مستثمرون يقودون حملة لترويض شركات التكنولوجيا الكبرى

 مستثمرون يقودون حملة لترويض شركات التكنولوجيا الكبرى

ما الذي تشترك فيه "أفيفا" و"إتش إس بي سي" و"ليجال آند جنرال" و"نومورا" و"نورثن ترست"؟ اتفقت جميعا هذا العام على ممارسة ضغوط على أكبر شركات التواصل الاجتماعي في وادي السيليكون بشأن المحتوى.
بدأ كل شيء هذا الربيع، بعد مذبحة في مسجد في كريست تشرش في نيوزيلندا. بدأ صندوق الثروة السيادية في ذلك البلد، "إن زد سوبر فند" NZ Super Fund، البالغ حجمه 41 مليار دولار، أول تحالف عالمي للمستثمرين لشن حملة تتمحور حول مسائل تتعلق بالتواصل الاجتماعي. يقول الصندوق إن الهدف هو التعامل مع "فيسبوك" و"تويتر" و"ألفابت" التي تمتلك "يوتيوب"، "لتعزيز الرقابة لمنع البث المباشر للمحتوى غير المرغوب فيه وتوزيعه"، وبالتالي منع تكرار حادثة إطلاق النار التي تم بثها على "فيسبوك". حتى الآن كان النجاح متفاوتا. ما يقارب 100 من مديري الأصول، يديرون أصولا بقيمة 13 تريليون دولار، انضموا للتحالف. وعدت "فيسبوك" و"تويتر" و"ألفابت" بالتعامل مع شكاواهم. ومع ذلك، تستمر صور مذبحة كريست تشيرش في التداول على منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى محتوى متطرف آخر.
على الرغم من سجل الأداء المتفاوت، يجب على المستثمرين الانتباه. يظهر هذا التحرك تحولا أكبر: المستثمرون المنخرطون في قضايا بيئية واجتماعية وقضايا متعلقة بالحوكمة شرعوا في حملة لإصلاح شركات التكنولوجيا الكبرى، مستخدمين تكتيكات تم تطويرها في قطاعات مثل النفط والغاز. من المؤكد أن هذا سيتسارع في 2020، بالنظر إلى أن كثيرا من الصناديق المهتمة بالمسائل البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة هي بالفعل، وهنا تكمن المفارقة، من كبار المستثمرين في قطاع التكنولوجيا.
التغيير مذهل: حتى وقت قريب كانت شركات التكنولوجيا تعد أكثر التزاما بالمعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة مقارنة بكثير من قطاعات الأعمال الأخرى. تبنى كثير من المجموعات الكبرى منذ فترة طويلة قضايا تقدمية، وبنت "جوجل" و"أبل" مقار تعمدت أن تكون خضراء. وحصلت أيضا على درجات عالية نوعا ما في تصنيف المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة، لأن بعض الابتكارات التكنولوجية تحقق مصالح اجتماعية وبيئية. في الأسبوع الماضي قدرت دراسة أجرتها "كاربون ترست" لمصلحة قطاع الاتصالات أن استخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول مكن الناس من تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 2135 مليون طن العام الماضي، مقارنة بالانبعاثات السنوية لروسيا.
لكن نشطاء المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة قلقون الآن بشأن سلوكيات مختلفة لشركات التكنولوجيا الكبرى. إنهم يتعاملون مع سلوك شركات التكنولوجيا تجاه خصوصية البيانات ودورها في تمكين الحكومات والشركات من مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي. شركة أبل في سبيلها إلى خوض مواجهة في اجتماعها السنوي المقبل بشأن سياستها الخاصة بحرية التعبير. ضغط مساهمون ناشطون للتصويت على القضية بعد شكاوى من أن الشركة خضعت إلى سلطة بكين عندما أزالت تطبيق خرائط مثير للجدل خلال احتجاجات هونج كونج. النقطة المهمة الأخرى هي حالة سلاسل التوريد العالمية لشركات التكنولوجيا. رفعت مجموعة لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي دعوى قضائية ضد "أبل" و"جوجل" و"مايكروسوفت" و"ديل" و"تيسلا" بسبب انتهاكات مزعومة في مناجم الكوبالت الإفريقية، التي تعتمد عليها هذه المجموعات في المعادن. يفكر المستثمرون الناشطون المهتمون بالمعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة في إطلاق دعاوى من جانب المستثمرين بشأن مزاعم مماثلة حول حقوق الإنسان وانتهاكات بيئية.
هذه الإجراءات لن تغير السلوك من تلقاء نفسها. أكبر المجموعات التكنولوجية غنية جدا بالنقود بصورة مفرطة ويستطيع المسؤولون التنفيذيون فيها تجاهل تهديدات سحب الاستثمارات وقطع الإقراض. هذا يضع القطاع في فئة مختلفة عن الشحن، حيث تفرض المصارف والمستثمرون معايير خضراء أكثر صرامة. كما أن هياكل أسهم الفئة المزدوجة التي تمنح المؤسسين حقوق تصويت ضخمة تجعل من الصعب محاسبة هذه الشركات. في أيار (مايو)، سحق مارك زوكربيرج، رئيس "فيسبوك"، بسهولة حملة مساهمين منطقية لإصلاح حوكمة الشركات بدعم من "بلاك روك" و"جولدمان ساكس".
لكن نشطاء المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة يأملون أن يعمل تسليط الضوء على القضايا التي غالبا ما كان يتم تجاهلها في الماضي على دفع المنظمين، أو المستهلكين إلى التحرك.
على المدى القصير قد يأتي التغيير من مصدر آخر: نشاط العاملين. في أيلول (سبتمبر) نظم أكثر من 1500 من موظفي "أمازون" إضرابا مطالبين الشركة بتخفيض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول 2030. الرئيس التنفيذي، جيف بيزوس، يسرع الآن بالإصلاحات البيئية. كذلك نظم موظفو "جوجل" احتجاجات حول قضايا متعلقة بالجنس (الجندر) والعمل على محرك بحث صيني خاضع للرقابة. وفي حين أن احتجاجات من جانب موظفي "فيسبوك" كانت أقل وضوحا، يقول مسؤول كبير إن "كثيرا منا يتفق بشدة مع حملة صندوق الثروة السيادية النيوزيلنـــدي"، ويستخـــــدمونها ذريعة للمطالبة بالإصلاح. هذا لا يعادل الثورة التي يريدها النشطاء، ولن يهدئ المخاوف بشأن مكافحة الاحتكار والخصوصية. لكنه تطور مهم للمعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة. دعونا نأمل أن يتم في عام 2020 إجبار المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا على معالجة القضايا التي تم تجاهلها طويلا، تأخر الأمر كثيرا.

الأكثر قراءة