النواب يجلبون غضب الشعب

النواب يجلبون غضب الشعب

هذا ما يستحقونه بالفعل. خلال الأيام القليلة الماضية شعر النواب البريطانيون بقوة الغضب الشعبي، حين أخذت تظهر إلى العلن تفاصيل المطالبات بالنفقات الفظيعة، التي كانت تُقدَّم في غلالة من السرية المريحة. وراء المطالبات الفردية من أجل الحياة الرغيدة الباذخة، والجهود الجريئة إلى حد الوقاحة، في تطوير محافظ من الممتلكات على حساب المواطن العادي دافع الضرائب، هناك ثقافة من توزيع الاستحقاقات تقف الآن عارية أمام الجميع.
حزب المحافظين المعارض كان الهدف الذي تلقَّى أكبر قدر من الازدراء. كل طلب تم تقديمه للحصول على تعويض على تنظيف الخندق المحيط بأحد القصور، أو رعاية إحدى الحدائق، أو تعليق إحدى الثريات بالسقف، من شأنه تقويض محاولة زعيم الحزب، ديفيد كاميرون، وجهوده الرامية إلى إعطاء صورة جديدة للحزب وإظهاره على أنه حزب السياسيين الملتصقين بالمواطنين العاديين. كان زعيم حزب المحافظين على حق في وضع حدود أكثر تشددا ًمن ذي قبل على مطالبات نواب البرلمان والإصرار على إعادة بعض المبالغ حتى ضمن دائرته الخاصة. أي طلب يقل عن ذلك من شأنه إنعاش الحملات العمالية المطالبة بوصف خصومهم السياسيين بأنهم "أعضاء محافظين من الطبقة الراقية"، وهي تهمة حارقة مؤذية بالنظر إلى الخلفية الاقتصادية القاتمة.
بصورة عامة تتسم الفواتير المقدمة من النواب العماليين في البرلمان بافتقارها إلى ومضات الحياة الباذخة التي تتسم بها فواتير الأعضاء "النبلاء" في حزب المحافظين. لكن ما تكشفه هو حدود قدرة جوردون براون على وضع قانون حول النفقات لحزب العمال. الأخطاء السابقة لرئيس الوزراء وتردده في هذا الموضوع، إلى جانب الشعبية المتدنية لحزب العمال في استطلاعات الرأي، كان من شأنها استنزاف سلطته. فالحكومة منذ فترة وهي في موقف دفاعي.
لكن الأمر الأخطر بكثير من إسطبلات الخيول وأجور الفنيين المتخصصين في وزن وضبط أجهزة البيانو، هو تبديل المساكن. حين يتمتع عضو البرلمان بالحق في تبديل سمة مسكنه واعتباره سكناً ثانياً، ما يؤهله للحصول على علاوة سنوية مقدارها 24 ألف جنيه، فإن هذا يمَكِّنه من التلاعب في النظام، وإدخال زيادات كبيرة على مطالباته بتكاليف السكن والأثاث وأعمال التجديد. ولأن المسكن الثاني للأغراض البرلمانية يمكن تقديمه إلى مسؤول الضرائب على أنه المسكن الرئيسي، فلن تكون هناك حاجة إلى إخضاع الربح المتحقق من بيعه (وهو ربح مدعوم مالياً من دافع الضرائب) إلى ضريبة المكاسب الرأسمالية.
هذا أمر يجب أن يتوقف. النظام الذي يسمح لأعضاء البرلمان بالانتفاع وتحقيق المال على هذا النحو يقوض بعض الجوانب في تعويضاتهم، مثل ترتيبات التقاعد، التي تتسم بالكرم ولكن يمكن تبريرها. بالنسبة لجميع المقاعد النيابية عن المناطق الواقعة خارج لندن، يجب أن تقتصر التعويضات على مبلغ مقطوع كعلاوة لتغطية فواتير الإيجار والمنافع.
إلى جانب القوانين الجديدة، لا بد أن يحدث تغيير في الثقافة في مجلس العموم. من الواضح أن رئيس المجلس، مايكل مارتن، لا بد أن يترك منصبه. فقد كان حريصاً فوق الحد على حماية امتيازات النواب على نحو يجعله الآن داعية غير مقْنع للإصلاح. أهم من ذلك كله، على النواب أن يدركوا أن أموال المواطنين يجب رعايتها لا تبذيرها. وإلى أن تتضح هذه النظرة في الأمور الصغيرة، لا يرجح للناخب أن يثق بالنواب في الاختبارات المالية الآتية في المرحلة المقبلة.

الأكثر قراءة