العثور على عوائد استثمارية جيدة في ظل الرياح السيئة

العثور على عوائد استثمارية جيدة في ظل الرياح السيئة

من بين جميع أقوال والدتي التي تكررها كثيرا، كان أكثر ما التبس قولها: "الرياح السيئة لا تهب على أحد بأي خير". وهذا يعني شيئا كالتالي: "ربما سقطت شجرة الجيران في العاصفة، ولكن على الأقل ستحصل حديقتنا على مزيد من أشعة الشمس الآن!".
في الأعوام الأخيرة، تعرض المستثمرون في المملكة المتحدة لعديد من الرياح السيئة - ليس أقلها التضخم وآثاره الجانبية. وسينظر كثيرون إلى استثماراتهم ومدخراتهم ويشعرون بالصدمة. فقد ارتفعت تكلفة المعيشة بأكثر من 20 في المائة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية - وهذا ليس جيدا لمن يجلس على كثير من المال.
وماذا بالنسبة إلى الذين استثمروا بالكامل؟ إذا قمت بتضمين توزيعات الأرباح، سيكون المستثمرون في مؤشر إم إس سي آي للأسهم العالمية قد شهدوا ارتفاع الأسواق بنحو 30 في المائة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية - وهو أكثر من الارتفاع الذي طرأ على تكلفة المعيشة. وفي المملكة المتحدة، ارتفع مؤشر فتسي الشامل 14 في المائة فقط، لكن توزيعات الأرباح ينبغي أن ترفعه إلى نحو 23 في المائة - وهو ما يؤكد مدى أهميتها.
من استثمروا فيما كان يفترض أن يكون ملاذات آمنة للسندات البريطانية ليسوا في وضع جيد جدا. حيث انخفض صندوق أي شير يو كيه غيلتس أي تي إف بنسبة 30 في المائة على مدى ثلاثة أعوام، وانخفض شقيقه المرتبط بالمؤشر 35 في المائة. بعبارة أخرى، انخفضت هذه الاستثمارات من حيث القيمة الحقيقية إلى النصف على الأقل.
ربما بدأت رياح التضخم تهدأ الآن. حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك 4.7 في المائة في العام المنتهي في أكتوبر 2023، لكن ذلك كان أفضل من 11 في المائة المسجلة في العام السابق. لكن كن مستعدا أن تستمر برودة الرياح (المقصود بها استمرار التضخم - المترجم) لفترة أطول قليلا. فالتضخم لديه عادة سيئة تتمثل في البقاء، خاصة أن الناس يتوقعون ارتفاع أجورهم لمساعدتهم على التكيف مع ارتفاع تكاليف المعيشة - والشركات التي توافق على أجور أعلى ثم ترفع أسعار سلعها وخدماتها.
ضع في حسبانك أيضا احتمال حدوث ارتفاعات دورية مرتبطة بأحداث غير مخطط لها - مثل ضعف المحاصيل الذي يؤجج ارتفاع أسعار الحبوب.

ابحث عن عوائد أعلى من التضخم

غالبا ما يمكن العثور على أفضل الصفقات بين الحطام. إذا لم تكن لديك نقود، فقد تحتاج إلى إعادة توازن محفظتك لالتقاط هذه الصفقات. لقد صمدت أسهم التكنولوجيا الأمريكية أمام عواصف العام الحالي بشكل جيد، لكن التوقعات والتقييمات تبدو الآن قد بلغت الحد الأقصى.
باختصار، إذا زاد الذكاء الاصطناعي من أرباحها بشكل كبير، فقد يكون هناك مزيد من الاتجاه الصعودي - ولكن يمكن العثور على فرص أفضل في مكان آخر في حال جاء الدخل الإضافي بشكل أبطأ من المتوقع.
وهذا قد يجعل أي شخص يملك استثمارا في صندوق يتتبع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 متوترا. وتشكل شركات التكنولوجيا "السبع العظيمة" - أبل، وألفابيت (جوجل)، وأمازون، وميتا، ومايكروسوفت، وإنفيديا، وتسلا - الآن نحو 29 في المائة من قيمتها (ونحو 18 في المائة من مؤشر مورجان ستانلي العالمي). وتميل هذه الأسهم إلى الارتفاع والانخفاض معا. لذلك يبدو أن كلا المؤشرين غير متوازنين بشكل كبير. ولا يقدم أي منهما التنويع الذي أريده في ظل هذه الظروف الاقتصادية غير المؤكدة.
وفي حين أن أسهم التكنولوجيا تصدرت عناوين الأخبار هذا العام، فقد تم نسيان مجالات أخرى من عالم الأسهم - أو هجرها. حيث أشار عديد من مديري الصناديق إلى مدى رخص أسعار الأسهم البريطانية مقارنة بالأسهم الأمريكية. هذه السوق تعرضت لضربات قوية منذ 2016. حيث يبلغ متوسط نسبة السعر إلى الأرباح للأسهم الأمريكية نحو 16 مرة في العام المقبل. بينما سوق المملكة المتحدة أقرب إلى عشر مرات، وتقدم ضعف عائد الأرباح - 4 في المائة.
إذا شئت ألق باللوم على عاصفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والفوضى السياسية التي تلت ذلك. لكنني أعتقد أن الجزء الأكبر من هذا الاختلاف في الأداء يمكن تفسيره من خلال التركيبة. فالمملكة المتحدة لديها عدد قليل من شركات التكنولوجيا، حيث تميل شركات التكنولوجيا إلى الحصول على نسب عالية من السعر إلى الأرباح وتقدم عوائد أقل.
وعادة ما يتم تسعير أسهم النمو في المملكة المتحدة - التي يوجد القليل منها - بشكل مشابه لنظيراتها في الخارج. لكن ليس اليوم. إن نسبة سعر السهم إلى الأرباح هي مقياس تقييم بسيط حيث يتم اقتباس أرقام الأرباح بشكل مختلف في كل بلد، ولكنها نقطة بداية مفيدة للمقارنات.
ووفقا لـ"بلومبيرج"، حققت شركة سايج جروب لتطوير برامج المحاسبة أرباحا تعادل 32 ضعفا. ويتم تداول شركة إنتويت، نظيرتها في الولايات المتحدة، على أرباح تبلغ 35 مرة (ربما 37 مرة بعد التعديلات التي قد أجريها، لكنه تقييم مشابه إلى حد كبير).

قوة توزيعات الأرباح

في رأيي، تكمن الفرص الأكثر إثارة للاهتمام في الشركات البريطانية ذات النمو المنخفض والتي لديها أعمال راسخة وتاريخ طويل في التعامل بشكل جيد مع التضخم. إذ تدفع عديد من الشركات البريطانية الكبرى عائدا على الأرباح يزيد كثيرا على 5 في المائة التي يمكنك الآن أن تأخذها من خلال حساب توفير نقدي لائق.
كلمة للتحذير: لا توجد أرباح مضمونة، وبعض الشركات التي تقدم أرباحا عالية اليوم تبدو وكأنها تتجاوز قدرتها من أجل الحفاظ عليها. انظر في شركة فودافون ومن المرجح أن تجد أنها تدفع عائدا على أرباحها بنسبة 10 في المائة، ولكن هذا على فرض أنها تستطيع الحفاظ على توزيعات الأرباح. إذا قمت بالتحقق من ربحية السهم مقابل توزيعات الأرباح للسهم الواحد وكم ارتفعت تكاليف الديون تقريبا (هناك كثير من الديون عند فودافون) فقد تستنتج بسرعة أن هذه الأرباح سيتم تخفيضها. هذه ليست توقعات، إنها مخاطرة.
ربما تعد شركات العقارات الكبيرة وشركات التعدين رهانات أفضل. فهي مدعومة بأصول ملموسة، على عكس شركات التكنولوجيا التي تعيش على أصول غير ملموسة. هناك كثير من القواسم المشتركة بين دخل الإيجار للشركات العقارية والسندات -الثابتة على مدى فترات طويلة - ولكن على عكس السندات، يمكن للشركات العقارية رفع الإيجار عند الاتفاق على عقد إيجار جديد، لذلك يميل دخل الإيجار إلى التكيف مع التضخم.
وكما هي السندات، فقد كان أداء أسهم العقارات ضعيفا على مدى الأعوام القليلة الماضية، خاصة أن المستثمرين قلقون بشأن ارتفاع تكاليف الفائدة وأن العمل من المنزل قد يهدد الطلب على المكاتب إلى الأبد. بلغت أسهم شركة لاند سيكيوريتيز، التي أمتلكها، ما يقرب من عشرة جنيهات استرلينية قبل الجائحة، وهي الآن تزيد قليلا على ستة جنيهات استرلينية.
ويحظى سعر السهم على المدى الطويل بدعم من قيمة بيع ممتلكات الشركة، مطروحا منه الديون الواجب سدادها - وهو ما يسمى "صافي الأصول الملموسة للسهم الواحد". قبل الجائحة، بلغت هذه القيمة ذروتها عند 14 جنيها استرلينيا للسهم، ولكن تم تخفيضها إلى أقل من تسعة جنيهات استرلينية في الأرقام الأخيرة - وهو ما يعكس ارتفاع أسعار الفائدة.
لقد أثر العمل من المنزل في عديد من الشركات العقارية، لكن جزءا كبيرا من محفظة شركة لاند سيكيوريتيز هو منطقة فيكتوريا في لندن التي أعيد تطويرها أخيرا، التي تبلغ نسبة إشغالها 100 في المائة. لقد تمكنت الشركة من إدارة مستويات الديون بشكل جيد. ويمكنها تحمل تكاليف إعادة تشكيل العقارات لتناسب الاحتياجات المتغيرة بينما تكافح الشركات الصغيرة لإعادة تأجير المساحات القديمة.
يتم تداول أسهم شركة لاند سيكيوريتيز بسعر 6.28 جنيه استرليني، وهو ما يمثل خصما بنسبة 30 في المائة على القيمة المسجلة للمحفظة، حتى بعد قيامك بتعديل أي دين. ويتم أخذ القليل من الحسبان في هذه الأرقام للعقارات قيد التطوير والتي قد تكون لها قيمة كبيرة عند اكتمالها. ويدعم الإيجار من عقاراتها عائد أرباح يزيد على 6 في المائة، ويعمل فريق الإدارة على تحسين العقارات حتى يتمكن من رفع الأسعار قبل التضخم على المدى الطويل.
ربما كانت والدتي على حق بعد كل شيء بشأن الرياح السيئة. لقد أضر الإعصار الذي ضرب سوق العقارات بعديد من المساهمين الحاليين، لكن هذه المنطقة غير المحبوبة يمكن أن تفيد محفظتي بعض الشيء.