FINANCIAL TIMES

الالتهاب الفيروسي في الصين يعيد ذكريات «سارس» 2002

الالتهاب الفيروسي في الصين يعيد ذكريات «سارس» 2002

أدى نوع جديد من الأمراض الفيروسية في الصين إلى مقتل ستة أشخاص حتى الآن، وتسبب في انتشار قلق بشأن المخاطر التي تنطوي عليه ومخاوف من حدوث تستر رسمي. انتشار متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد "سارس" في 2002-2003 تسبب في مقتل أكثر من 800 شخص بعد أن تستر المسؤولون الصينيون على الحالات الجديدة لأشهر، ما أدى إلى تفاقم المرض وانتشاره بشكل كبير. وقد أثارت تلك الطريقة في التعامل مع المرض تساؤلات حول طريقة تعامل بكين مع أحدث مرض، بدأ في ووهان عاصمة مقاطعة هوبى.
بعد أن طلب مريض في ووهان مساعدة طبية لأعراض تشبه الالتهاب الرئوي في الثامن من كانون الأول (ديسمبر)، أظهر عشرات من الأشخاص في المدينة أعراضا مماثلة، خاصة الحمى وصعوبة التنفس. قال علماء صينيون الأسبوع الماضي إنهم تعرفوا على العلة على أنها فيروس كورونا مشابه لـ"سارس" وأنهم شاركوا تسلسله الجيني - الذي يعد مهما للتشخيص السريع للحالات الأخرى - مع زملاء من مختلف أنحاء العالم. حتى الآن، تم تأكيد 300 حالة لفيروس كورونا الجديد nCoV في الصين، على الرغم من أنه لم يتم العثور على أي إصابات جديدة منذ الثامن من كانون الثاني (يناير).
قبل هذا المرض المتفشي، تم التعرف على ستة فيروسات كورونا في البشر. أربعة تسبب أعراضا خفيفة نسبيا مثل البرد، في حين أن اثنين آخرين، متلازمة "سارس" ومتلازمة "الشرق الأوسط التنفسية" Mers، يمكن أن تكونا قاتلتين.
متلازمة "سارس" ومتلازمة "الشرق الأوسط التنفسية" انتقلتا في الأصل إلى البشر من خلال الاتصال مع الحيوانات - قطط الزباد والإبل، على التوالي. يقول محققون إن معظم المصابين بالمرض الجديد لهم صلة بسوق الجملة للمأكولات البحرية في ووهان، الذي تم إغلاقه منذ ذلك الحين. ويعتقد الخبراء أن الثدييات التي يتم بيعها في السوق هي المصدر المحتمل وليس المأكولات البحرية.
قال لين فا وانج من "برنامج الأمراض المعدية الناشئة" في كلية الطب في جامعة دوك - إن يو إس في سنغافورة: "رغم أن أي وفاة أمر مؤسف، إلا أنني شخصيا لا أعتقد أن هذا سيغير ديناميات المرض المتفشي في الوقت الذي علمنا فيه يقينا وجود عديد من الحالات الخطيرة.
مسببات الأمراض تكون أكثر خطورة عندما يمكن أن تنتقل بين الناس، بدلا من مجرد أن يتم التقاطها من الحيوانات. اختبرت السلطات الصحية أكثر من 760 شخصا لهم علاقة وثيقة بالمرضى ووجدتهم خالين من الفيروس.
الأسبوع الماضي قال مسؤولون في هونج كونج إن سلطات البر الرئيسي لم تعثر على أي دليل "قاطع" على انتقال الفيروس من إنسان إلى إنسان، لكن لا يمكنهم استبعاد الأمر.
جاء هذا التصريح بعد يوم من قول منظمة الصحة العالمية: "لم تجد التحقيقات الأولية التي أجرتها السلطات أي دليل واضح على انتقال فيروس كورونا الجديد من إنسان إلى آخر في ووهان. لم يكن هناك دليل حتى على انتقال محدود من إنسان إلى آخر".
هذا يجعل المرض المتفشي في ووهان مختلفا حتى الآن عن "سارس" 2003 الذي انتشر من المرضى إلى الطاقم الطبي وأدى في النهاية إلى مقتل أكثر من 800 شخص، معظمهم في الصين.
عشرات من المرضى الذين وصلوا إلى هونج كونج وسنغافورة قادمين من ووهان ولديهم أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا تم فحصهم للتأكد من عدم إصابتهم بالفيروس الجديد، لكن لم يتم العثور على أي حالات جديدة. مع ذلك قالت منظمة الصحة العالمية إن السلطات الصحية في تايلاند تعرفت على العدوى في سائح قدم من ووهان.
فيروسات كورونا - التي يطلق عليها ذلك لأنها تشبه التيجان في المجهر الإلكتروني - لديها معدل طفرات جينية مرتفع ويمكن أن تتولد فيها بسرعة مقاومة للعقاقير الجديدة. قال البروفيسور وانج: "خلال تفشي سارس خضع الفيروس لثلاث مراحل من التكيف البشري. لم نشهد أي تكيف بعد تجاه انتقال العدوى البشرية لهذا الفيروس التاجي الجديد".
مع ذلك، تستعد منظمة الصحة العالمية لاحتمال تفشي المرض على نطاق أوسع، فهي تصدر توجيهات إلى المستشفيات في جميع أنحاء العالم بشأن مكافحة العدوىفي حالة انتشار الفيروس.
أثار تفشي المرض ذكريات 2002-2003 عندما تستر المسؤولون الصينيون على حالات جديدة لفيروس "سارس" لعدة أشهر، ما أدى إلى انتشاره. لكن النقد المحلي والدولي الذي أعقب ذلك أدى إلى إصلاح شامل لنظام مكافحة الأمراض في الصين.
قال جيريمي فارار، مدير مؤسسة ويلكوم ترست الخيرية للأبحاث وخبير في الأمراض في آسيا: "منذ سارس غيرت الصين نظام المراقبة الخاص بها وشفافيتها في إيصال النتائج. لا توجد سرية الآن".
وتابع قائلا: "على الناس أن يدركوا مدى صعوبة تعقب أحد مسببات الأمراض الجديدة، مثل هذا، في ذروة موسم العدوى التنفسية، حتى باستخدام أحدث التكنولوجيا. أنا أثني على ما فعله الصينيون خلال الأسبوعين الماضيين".
هل يجب أن أتجنب السفر إلى الصين؟ على أساس ما هو معروف في الوقت الراهن، لا. في المملكة المتحدة، قال نيك فين، من إدارة الصحة العامة في إنجلترا: "الخطر على المسافرين إلى ووهان من هذا المرض منخفض ونحن لا ننصحهم بتغيير خططهم. من أجل التقليل من خطر انتقال العدوى، يجب على المسافرين إلى المنطقة الحفاظ على نظافة اليدين والنظافة الشخصية".
فعلت هونج كونج آليتها في الاستجابة "الجادة" لهذا المرض. ومثل أجزاء أخرى في المنطقة، عززت الفحوص في المطارات.
قالت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي إنها "تنصح بعدم تطبيق أي قيود على السفر أو التجارة على الصين بناء على المعلومات المتاحة حاليا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES