FINANCIAL TIMES

صناعة السيارات .. «جيلي» الصينية على طريق العالمية

صناعة السيارات .. «جيلي» الصينية على طريق العالمية

عشية معرض جنيف للسيارات، هاكان سامويلسون، الرئيس التنفيذي لشركة فولفو للسيارات، كان مسترخيا، وأجاب بسعادة عن أسئلة عن الشركة ومالكها الصيني، لي شوفو، رئيس مجلس إدارة "جيلي".
بسؤاله عما إذا كان لي يخطط لتهيئة رد صيني على "فولكسفاجن"؟ أجاب سامويلسون "كلا". وأضاف: "أعتقد أن لديه طموحات أكبر بكثير". هذا الأسبوع اتخذ لي الخطوات الأولى نحو تحقيق ذلك الطموح، من خلال اندماج بين "جيلي أوتو" و"وفولفو كارز".
الخطوة التي تشمل إدراج الشركة المندمجة في بورصة هونج كونج، لا تؤدي فقط إلى ترسيخ العلاقة التي نشأت عندما اشترت "جيلي" شركة فولفو كارز من "فورد" في عام 2010، لكنه يؤدي أيضا إلى ما يرجح أن تكون أول شركة صينية عالمية حقيقية لصناعة السيارات.
العلامات التجارية التي تمتلكها "جيلي" تغطي تقريبا كل قطاع من قطاعات السوق، بدءا من "بروتون" للمبتدئين إلى سيارات "لوتس" الرياضية والمركبات التجارية التي تنتجها شركة سيارات الأجرة الكهربائية "إل إي في سي".
حتى الآن هذه العلامات التجارية، المملوكة في الغالب لشركة جيلي القابضة غير المدرجة في البورصة، كانت مجموعة مفككة تتضمن بعض التعاون الفني.
عملية اندماج "فولفو كارز" مع "جيلي أوتو" التي ستضم أيضا علامات السيارات الكهربائية "بولستار" و"لينك آند كو"، بدأت في ترسيخ التوجه الجديد.
هذا الاندماج يعكس اعترافا بالسرعة التي يتغير بها قطاع السيارات الذي أصبحت فيه "تيسلا"، لمؤسسها إيلون ماسك، ثاني أكبر شركة في العالم بعد "تويوتا".
وفقا لأشخاص مطلعين على المناقشات، على المدى القصير يوجد محركان رئيسيان: إتاحة المجال أمام العلامة التجارية "جيلي" من أجل توسع عالمي، وإدراج "فولفو كارز" في الأسواق العامة دون الحاجة إلى طرح عام أولي منفصل.
لطالما تم اعتبار "فولفو كارز" ذات أداء ضعيف بعض الشيء، مقارنة بصانعي السيارات المتميزين مثل "أودي" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس"، إذ إن كلا منهما تبيع أكثر من ضعف عدد السيارات التي تبيعها "فولفو كارز". العلامة التجارية سعت إلى طرح عام أولي قبل 18 شهرا، لكن تم التخلي عن ذلك على خلفية تدهور السوق العالمية.
من جانب "جيلي"، قال لي إن الاندماج سينتج "مجموعة عالمية قوية" يمكنها "تعزيز أوجه التعاون" مع الحفاظ على هوية العلامات التجارية الأربع سليمة.
كثير من شركات صناعة السيارات المحلية في الصين - من الشركات الإقليمية المملوكة للدولة مثل "سايك" SAIC أو"فيرست أوتو ويركس" First Auto Works، إلى "بي واي دي" BYD المدعومة من وارين بافيت - ليس لها وجود دولي ملموس.
لكن "جيلي" الآن تتمتع بعقد من الخبرة الخارجية. وسجل تعاملات لي الماضية مع "فولفو" سمحت لها بالسعي لتحقيق صفقات عبر القارات، والاستحواذ على حصص في مجموعة فولفو، الشركة السويدية لصناعة الشاحنات التي كانت تمتلك "فولفو كارز"، و"ديملر"، في وقت كانت فيه الحكومة في الغالب تمنع شركات صينية أخرى من الاستثمار في الخارج.
"لي شوفو لم يخف أبدا طموحه في بناء مجموعة عالمية لصناعة السيارات"، على حد قول ييل زهانج، من شركة أوتوموتيف فورسايت الاستشارية.
"منذ اليوم الأول أطلق على نفسه اسم ’رجل السيارات المجنون‘ (...) كرس نفسه لها على المدى الطويل، في محاولة ليصبح ’فورد‘ أو ’تويوتا‘، ليكون شخصية تاريخية في هذه الصناعة"، بحسب زهانج.
روبن تشو، المحلل في موقع بيرنشتاين للأبحاث في هونج كونج، قال: "من منظور هندسي، شركة جيلي مستفيدة بالفعل من تكنولوجيا شركة فولفو (...) لكن من وجهة نظر المستثمرين من القطاع العام - توحيد ’جيلي‘ و’فولفو‘ و’لينك‘ تحت الكيان المدرج نفسه سيكون بمنزلة نشأة أول شركة صينية (...) عالمية في صناعة السيارات".
هذه الخطوة ينبغي كذلك أن تتيح لشركة جيلي المدرجة إمكانية الوصول إلى رأس المال بشكل أكبر، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى استثمار مبالغ ضخمة في التكنولوجيا الكهربائية والقيادة الذاتية، من خلال زيادة جدارة الائتمان عندما تصبح أكبر وأكثر ربحية.
"شركة جيلي تحتاج بشكل أساسي إلى كثير من المال"، وفقا لتوماس فانج، الشريك في "رولاند بيرجر" في شنغهاي. فعلى الرغم من هيكلة كثير من عمليات الاستحواذ لتجنب الدفع مقدما، إلا أن إنفاق "جيلي" الكبير، على حصة "دايملر" وعلى البحث والتطوير، وفي الوقت نفسه تباطؤ السوق يعني، كما قال، إنها تحتاج إلى مزيد من التمويل.
الحكومة الصينية كذلك لديها استعداد للسماح لبعض الشركات الخاصة بالتوسع في الخارج أكثر مما كانت عليه في الماضي، قال فانج: "شركة جيلي قدمت مثالا جيدا من خلال الاستفادة من تكنولوجيا شركة فولفو لبناء علامة تجارية أكثر قيمة، ما ساعد على تأمين الدعم في عرضها لتصبح شركة صينية معترف بها عالميا".
كثير من أهم الأسئلة في الصفقة لم يبت فيها بعد.
السؤال الذي على رأس القائمة هو: كيف سيبدو الهيكل الإداري للمجموعة الجديدة؟ كلا الجانبين يحرص على تأكيد أن هذه ستكون شركة مشتركة، بدلا من استحواذ علامة تجارية على أخرى.
"شركة جيلي أثبتت أنها جيدة بشكل رائع في ترك شركة فولفو بمفردها"، بحسب أحد كبار التنفيذيين في الشركة. "يوجد الآن ما يكفي من الثقة لدى ’فولفو‘ لأنها تعتقد أن هذا لن يكون عملية استحواذ من ’جيلي‘".
سامويلسون الذي كان مسؤولا منذ 2012، وهو ملزم بعقد حتى عام 2022، سيرأس مجموعة عمل تقدم مقترحات قبل نهاية العام، ومن المقرر أن يلعب دورا رئيسيا، ربما بصفته رئيسا تنفيذيا للمجموعة المندمجة.
لي المعروف في جميع أنحاء العمل باسم "رئيس مجلس الإدارة لي" أو في بعض الأحيان مجرد "رئيس مجلس الإدارة"، سيكون بالتأكيد رئيسه.
الاندماج يؤدي أيضا إلى إنشاء نظام ذي مستويين، مع وجود استثمارات "جيلي" في "لوتس" و"ديملر" وغيرها خارج الكيان الجديد في الوقت الحالي.
تقييم "فولفو" هو قرار آخر يجب اتخاذه، مع تقديرات تراوح بين سبعة مليارات دولار و30 مليار دولار - وهو التقييم الذي تتبعه "جيلي" أثناء عملية الطرح العام الأولي التي تم إحباطها. شخصان على دراية بالصفقة قالا إن الشركة يمكن أن تسعى إلى تقييم بين 15 و20 مليار دولار.
بالنسبة إلى كثير من المطلعين على الصناعة هناك شعور بأنها تفعل أخيرا، بعد عشرة أعوام، ما قد تفعله شركات أخرى في يومها الأول.
"لي شخص صبور"، على حد تعبير تنفيذي سابق. "لم يقحم نفسه في إدارة تفاصيل شركة فولفو، بل منحها مساحة كبيرة وحرية بدلا من تعيين رئيس تنفيذي صيني. لكن في النهاية هذه شركته ويتوقف الأمر عليه في تحديد كيفية التعامل معها".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES