العلامات التجارية الفاخرة تريد بيعك منزلا فخما .. موافق؟

العلامات التجارية الفاخرة تريد بيعك منزلا فخما .. موافق؟

مسبح بطول 25 مترا يمتد أمامنا، وبلاطه النظيف يتلألأ في الضوء الاصطناعي الناعم. كراسي الاستلقاء الفارغة ذات المناشف المطوية بشكل متموج غير الملموسة موجودة هنا وهناك، والهواء معطر مثل نادي شاطئ مكلف. لكن هذا ليس شاطئا: نحن على بعد خمسة طوابق أسفل شوارع نايتسبريدج الرمادية الماطرة في لندن. قبل ذلك ببضع دقائق، مرت سيارة رولز رويس فانتوم من جانب المدخل.
المنتجع الصحي الذي بمساحة ألفي متر مربع في فندق ومساكن بولجاري في لندن جنة تحت الأرض - ليس فقط للضيوف في عطلات نهاية الأسبوع الذين يأتون في رحلات قصيرة إلى العاصمة البريطانية، وإنما أيضا لاستمتاع طويل الأجل لقلة مختارة جدا.
سايمون نيكسون، مؤسس MoneySuperMarket.com، هو أحد هؤلاء الأشخاص. الملياردير صاحب موقع مقارنة الأسعار اشترى مسكن بولجاري، ملحقا بالفندق، قبل سبعة أعوام مقابل 39 مليون جنيه، وذلك وفقا لصحيفة "ذا تايمز" (رقم لا يعارضه المتحدث باسمه). الوصول إلى المنتج الصحي - الذي يضم "مسبحا حيويا مغطى بالكامل ببلاط أوراق الذهب" – هو واحد من بين مزايا عديدة.
هذا عالم مختلف تماما عن عالم المستهلكين الذين تهمهم الأسعار، والذين أدت رغبتهم في إبرام صفقات رخيصة إلى مساعدة نيكسون في بناء ثروته. من خلال شراء مسكن بولجاري الخاص به، انضم إلى مجموعة متزايدة من أصحاب المنازل الذين هم من بين أغنى الأغنياء. "المساكن ذات العلامة التجارية" – التي يرتبط معظمها بالفنادق الفخمة والمخدومة من قبلها – تمثل الآن 65 ألف منزل في أنحاء العالم، وذلك وفقا لشركة وكالة العقارات سافيلز.
وهذه تراوح من المتحفظة - مجموعة كبيرة لكن هادئة تحت الإنشاء في مايفير ستتم خدمتها من قبل فندق دورشيستر - إلى المبهرجة. برج يحمل علامة بورش التجارية في ميامي يتضمن مصعد سيارات "ديزيرفيتور" حاصل على براءة اختراع لإيصالك وسيارتك إلى الأعلى، إلى شقتك، حيث يمكنك النظر إليها عبر جدار زجاجي بين مرآبك وغرفة معيشتك.
يمكن شراء المساكن ذات علامة أرماني التجارية في برج خليفة في دبي، أطول مبنى في العالم، في سوق الأشياء المستعملة مقابل مبلغ ضئيل بحدود 460 ألف جنيه. يتباهى أحد البائعين في قائمة ممتلكاته على الإنترنت بأنها "تعرض أسلوب أرماني الفخم المقدر بأقل من قيمته. لا يوجد كلام فارغ من بهرجة فيرساتشي هنا".
تنتشر المنازل ذات العلامة التجارية في أي مكان يعيش فيه الأثرياء: في جبال الألب السويسرية ومنتجعات بالي وشواطئ باربادوس وكوتسوولدز. شركة المجوهرات "بولجاري" شيدت شققا في جميع مواقعها في الفنادق العالمية تقريبا. وفقا لشركة سافيلز، تحصل المساكن ذات العلامة التجارية على علاوة بنسبة 35 في المائة على المنازل الفاخرة المماثلة التي لا تحمل علامة تجارية في جميع أنحاء العالم.
في الأسواق الناشئة، يمكن أن يصل ذلك الرقم إلى 70 في المائة – على الرغم من حقيقة أن رسوم الخدمة مرتفعة وبعض خدمات الفنادق تتطلب رسوما إضافية. مشاريع التطوير ذات العلامة التجارية "الراقية" – على بعد خطوة وراء "الفاخرة للغاية" – بدأت تزيد أيضا، بحسب شركة سافيلز.
يقول فريد سكارليت، مدير المبيعات والتسويق في "كلايفديل"، شركة التطوير التي تبني المنازل مع علامات الفنادق التجارية: "يصبح المشترون أكثر تطلبا، والعالم يصبح أصغر، وتوقعات مستويات الخدمة تصبح معولمة على نحو متزايد". يضيف أن المساكن ذات العلامة التجارية تعرضت لكل من "جذب المستهلكين ودفع السوق": "الجميع يحاول فعل شيء مختلف عن الآخرين".
العيش في الفنادق لديه تاريخ طويل، من ليونارد كوهين وجانيس جوبلين في فندق تشيلسي في نيويورك في الستينيات والسبعينيات إلى مارجريت تاتشر، التي عاشت أيامها الأخيرة في جناح في فندق ريتز من فئة الخمس نجوم في لندن في أوائل العقد الثاني من الألفية.
لكن المساكن ذات العلامة التجارية اليوم مختلفة: عرض تجاري لامع مصمم لطمأنة أصحاب المليارات المتجولين والمحتملين الذين مهابط طائراتهم المروحية في كوالالمبور مريحة وآمنة بقدر تلك التي في باريس. إنه اتجاه يعكس تدويل سوق العقارات الراقية، والشقق هي الأمر المطلق في تجانس العلامات التجارية.
روري سكارسبريك، وكيل شراء في "بروبرتي فيجن" Property Vision، يقول: "عندما أصبحت لندن دولية فعلا في أوائل العقد الأول من الألفية، كان الأشخاص يأتون - سواء من روسيا، الهند، الشرق الأوسط، الشرق الأقصى - وأرادوا العيش في لندن في شقق مريحة ورائعة مع تكييف هواء وحراسة أمنية ومواقف سيارات. ولم نتمكن من منحهم ذلك.
"يمكننا منحهم منازل طويلة ونحيلة مع 100 درجة من الأعلى إلى الأسفل، أو يمكننا منحهم مبنى قصرا قديما مغبرا مع حمال في حالة سكر في النهار يجلس على الباب. شركات التطوير أدركت الأمر (...) الحالة الرئيسية الأكثر تطرفا كانت وان هايد بارك. كان الجميع متشككا بشأنه في ذلك الوقت، لكن القيم ارتفعت".
مساكن "وان هايد بارك" للإخوة كاندي في نايتسبريدج، التي يخدمها فندق ماندارين أورينتال وتم الانتهاء منها في عام 2009، حطمت الأرقام القياسية لأسعار المنازل وتصدرت العناوين الرئيسية مع فخامتها الفائقة. الآن مجموعة جديدة من المنازل ذات العلامة التجارية تدخل سوق لندن.
الشركة التي وراء فندق بينينسولا في هونج كونج تبني ما لا يقل عن 26 شقة إلى جانب فندق جديد في هايد بارك كورنر، سيفتتح العام المقبل. كين جريفين، ملياردير صناديق التحوط الأمريكي، وافق منذ الآن على شراء واحدة مقابل نحو 100 مليون جنيه.
فندق فورسيزونز فتح مشروع تطوير في ساحة جروسفينور في عام 2019. وتعكف شركة كلايفديل حاليا على بناء مجموعتين منفصلتين من المساكن ذات العلامة التجارية: 24 منزلا يخدمها فندق دورشستر في موقع نادي بلايبوي القديم بجانب هايد بارك، و80 منزلا آخر في ساحة هانوفر مع فندق ماندارين أورينتال، حيث تراوح الأسعار من نحو مليوني جنيه مقابل شقة استديو إلى نحو 25 مليون جنيه مقابل شقة فوق السطح.
ستفتح مشاريع التطوير هذه أبوابها أمام سوق بطيئة. تم تصور الكثير منها في ذروة طفرة العقارات، لكن السوق الراقية في لندن انخفضت في الأعوام الأربعة الماضية؛ كما تنخفض أيضا أسعار العقارات في المدن الرئيسية الأخرى، مثل نيويورك. الحماس لمشاريع التطوير الفخمة جعل المساكن الفخمة ذات عرض مفرط، حتى في الوقت الذي تكافح فيه المدن العالمية نقصا في المساكن ذات الأسعار المعقولة.
بحلول الربع الثالث من عام 2019، كان قد تم الانتهاء من أكثر من 3100 منزل لكن لم يتم بيعها في العاصمة البريطانية، بحسب شركة البيانات "موليور لندن". العدد الكبير من فرص الاختيار سيختبر جاذبية مشاريع التطوير ذات العلامة التجارية. يقول سكارسبريك، "سيبيع بعضهم قبل البناء، لكن (بيع البقية) سيتطلب تجربة المشي والدخول هناك، ورؤية جميع الموظفين ينحنون ويهرولون وشم الشموع المعطرة التي لا تحصى".
بعض شركات التطوير غيرت مسارها بهدوء. كانت مجموعة رينوود، وهي شركة تطوير أخرى، قد خططت لبيع 41 وحدة سكنية بأسعار تبدأ من خمسة ملايين جنيه في مبنى تم ترميمه من عصر الفنون الجميلة كان يضم سابقا هيئة ميناء لندن بالقرب من برج لندن ـ يخدمه فندق فورسيزونز في المبنى نفسه.
لكن الشقق في ساحة 10 ترينيتي أصبحت الآن جزءا من عقار الفندق التأجيري، المتاح لفترات قصيرة أو لمدة تصل إلى عام.
أشار وكلاء العقارات إلى أن موقع المبنى شرقي المدينة، بعيدا عن الغرب الأكثر لمعانا، كان يمثل مشكلة. يقول فندق فورسيزونز: "أدركنا الحاجة إلى سوق لخدمة نوع مختلف من نزلاء الفندق، الذين يسعون إلى إقامة طويلة الأمد قد تساعدهم على الشعور بأنهم مواطنون محليون، لكن مع وسائل الراحة المنزلية ومتعة وخدمات فورسيزونز في آن معا".
بإمكان المقيمين الوصول إلى نادي أعضاء الفندق الفخم ذي الألواح الخشبية المكون من 16 غرفة، مع غرفة Château Latour Discovery وردهة للسيجار.
كان الوكلاء قد أعلنوا بالأصل عن ستة مساكن للبيع في موقع فندق بولجاري في نايتسبريدج، لكن تم بناء اثنين فقط، واحد منهما فقط – منزل نيكسون – لديه مالك مدرج في سجل الأراضي. رفض فندق بولجاري التعليق على تغيير الخطط أو الملكية. بعض آخر يبيع بشكل جيد على الرغم من السوق المضطربة: تقول شركة كلايفديل إن الثلثين في كل من مشروعي تطوير دورشستر وماندارين أورينتال التابعين لها تم بيعهما.
حتى وكلاء الشراء الذين تنطوي مهنتهم على تخفيض الأسعار الأصلية بالنيابة عن العملاء الأثرياء، يقولون إن هذه المنازل تباع بأسعار مرتفعة. تقول كاميلا ديل، مؤسسة وكالة الشراء بلاك بريك: "(المساكن ذات العلامة التجارية) تسير جنبا إلى جنب مع المساكن المبنية حديثا، التي حتى لو لم تكن ذات علامة تجارية، إلا أنها تباع بأسعار مرتفعة على الرغم من ذلك. إنها علاوة فوق علاوة".
يقول سكارسبريك: "مشاريع التطوير هذه لا تظهر أي علامات على تصحيح (السعر الراقي) هذا الذي يراوح بين 20 و25 في المائة الذي كنا نتحدث عنه جميعا".
يشتري المالكون جزئيا بسبب وسائل الراحة. الوصول إلى المنتج الصحي والصالة الرياضية من الأمور الثابتة القياسية، إلى جانب أمن الفندق والصيانة، والخادمات، وخدمة الغرف وخدمة الكونسيرج مثل حجز الرحلات الجوية. بدلا من خوض معاناة تعيين موظفي الأسرة، بإمكان المقيمين استخدام موظفي الفندق، مع ترك ممتلكاتهم في منازلهم.
يوفر بعضهم أيضا خيار تأجير منزلك من خلال الفندق عندما لا تستخدمه. يقول سكارسبريك إن المشترين "يريدون شيئا مناسبا ومريحا".
مع ذلك، التكنولوجيا جعلت أجزاء من هذا العرض أقل غرابة، حتى في الوقت الذي كان يتم فيه بناء أحدث مجموعة من المساكن ذات العلامة التجارية. خدمة الغرف في ساعات الصباح الباكر كانت فيما مضى ميزة نادرة. الآن، يشير وكيل العقارات في مايفير، تشارلز ماكدويل، إلى أن تطبيقات مثل "ديليفيرو" و"جاست إيت" جعلتها خدمة متاحة للجميع. يقول: "التوصيل أدى إلى فقدان الحماس قليلا".
لكن المساكن ذات العلامة التجارية أيضا تبيع شيئا أقل قابلية للقياس الكمي. مشترو مساكن فورسيزونز أو ماريوت أو ماندارين أورينتال يشترون العلامة التجارية نفسها: جوهرها الغامض والقيمة المحددة لشركة عالمية لديها سمعة تريد المحافظة عليها. ومن هنا يأتي دخول سوق العلامات التجارية غير الفندقية، مثل السلع الفاخرة وعلامات السيارات التجارية.
من بين المجموعة الكبيرة التالية من العلامات التجارية التي تخطط لدخول السوق توجد كونديه ناست، مالكة "فوج" Vogue و"جي كيو" GQ و"ذا نيويوركر"The New Yorker و"فانيتي فير" Vanity Fair، التي تدير بالأصل نادي تاتلر في موسكو ومقهى فوج في أربع مدن رئيسية.
لم تقبل الشركة أن تتحدث إلى "فاينانشيال تايمز" عن خططها المحددة لمساكنها، لكنها تقول: "ننظر الآن إلى هذه السوق السكنية ذات العلامة التجارية المتطورة والمتوسعة باعتبارها خطوة تالية طبيعية لعلاماتنا التجارية العالمية لوسائل إعلام نمط الحياة".

شيخوخة العلامة التجارية
هناك أيضا مسألة طول العمر. قد تتمتع العلامات التجارية بالسلطة الآن، لكن تراجع "كاديلاك"، مثلا، يظهر الضعف حتى بالنسبة لعلامة تجارية كانت فيما مضى تهيمن على سوق السيارات الفاخرة في الولايات المتحدة. يجب أن يكون مشتري العقارات واثقا بأن العلامة التجارية التي يشتريها تتمتع بالقدرة على البقاء.
يقول سكارليت، من شركة كلايفديل، إن عقود شركات التطوير مع الفنادق ستدوم لمدة تراوح بين 30 و50 عاما وتعمل بجد لمعرفة "اللهجة المؤسسية" لكل منهما. لكن بول توستيفين، مدير الأبحاث العالمية في سافيلز، يقول إنه رأى مشاريع الإسكان "تغير الأعلام" عندما تتلاشى العلامات التجارية.
في فندق ومساكن بولجاري في نايتسبريدج، توجد صورة ضخمة لمونيكا فيتي، الممثلة الإيطالية، معلقة على الجدار، بينما يتم عرض فيلم أنتج خصيصا في السينما الخاصة مع مقاطع من أفلام من "الحياة الحلوة" La Dolce Vita إلى "المهمة المستحيلة 2" Mission: Impossible II التي تعرض حلي شركة بولجاري.
تقول الشركة إن المبنى يهدف إلى إثارة "متعة وألوان" علامة الحلي التجارية، إلى جانب "الحب الإيطالي للحياة". ورغم كل هذا، هناك كثير من الجلد الأسود والماهاجوني اللامع.
مبنى بولجاري على الأقل يتمتع بطراز مميز. آخرون يدمجون أشياء في شيء واحد: أثاث بلون البيج الرمادي، وإكسسوارات ذهبية، وكثير من الجلد والرخام، وشاشات مسطحة في الجدران (محاولة الأخوين كاندي للتفرد كانت تحاكي لعبة الجولف).
هذا ربما جزء من الهدف، حيث يسعى المسافرون الأثرياء إلى الشعور بالأمان؛ جو يمكنهم الاعتماد عليه. لكن داخل هذه المجال المتميز المتزايد لقطاع الإسكان، هناك منافسة شديدة.
يقول سكارسبريك: "أنا لا أعرف إلى أي مدى يمكنهم جعل اللمسات الأخيرة للرخام دقيقة وإلى أي مدى يمكنهم جعل السجاد الحريري الأشعث عميقا. كل مشروع تطوير لديه مسبح أطول قليلا من المشروع الأخير، يجب أن يتفوق الجميع على المشروع الأخير. أنا ببساطة لا أعرف إلى أين سينتهي كل هذا".

الأكثر قراءة