الطاقة- النفط

الأزمة المصرفية تعقد ديناميكيات سوق النفط .. المكاسب تعود رغم بقاء حالة التوتر

الأزمة المصرفية تعقد ديناميكيات سوق النفط .. المكاسب تعود رغم بقاء حالة التوتر

استمرت التقلبات السعرية للنفط الخام، حيث تلقت الأسعار دعما من سحب أكبر من المتوقع من المخزونات النفطية الأمريكية، بينما كبح المكاسب قوة الدولار الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع الخام إضافة إلى خفض أقل من المتوقع للإمدادات النفطية الروسية.
وتتباين توقعات الطلب العالمي في ضوء إنهاء القيود في الصين مع تباطؤ وتيرة التعافي مقارنة بالتوقعات السابقة فيما يستمر الطلب على الديزل الذي يستخدم كوقود صناعي ووقود للتدفئة في الانخفاض عند أدنى مستوياته الموسمية في سبعة أعوام، وهو مؤشر إلى ضعف النشاط الاقتصادي.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون: إن المخزونات النفطية الأمريكية انخفضت بأكثر من سبعة ملايين برميل في الأسبوع الماضي، ما وفر دعما لأسعار النفط حيث عاد التجار إلى الشراء في العقود الآجلة للنفط وذلك على الرغم من أن حالة عدم اليقين لا تزال تلقي بثقلها على السوق بعد الأزمة المصرفية التي ضربت المؤسسات في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
وأوضح المختصون أن الاضطراب في القطاع المالي في الولايات المتحدة وأوروبا أدى إلى تعقيد ديناميكيات سوق النفط في العام الجاري، ما يسلط الضوء على احتمالية ضعف الطلب في السوق نتيجة مخاطر الركود التي تلوح في الأفق.
وأشار إلى تخفيض البنوك الكبرى مثل "باركليز" و"جولدمان ساكس" توقعاتهما لأسعار النفط لهذا العام، لكنها لا تزال تتوقع أن يصل متوسط أسعار النفط إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل وحتى أكثر من 90 دولارا في العام الجاري، لافتين إلى أن أسواق السلع الأساسية من المرجح أن تتجاوز مخاوف تعثر القطاع المصرفي وتتجنب انهيار الطلب والأسعار كما حدث في الأزمة المالية 2008-2009.
وفى هذا الإطار، قال هيورويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، إن السوق النفطية ما زالت تعاني نقص الاستثمار الهيكلي في مشاريع المنبع، ما يثير القلق على أمن الإمدادات خاصة مع تقلص الطاقة الاحتياطية الفائضة لدى "أوبك"، لافتا إلى أن القدرة الفائضة الكافية وبرامج النمو الموثوقة تتركز في منتجي "أوبك" الأساسيين.
ولفت إلى التزام المنتجين الأمريكيين في مشاريع النفط الصخري الحذر في زيادة الإمدادات، بينما نرى أن العرض الروسي ظل مرنا مع تلاشي توقعات سابقة بتخفيضات كبيرة في الإمدادات الروسية خلال العام الجاري كما يبدو أن التوقعات بشأن تخفيضات إنتاج "أوبك" مجددا وإعادة تعبئة احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي قد تراجعت.
من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات أن السوق النفطية لا تزال متوترة للغاية، لكن عادت المكاسب نسبيا بسبب حالة الهدوء بعد المخاوف المصرفية السابقة، مشيرا إلى أنه على مدى الشهور المتبقية من العام ستراقب الأسواق كيف يتطور طلب الصين على النفط بعد إعادة الافتتاح؟ وكيف سيتصرف بنك الاحتياطي الفيدرالي في سياسة أسعار الفائدة.
ولفت إلى وجود توقعات متفائلة بتسجيل النمو الاقتصادي الصيني مفاجآت إيجابية تفوق التقديرات السابقة، ما سيوفر دعما جيدا للطلب العالمي خاصة مع زيادة أنشطة النقل وحركة السفر وارتفاع إنفاق المستهلكين في أعقاب إعادة افتتاح البلاد.
بدوره، أوضح أندريه جروسي مدير شركة "إم إم إيه سي" الألمانية، أن أسعار النفط الخام تلقت دعما قويا عقب انحسار المخاوف بشأن القطاع المصرفي وإغلاق 400 ألف برميل يوميا من صادرات النفط الخام من كردستان العراق، لكن العوامل المضادة ما زالت قوية وواسعة التأثير خاصة مخاوف نقص السيولة في القطاع المصرفي بعد انهيار بنكين أمريكيين وعملية الاستحواذ على بنك كريدي سويس السويسري العملاق كما أسهمت المضاربة في صفقات شراء النفط في انخفاض أسعار العقود الآجلة للنفط.
وأشار إلى أن انهيار بنك "سيليكون فالي" منذ أكثر من أسبوعين أدى إلى عمليات بيع واسعة النطاق، حيث كان سوق النفط ضحية للانحدار الحاد نتيجة فرار المستثمرين من الأصول ذات المخاطر العالية، بينما شجعت إعادة الافتتاح الصينية مديري الصناديق على زيادة رهاناتهم على ارتفاع أسعار النفط.
بدورها، ذكرت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيرينج" الدولية أن أسعار النفط الخام ارتفعت مع تصاعد الخلاف العراقي مع كردستان، مشيرة إلى أنه للحفاظ على وتيرة المكاسب تحتاج السوق إلى رؤية تغير في المعنويات وتراجع جذري وليس نسبي في القلق بشأن التطورات الأخيرة في القطاع المصرفي.
ونوهت إلى أن أسعار النفط الخام حققت قفزات سعرية في بداية الأسبوع الجاري بعدما أدى وقف تصدير 400 ألف برميل يوميا من صادرات النفط الخام من إقليم كردستان شبه المستقل إلى ارتفاع الأسعار، مشيرة إلى أن وضع المضاربة الأكثر توازنا لمديري الأموال حاليا يعني أنه قد يكون هناك اتجاه صعودي للنفط في الأمد القصير حيث يتوقع أكبر تجار النفط في العالم انتعاشا في الأسعار بقيادة الصين.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، استقر النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة أمس، حيث قوبل سحب مفاجئ من مخزونات النفط الخام الأمريكية، الذي دعم الأسعار، بخفض أقل من المتوقع للإمدادات الروسية وقوة الدولار.
وظلت العقود الآجلة لخام برنت دون تغيير عند 78.28 دولار للبرميل. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ستة سنتات، بما يعادل 0.1 في المائة، إلى 72.91 دولار للبرميل.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية: إن مخزونات النفط الخام الأمريكية تراجعت على غير المتوقع الأسبوع الماضي، ما ساعد على دعم الأسعار. وكثفت المصافي الإنتاج بعد موسم الصيانة، وانخفضت الواردات إلى أدنى مستوى في عامين.
وتراجعت مخزونات النفط الخام 7.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 24 آذار (مارس) إلى 473.7 مليون برميل، مقارنة بـتوقعات محللين في استطلاع أجرته "رويترز" لزيادة 100 ألف برميل.
وفي غضون ذلك، أدت تقارير عن انخفاض إنتاج الخام الروسي نحو 300 ألف برميل يوميا في الأسابيع الثلاثة الأولى من مارس أي أقل من التخفيضات المستهدفة البالغة 500 ألف برميل يوميا، وقوة الدولار الأمريكي، إلى محو مكاسب أسعار النفط.
وارتفع مؤشر الدولار الذي يتحرك يوجه عام عكس اتجاه النفط، 0.18 في المائة أمس الأول، إلى 102.67، مبتعدا عن أدنى مستوى في سبعة أسابيع الذي سجله في أواخر الأسبوع الماضي.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 77.72 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 77.63 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثالث ارتفاع على التوالي وإن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 74.75 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط