذه المساحة مجالا لإضفاء طابعه الشخصي على الدور. يظهر المرشح لجائزة الأوسكار في قلب كل مقطوعة موسيقية في الفيلم تقريبا، وعلى الرغم من أن أغنياته على هذه الجبهة لا تكشف الكثير، إلا أنه يقدم الألحان المرحة والمنفتحة بحماس. يجسد شالاميه غرابة أطوار ويلي ببراعة، حيث يتميز بأنه متفائل دائما، وبعد سبعة أعوام من إتقان نياته الطيبة في صناعة الحلويات، يشعر بالحماس الطيب لفكرة امتلاك متجر للشوكولاتة، الذي يأمل أيضا أن يعزز العلاقة مع والدته، تؤدي دورها سالي هوكينز. وعلى الرغم من أن ويلي الذي يتحدث بسرعة يلقي بعض السخرية هنا وهناك، إلا أنه بعيد جدا عن الشخص الساخر الذي سيغلق مصنعه في النهاية أمام الجمهور، أن شالاميه يمكن أن يلعب دور قائد حزين، لكن سيناريو كينغ وسيمون فارنابي يختار التخلص من عيوب ويلي ويحولها إلى العالم القاسي الذي يكافح من أجل إلهامه بحلويات لذيذة للغاية ولها خصائص سحرية، وتملك القدرة على لم شمل العشاق السابقين المنفصلين.

المنافسة وكارتيل الشوكولا

تثير كلمة فقير حفيظة المسيطرين على كارتيل الشوكولا الذي يتألف من ثلاثة رجال حلوى أثرياء منافسين بقيادة سلاغوورت، ما يدفعهم إلى محاربة ويلي والوقوف بوجه حلمه لأنهم يعتقدون أن الحلويات يجب أن تكون بسيطة، وإنتاجها رخيص الثمن، وغير قادر على جعلك تطير، فيقومون بتخزين الشوكولاتة في أقبية تحت الأرض لرفع الأسعار ويصبحون أوغادا، ما يجعلك تفهم مدى عمق الشر في هذا العمل. ويتم تصوير التناقض بالأجواء بين ويلي والكارتل بشكل جيد من خلال الإنتاج وتصميم الأزياء، مع دمج ممتاز بين اللغة البصرية الإبداعية التي يتطلبها عالم دال الخيالي وبين الأجواء الواضحة والصارمة للأشرار.

بين التهريج والكوميديا

يعد فيلم "ونكا" عملا موسيقيا كوميديا بامتياز، وقد تضمنت المشاهد عديدا من التهريجات أكثر منها مواقف كوميدية. ويتجلى ذلك في عديد من المشاهد، مثلا حين تختطف السيدة سكربيت التي تلعب دورها أوليفيا كولمان وأسنانها الصفراء المثيرة للاشمئزاز الأضواء في كل مشهد توجد فيه، والتشابكات الرومانسية بين صاحبة العقار والسيد بليتشر، يؤدي دوره توم ديفيس، توفر أكبر الضحكات في الفيلم. لدى السيدة سكربيت عادة خداع ضيوف منزلها الذين تؤجرهم غرفه وإجبارهم على توقيع عقد خدمة يصبحون فيه كالعبيد، وهذه هي المرة الأخيرة التي ينسى فيها ويلي قراءة الشروط والأحكام. والمقيمون الآخرون الذين يصادقهم ويلي يحفزونه على مساعدة أولئك الذين وضعوا أحلامهم قيد الانتظار. كما يظهر روان أتكينسون ليلعب دور كاهن مدمن على الشوكولاتة، وكل مشهد من مشاهده يأتي بمنزلة عروض مصغرة لأسلوب الكوميديا الجسدية الأسطورية التي اشتهر بها.

شخصيات غير ضرورية

يتميز الفيلم بإيقاع سريع ومشوق بحيث ينسي المشاهد التنبه إلى بعض الأخطاء التي رافقت القصة والشخصيات وعدت نقاط ضعف في العمل، لكنها لم ترتق إلى درجة الإخفاقات التي تزعج المشاهد. وكان أبرزها إدخال بعض الشخصيات الثانوية التي بدت في غير مكانها. وعلى سبيل المثال، شخصية الومبا لومبا الذي جسد دوره هيو جرانت الذي يتعرض للعار بعد منعه ويلي من سرقة حبوب الكاكاو، هو موضوع غير مؤثر في الحبكة الدرامية للعمل وكأنه حشر في الموضوع من دون مبرر، رغم أن جرانت يلعب دوره بشكل جيد ورائع لكنه يدخل القصة متأخرا جدا وبتأثير ضئيل للغاية لدرجة أنه لا يبدو ضروري.
كما يبدو رئيس الشرطة للممثل كيغان-مايكل كي، الذي يصبح أكثر بدانة بشكل متزايد مع كل رشوة شوكولاتة يأخذها، وكأنه ضائع في نكتة رتيبة ومملة لا يساعدها نبرة الشرطي عتيق الطراز ولا حبه للحلويات في تحقيق هدفها.

الموسيقى عنصر جذب

"ونكا" فيلم موسيقي كبير قديم الطراز، يستخدم عالم رولد دال بحكمة كافية لتجنب أي إساءة للمؤلف أو إرث جين وايلدر، وقد منحت الأغاني الساحرة والمصممة بشكل جيد الفيلم هوية خاصة بما يكفي لجعله يستحق أن تتذوقه، ويطير بك إلى عالم ساحر لا يشبه غيره، وكأنه سرق من الخيال لحظة لامعة وأضاف إليها التوابل الفنية اللازمة من موسيقى وأغان وحركة، إضافة إلى طاقم من الممثلين المساعدين النابضين بالحياة الذي ينتهي بهم الأمر باعتناق غرابة الاطوار التي ميزت ونكا أكثر من ونكا نفسه.
إن الفيلم مليء بالغناء والرقص، بداية من الألحان الافتتاحية وصولا إلى الأغاني الجذابة والمبتكرة التي تضمنها العمل. ولا شك أن هذه الأغاني تمنح كينغ فرصة كبيرة لشرح أحاسيس ويلي السريالية في العالم القاسي الذي يحاول إضفاء البهجة عليه بشغفه.
هذا ولا بد من الإشارة إلى أن حيوية ثيموتي شالاميه وأداءه الصادق خاصة في التريلر الدعائي الذي احتوى على بعض المشاهد المثيرة والمشوقة، والتركيز على شخصية ونكا، والصعوبات التي واجهته خلال محاولته لإنشاء مصنعه للشوكولاتة الشهير، أسهمت في إنجاح العمل بشكل كبير.

الإيرادات

حقق الفيلم انطلاقة قوية في دور العرض العالمية، وقد تصدر إيرادات البوكس أوفيس الأمريكي خلال الأيام الأولى من عرضه، حيث نجحت النسخة المكررة من الفيلم في تحقيق 58 مليون دولار والرقم في تصاعد مستمر، ونجح الفيديو الترويجي في استقطاب أعداد كبيرة من المتابعين في صالات السينما وقد خصصت ميزانية 125 مليون دولار لإنتاجه، فضلا عن الحملة التسويقية التي تصدرها بطل العمل تيموثى شالاميه واستمرت لشهر.

الأكثر قراءة