ركود العقارات لا يؤثر في أعمال البنوك الإسلامية

ركود العقارات لا يؤثر في أعمال البنوك الإسلامية

قللت مصارف إسلامية من شأن توقعات بتعرض مواقفها لـ«إحراج» نتيجة تمويلها عقارات، في ظل الكساد والركود العالميين اللذين يخيمان على القطاع، كونها بنوكاً صغيرة في وقت يحتاج إلى كيانات اقتصادية كبيرة تواجه الأزمة، وفي حين اعترفت بنزول قيمة تلك المشروعات التي مولتها، أشارت إلى الأصول المقابلة لديها، على العكس من الكثير من البنوك التقليدية، مشيرة إلى أنها كانت أكثر حذراً وانتقائية في اختيار العملاء.
وردّ تنفيذيون ومديرو تطوير ومستشارون اقتصاديون بأن أداء الربع الأول من العام الجاري سيظهر أن تأثر المصارف الإسلامية بالأزمة كان محدوداً قياساً إلى حجم الأزمة ذاتها، ومقارنة بباقي البنوك، مؤكدين أن المصارف الإسلامية لن تكون مضطرة للاندماج في الفترة المقبلة رغم أن الاندماج يمكن أن يمثل أحد العوامل المهمة لتكوين مؤسسات مالية كبيرة أقدر على مواجهة الأزمات. 
وكانت النتائج الربعية المعلنة لبعض البنوك الإسلامية حتى الآن تشير إلى نمو في الأرباح مقارنة بالربع الأول من العام السابق، وتحسن ونمو مقارنة بالربع الرابع من 2008، الذي رافق بداية الأزمة، ومع تراجع أرباح الربع الأول من العام الجاري لبنك دبي الإسلامي إلى 33 في المئة مقارنة بالربع الأول من 2008، إلا أنه حقق أرباحاً وصلت إلى 370 مليون درهم، فيما لم يسجل أي أرباح خلال الربع الرابع من 2008، فيما حقق أبوظبي الإسلامي نمواً في الأرباح بنسبة 10 في المئة، والشارقة الإسلامي 7 في المئة.
في البداية، قال فيصل عقيل، مدير عام الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف الإمارات الإسلامي، إن نتائج الربع الأول من العام الجاري لمختلف المصارف الإسلامية تمثل الدليل القوي على أن تأثرها كان محدوداً قياساً بحجم الأزمة.
وعلق على ذلك بالقول إن “المصارف الإسلامية لا تعمل بمفردها، فهي جزء من نظام اقتصادي عالمي، ومن ثم فلا بد أن تتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية بشكل أو بآخر”، إلا أنه استدرك بالقول: “من المعروف أن المصارف الإسلامية لا تتعامل في بيع وشراء الديون أو في المشتقات المالية، وبالتالي فإن التأثير لم يأت بصورة مباشرة، ولكنه جاء نتيجة للركود والتراجع الاقتصادي اللذين يعيشهما العالم حالياً”. 
وحول تراجع قيمة الأصول العقارية التي تشكل معظم أصول البنوك الإسلامية قال عقيل: «مهما كان حجم التراجع في قيمة الأصول التي يملكها المصرف الإسلامي فإن وجود الأصل في حد ذاته يجعل تأثر المصرف أقل من تأثر البنوك التي تتعامل بأوراق ديون ليس لها أصل، غير أن القطاع العقاري في أي دولة في العالم لا بد أن يمر بموجات من الصعود والانخفاض؛ ما يؤثر في أرباح هذه المصارف»، وأكد أن «الأمر بالنسبة للمصارف الإسلامية لن يصل إلى مرحلة حرجة»، بل ذهب إلى القول بأن “انخفاض الأصول قد يتيح فرصاً استثمارية لا بد من اقتناصها”.
ورفض عقيل القول بأن المصارف الإسلامية في خطر، “بل على العكس، بدليل ازدياد الطلب على المصارف الإسلامية بشكل عام منذ أن بدأت الأزمة، وشهدنا تحول عدد من رؤوس الأموال إلى النظام الإسلامي، كما أن تنوع استثمارات المصرف الإسلامي وتوجهه نحو القطاعات الإنتاجية المختلفة «مثل الزراعة أو الصناعة» يضعه في وضع أفضل مقارنة بمن وظف أمواله في قطاع اقتصادي بعينه، فالخطر لا يكمن في النظام الإسلامي بأكمله”.
وأضاف: “رغم أن الاندماج بشكل عام يعد من الحلول التي تساعد على خلق كيانات مصرفية إسلامية عملاقة تستطيع أن تنافس على مستوى عالمي، إلا أنه ليس حتمياً، والدليل أننا لم نسمع عن خسائر لمصرف إسلامي في الربع الأول من 2009؛ ما يؤكد صلابة هذا النظام المصرفي”. 
اعتبر ظافر لقمان، مدير إدارة التطوير المؤسسي في بنك دبي الإسلامي، «إن عدم دخول المصارف الإسلامية في تجارة المشتقات المالية وغيرها من أمور يحرمها الشرع، وكان لها دور كبير في إحداث الأزمة، جعلها الأقل تضرراً من الأزمة»، وأضاف: «معظم البنوك الإسلامية لا تتعامل بالفائدة ولا تقبل مالاً مقابل مال، ومع أن معظم أصول البنوك الإسلامية هي أصول عقارية، وهذه البنوك لديها محفظة عقارية كبيرة، وفي حال تفاقم أزمة العقار، فسيكون التأثير في البنوك الإسلامية كبيراً، إلا أننا حتى الآن لم نر ذلك التأثير الذي من شأنه أن يحرج مواقف تلك البنوك»، و تابع: «كذلك يمكن أن نقول إن هنالك أصلاً مقابل المال، على العكس من بعض البنوك التقليدية».
ولفت إلى أنه ومع خطة الإنعاش والسيولة التي وجهتها الحكومة للبنوك، وتم تحويلها إلى الشق الثاني من رأس المال، لم يعد هناك خطر لا على البنوك الإسلامية ولا على التقليدية يدفعها إلى وجوب الاندماج، واستدرك لقمان بالقول: «إن المنطق يقول إنه في حال رأى بنكان أي جدوى من الاندماج فلا بد لهما من التفكير وأخذ الموضوع بعين الاعتبار”.
بدوره، رأى الدكتور باسل البستاني، «مستشار اقتصادي» أن البنوك الإسلامية جزء من النظام المصرفي، وبالتالي فإن التأثر موجود، وأنه لا وجود لأي مؤسسة كبيرة كانت أم صغيرة لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية، إلا أنه قرر أن البنوك الإسلامية كانت أقل انفتاحاً، وبالتالي لم تتورط، كما تورطت البنوك التقليدية.
وأضاف: «البنوك الإسلامية كانت أكثر حذراً، ورغم تمويلها مشروعات عقارية ونزول قيمة العقارات، إلا أنها كانت تمارس نوعاً من الانتقائية في اختيار العملاء”.
وعن رأيه في عملية الاندماج وما يخصه ومدى ضرورة توجه هذه البنوك إليه، قال: «يحصل الاندماج عادة في كل اقتصاد عندما يصل الوضع الاقتصادي إلى الكساد بدرجة كبيرة أعمق من أن نسميه انكماشاً، وبالتالي فهذه إحدى الوسائل التي يمكن أن تستخدمها، فالاقتصاد الكبير والمنشآت الكبيرة في كافة القطاعات هي التي تستطيع الصمود وتحقيق الكفاءة في مثل هذه الظروف”.
من ناحيته، قال سليمان المزروعي، المدير العام للتسويق والاتصال المؤسسي في «الإمارات دبي الوطني»، إن البنوك الإسلامية تتضرر مثلها مثل البنوك العادية، إلا أن فيها نوعاً من المشاركة، وبالتالي فالتأثير منقسم، ومن هنا فهي ليست متأثرة أكثر من غيرها، ولكن في الوقت نفسه فالنسبة الأكثر من التمويل الإسلامي موجهة إلى العقار بنسبة تصل إلى 40 أو 50 في المئة من إجمالي نسب التمويل فيها، بينما يقدر التمويل العقاري في البنوك التقليدية بما يتراوح عند 20 في المئة، وبالتالي فالضرر الذي يقع على العقار يصيب البنوك الإسلامية، إلا أن مبدأ المشاركة يخفف من تأثرها بهذه الناحية، كما في البنوك التجارية التي تمول إلى 70 في المئة أو أكثر من العقار”.
وعبر عن عدم اعتقاده بأن البنوك الإسلامية ستكون مضطرة للاندماج ،خصوصاً أن الأزمة – برأيه - بدأت بالانحسار، وأن الأصعب منها قد مضى، مؤكداً أن نتائج الربع الأول من السنة ستكون مشجعة وستظهر الكثير من التقدم، وهي إن لم تكن مقارنةً بالربع الأول من العام الماضي ستكون مبشرة مقارنةً بالأشهر الأولى من الأزمة أي مع نتائج الربع الرابع من 2008 .

الأكثر قراءة