«المالية»: 69 مليار ريال نفقات المنافع الاجتماعية تشمل تمويل «حساب المواطن»

«المالية»: 69 مليار ريال نفقات المنافع الاجتماعية تشمل تمويل «حساب المواطن»

رجحت وزارة المالية، أن تصل الإيرادات من الضرائب إلى نحو 200 مليار ريال في عام 2020، فيما تبلغ نفقات باب المنافع الاجتماعية للعام نفسه، نحو 69 مليار ريال، شاملة تمويل برنامج حساب المواطن.
وأكدت الوزارة، مواصلة المملكة تنفيذ برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، وتبنى في إطار ذلك سياسات اقتصادية في مقدمتها السياسات المالية بهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي واستدامتها، مع التركيز على نمو الناتج غير النفطي.
وأشارت إلى أن المملكة تواصل العمل لتحسين جودة الخدمات العامة، وتعزيز الإنفاق الاجتماعي، ورفع كفاءة وفاعلية الإنفاق الحكومي بما يسهم في رفع مستوى معيشة المواطنين وتعزيز مكانة اقتصادنا الوطني في الاقتصاد العالمي، مع الحرص على المحافظة على الاستدامة المالية والاستقرار المالي باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للنمو الاقتصادي المستدام، مع مواصلة العمل لتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد وتوفير فرص العمل في ظل الحرص المستمر على التوازن بين هذه الأهداف، تحت مظلة أهداف رؤية المملكة 2030.
جاء ذلك خلال بيان الوزارة بشأن الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2020 الذي يعرض تفاصيل الميزانية المعتمدة، كما يتضمن عرضا لأبرز التطورات المالية والاقتصادية لعام 2019 والإطار المالي والآفاق المستقبلية للاقتصاد على المدى المتوسط، وأهم التحديات التي تواجه الاقتصاد.
وأوضحت الوزارة، أن الحكومة تواصل العمل على تحقيق أهدافها الاستراتيجية لتنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز دور القطاع الخاص، حيث يستمر تنفيذ المشاريع الكبرى، وبرامج تحقيق الرؤية والتقدم في برنامج التخصيص، وتحفيز القطاع الخاص للاستثمار في القطاعات الواعدة مثل الصناعة والتعدين والقطاع المالي والخدمات المالية وقطاع التقنية والاتصالات والسياحة والترفيه والرياضة.
وبنيت أنه في ضوء هذه التطورات، تمت مراجعة تقديرات المدى المتوسط لمعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، إذ تشير التقديرات الأولية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 2.3 في المائة عام 2020، ومن المتوقع استمرار النمو السنوي بالوتيرة نفسها على المدى المتوسط. مع إتاحة فرص إضافية جديدة واعدة للاستثمار والتطوير تسهم في تحقيق مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة.
ولفتت إلى أن ميزانية عام 2020 تواصل تنفيذ سياسة خطط الإنفاق الرئيسة هذا العام خاصة في برامج الحماية الاجتماعية وتنمية القطاع الخاص وتمكينه مع مراجعة أولويات الإنفاق بما يتسق مع تحسن الأداء الاقتصادي غير النفطي.
وتستهدف الميزانية المحافظة على مستويات العجز المعتمدة في ميزانية عام 2019 عند 131 مليار ريال، حيث من المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات لعام 2019 نحو 917 مليار ريال وهو أقل من المقدر في الميزانية جراء تراجع الإيرادات النفطية رغم الزيادة في الإيرادات غير النفطية. كما يتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق إلى 1084 مليار ريال وهو أقل من المعتمد نتيجة تحسن كفاءة الإنفاق وتولى القطاع الخاص تمويل إنشاء وتشغيل عدد من المشاريع ومنها مشاريع المياه والطاقة ومعالجة الصرف الصحي، وبالتالي انخفاض الحاجة إلى تمويلها من الميزانية.
فيما يقدر أن يبلغ عجز الميزانية في عام 2020 نحو 187 مليار ريال (6.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، وسيستمر العمل بعد ذلك على الخفض التدريجي للعجز ليصل إلى مستويات تحقق الاستقرار والاستدامة المالية في المدى المتوسط.
ومن المقدر أن تتراجع الإيرادات لعام 2020 بشكل محدود ليبلغ إجمالي الإيرادات 833 مليار ريال، ثم يرتفع ليصل إلى 863 مليار ريال عام 2022، كما يتوقع أن يكون هناك نمو إيجابي للإيرادات غير النفطية على المدى المتوسط جراء تحسن النشاط الاقتصادي.
وبينت الوزارة أن ميزانية العام المقبل تهدف على المدى المتوسط إلى التركيز على أولويات الإنفاق بما يضمن استمرار تقديم الخدمات الرئيسة وتطويرها وتمكين القطاع الخاص، ومواصلة تنفيذ المشاريع الكبرى وبرامج تحقيق الرؤية ومشاريعها، وبرامج شبكة الحماية الاجتماعية، مع المراجعة المستمرة للجداول الزمنية لهذه المشاريع والبرامج لزيادة فاعليتها وتحقيقها أهدافها الاجتماعية والاقتصادية واستمرار العمل على تنفيذ إصلاحات إدارة المالية العامة لرفع كفاءة الإنفاق لضمان تحقيق أعلى العوائد الاقتصادية والاجتماعية.
وعليه، فمن المقرر أن يبلغ إجمالي الإنفاق عام 2020 نحو 1020 مليار ريال، ثم ينخفض ليصل إلى 955 مليار ريال عام 2022 مع التقدم في استكمال تنفيذ بعض المشاريع.

التطورات في المدى المتوسط
وبحسب وزارة المالية، شهد اقتصاد المملكة منذ عام 2016 تنفيذ حزمة شاملة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والهيكلية غير المسبوقة، لتنويع الاقتصاد ورفع معدلات نموه مع الحرص على الاستدامة المالية بوصفها ركيزة رئيسة للنمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
وبينما أثر بعض هذه الإصلاحات سلبا في عدد من جوانب النشاط الاقتصادي، إلا أن ذلك كان مؤقتا ومتوقعا في المدى القصير، حيث بدأ الاقتصاد بالتعافي منذ عام 2018 وتحسن بشكل ملحوظ خلال عام 2019 خاصة في أداء الناتج المحلي غير النفطي على الرغم من تزامن ذلك مع تراجع نمو القطاع النفطي ارتباطا بدور المملكة القيادي وسعيها لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية من خلال اتفاقية “أوبك +”.
وأسهمت السياسات الحكومية إلى حد كبير في تخطي الاقتصاد الآثار الجانبية لبعض الإصلاحات بتبني إجراءات محفزة للنشاط الاقتصادي من خلال مساندة الأسر والقطاع الخاص، حيث صاحب ذلك عدد من الإجراءات الإضافية الأخرى الرامية إلى دعم النمو المستدام على المديين المتوسط والطويل من خلال البدء في تنفيذ المشاريع الكبرى وبرامج تحقيق الرؤية وتعزيز دور القطاع الخاص، ومن المتوقع أن يسهم ذلك وبشكل تدريجي في دعم الاتجاه المتصاعد للنمو الاقتصادي في المملكة خلال الأعوام المقبلة.
من جهة أخرى، حقق الحساب الجاري لميزان المدفوعات فائضا خلال النصف الأول من عام 2019 نحو 98 مليار ريال (26 مليار دولار)، نتيجة لتحقيق فائض في الميزان التجاري للسلع والخدمات في النصف الأول من عام 2019، ولانخفاض تحويلات العاملين للخارج.
كذلك شهدت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة نموا خلال النصف الأول من عام 2019 بنحو 10 في المائة مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، وقد بلغ معدل النمو في الاستثمارات الأجنبية في الأوراق المالية في النصف الأول من عام 2019 نحو 30 في المائة أي بتدفقات بلغت 78 مليار ريال مدعومة بانضمام السوق إلى المؤشرات العالمية لأسواق المال.
ويعود ذلك التحسن في أداء الاستثمارات الأجنبية إلى جهود الحكومة في تطوير وتحسين بيئة الأعمال، وخطط جذب الاستثمار الأجنبي، حيث انعكس ذلك على التحسن الملحوظ لترتيب المملكة في المؤشرات الدولية للتنافسية وتحسين مناخ بيئة الأعمال.
كما بلغ إجمالي الأصول الاحتياطية لدى مؤسسة النقد في شهر نوفمبر من عام 2019 نحو 1.9 تريليون ريال (499 مليار دولار) ما يعبر عن قوة ومتانة الاقتصاد السعودي.
وبحسب المالية، انعكست خطط وجهود الحكومة في تطوير وتحسين مناخ الأعمال وتنمية المحتوى المحلي وتعزيز تنافسية الاقتصاد على تحسن ترتيب المملكة في المؤشرات الدولية، حيث أظهر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال عام 2020 الذي أصدره البنك الدولي حديثا قفزة في ترتيب المملكة من ناحية سهولة ممارسة الأعمال بـ30 مرتبة لتصل إلى المرتبة الـ62 من بين 190 دولة، وذلك مقابل المرتبة 92 في العام السابق.
وجاءت المملكة في المرتبة الأولى ضمن قائمة أفضل عشر دول من حيث التحسن في سهولة ممارسة الأعمال خلال هذا العام.
كما دعم ذلك تحسن ترتيب المملكة بثلاثة مراكز إلى المرتبة الـ36 في تقرير التنافسية العالمي الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، كما ظهرت جهود المملكة جلية في عملية التحول الهيكلي لاقتصادها وذلك من خلال اعتماد تقنية المعلومات والاتصالات لتصبح في المرتبة الـ38 عالميا، ويدعم هذه النتيجة النشر السريع لتقنية النطاق العريض والزيادة الكبيرة في مستخدمي الإنترنت، كما تحسن مؤشر القدرة على الابتكار لتصبح في المركز الـ36، وذلك من خلال الزيادة في طلبات براءة الاختراع ومستوى الإنفاق على البحث والتطوير.
وفيما يخص تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، فقد حققت المملكة أكبر تقدم بين الدول الأكثر تنافسية بـ13 مركزا لتحتل المركز الـ26 بين أكثر الدول تنافسية.

تمكين القطاع الخاص
وستواصل الحكومة في عام 2020 وعلى المدى المتوسط العمل على تمكين القطاع الخاص من خلال الاستمرار في توفير إطار اقتصادي مستقر ومناخ استثماري ملائم، إضافة إلى مواصلة تعزيز البنية التحتية والتشريعية، وشبكة الحماية الاجتماعية وتمكين القطاع الخاص. ومن المتوقع أن ترتفع مساهمة القطاع الخاص في النمو والتوظيف على المدى المتوسط.
وبدأ العمل في تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى التي تستهدف البنية التحتية مثل: نيوم، والقدية، والبحر الأحمر والمشاريع الأخرى، وحفز الاستثمار في القطاعات الواعدة مثل الصناعة والتعدين والقطاع المالي والخدمات المالية وقطاع التقنية والاتصالات والسياحة والترفيه والرياضة، حيث تم أخيرا تأسيس صندوق مختص بالتنمية السياحية لتقديم تسهيلات مالية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في السياحة. كما أطلقت التأشيرة السياحية التي تمكن الزائر من الحصول على تأشيرة دخول سياحية للمملكة من خلال المنصة الإلكترونية والمطارات والمنافذ البرية. وتأسيس صندوق استثماري يختص بفعاليات الترفيه والثقافة والرياضة والسياحة ويرتبط بصندوق التنمية الوطني، ويتم تمويله من إيرادات مواسم السعودية بهدف تنمية هذه القطاعات الواعدة لتعزيز النمو الاقتصادي.
ويأتي قرار تحمل الحكومة المقابل المالي على العمالة الوافدة عن المنشآت الصناعية المرخص لها بموجب ترخيص صناعي لمدة خمسة أعوام، في إطار جهود التنمية وتمكين القطاع الخاص وتعزيز تنافسية الصناعات المحلية، من أجل تخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة مساهمة المحتوى المحلي، إضافة إلى رفع قدرة الشركات الوطنية على المنافسة في أسواق التصدير وزيادة معدلات التوظيف.
وأوضحت الوزارة، أنه سيستمر عمل الحكومة على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي واستكمال تنفيذ برامج تحقيق “الرؤية” وتركيز الجهود لتحقيق عائد اقتصادي واجتماعي أعلى ومتنام على المديين المتوسط والطويل، من خلال إعادة ترتيب الأولويات والجداول الزمنية للتنفيذ لزيادة فاعلية وجودة هذه البرامج في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
كما تم تطوير نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الذي سيسهم في رفع كفاءة الإنفاق على المشاريع التنموية، ويعزز من فاعلية التخطيط المالي وإدارة الموارد المالية. ويسعى النظام إلى زيادة مساهمة المحتوى المحلي في المنافسات وتنظيم الإجراءات ذات الصلة بالأعمال والمشتريات، وتعزيز النزاهة والمنافسة والعدالة بين المتنافسين تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص، وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحقيق الشفافية في جميع إجراءات الأعمال والمشتريات. وصاحب ذلك تطوير نظام تقني ليكون رافدا مهما لنجاح وكفاءة تطبيق النظام.
من جهة أخرى، يتوقع أن ينخفض معدل نمو الناتج المحلي النفطي عام 2019 مقارنة بعام 2018 جراء التزام المملكة باتفاقيات “أوبك”، وفي الوقت نفسه شهد نشاط القطاعات غير النفطية أداء إيجابيا خلال النصف الأول من عام 2019 ويتوقع استمرار هذا التحسن خلال عام 2020 وعلى المدى المتوسط.

تطورات أداء المالية
نفذت الحكومة خلال عام 2019 عددا من المبادرات لتنمية وتنويع الإيرادات غير النفطية لضمان استدامة واستقرار الإيرادات، ومنها تخفيض حد التسجيل الإلزامي في ضريبة القيمة المضافة، والزيادة المعتمدة التدريجية للمقابل المالي على الوافدين، وتحسين الآليات والإجراءات الرقابية على تحصيل الإيرادات.
وتم تطبيق الضريبة الانتقائية على المشروبات المحلاة في ديسمبر 2019، التي تهدف أيضا إلى تخفيض استهلاك المشروبات المحلاة للمحافظة على الصحة العامة للمواطنين.
وأسهمت المبادرات المنفذة خلال الفترة الماضية في نمو إجمالي الإيرادات عام 2019 بنسبة 1.2 في المائة مقارنة بالعام السابق حيث من المتوقع أن تصل إلى 917 مليار ريال وذلك نتيجة لزيادة الإيرادات غير النفطية التي يتوقع أن تنمو بنسبة 6.9 في المائة في حين يتوقع انخفاض الإيرادات النفطية بنسبة 1.5 في المائة مدفوعة بانخفاض كل من إنتاج وأسعار النفط.
ويتوقع أن تبلغ الضرائب في 2019 نحو 203 مليارات ريال وذلك بارتفاع ملحوظ تبلغ نسبته نحو 20.5 في المائة مقارنة بعام 2018، كما يتوقع أن ترتفع بنسبة 10.5 في المائة مقارنة بالمقدر في الميزانية المعتمدة لعام 2019.
ومن المتوقع أن تسجل الضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية نحو 16 مليار ريال وذلك بنسبة انخفاض 2.9 في المائة مقارنة بالعام السابق، ويعزى ذلك إلى تحصيل مبالغ غير متكررة في عام 2018. كما يتوقع أن تسجل ارتفاعا بنسبة 1.8 في المائة خلال عام 2019 مقارنة بالمقدر في الميزانية؛ وذلك نتيجة تحسن النشاط الاقتصادي.
ويتوقع أن تسجل الضرائب على السلع والخدمات نحو 141 مليار ريال خلال عام 2019 بارتفاع قدره 22.2 في المائة مقارنة بالعام السابق مدفوعة بتحسن النشاط الاقتصادي، إضافة إلى الاستمرار في تنفيذ عدد من المبادرات المشار إليها سابقا.
تجدر الإشارة إلى أنه تم تحصيل مبالغ في عام 2019 من تسويات قطاع الاتصالات. ومن المتوقع أن ترتفع إيرادات الضرائب على السلع والخدمات بنسبة 6.5 في المائة عن المقدر في الميزانية.
كما يتوقع أن تسجل الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية (الرسوم الجمركية) نحو 17 مليار ريال بنهاية عام 2019 وذلك بارتفاع نسبته 5.2 في المائة مقارنة بالعام السابق وبارتفاع 1 في المائة عن المقدر في الميزانية، ويأتي ذلك تزامنا مع زيادة إجمالي الواردات السلعية التي سجلت ارتفاعا حتى سبتمبر من عام 2019 بنسبة 3.4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
ويتوقع أن تبلغ إيرادات الضرائب الأخرى (منها: الزكاة) نحو 29 مليار ريال لعام 2019 مسجلة ارتفاعا بنحو 41.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، وبما نسبته 55 في المائة مقارنة بالمقدر في الميزانية، وذلك بسبب زيادة عدد المكلفين المسجلين لدى الهيئة العامة للزكاة والدخل، وتحصيل إيرادات من تسويات زكاة البنوك.

تقديرات المالية العامة في 2020
أسهمت السياسة المالية خلال عامي 2018 و2019 بدور رئيس وفاعل في تنشيط الأداء الاقتصادي بتنفيذ برامج ومبادرات تهدف إلى مساندة الأسر وتمكين القطاع الخاص وتخفيف الآثار المرتبطة ببعض الإصلاحات المالية التي تم تنفيذها بشكل متزامن، وقد نجحت هذه المبادرات في تحقيق أهدافها المرحلية، حيث بدأ الاقتصاد في التعافي، وتحسن أداء القطاع الخاص ويتوقع أن ترتفع معدلات النمو الاقتصادي والتوظيف خلال الفترة المقبلة.
وفي ضوء المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العالمي التي قد ينتج عنها حدوث تباطؤ في الطلب الكلي لشركاء التجارة الرئيسين للمملكة، كان من الضروري مراجعة التقديرات على المدى المتوسط، واتباع سياسات أكثر احترازا تمكن اقتصاد المملكة بشكل أفضل من مواجهة الصدمات الخارجية.
وتواصل السياسة المالية من خلال ميزانية العام المقبل 2020م وعلى المدى المتوسط العمل على تحقيق التوازن بين أهداف النمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية.
كما سيستمر العمل على تنمية الإيرادات خاصة غير النفطية منها، إضافة إلى الاستمرار في العمل على رفع كفاءة الإنفاق، ورفع مستوى مشاركة القطاع الخاص في تمويل إنشاء وتشغيل عدد من المشاريع، والعمل على السيطرة على معدلات العجز والدين العام، وبما يضمن تعزيز الاستقرار والاستدامة المالية في المدى المتوسط.
في ضوء تنفيذ كثير من مبادرات الإيرادات المعلنة، سيتم التركيز في عام 2020م على إكمال المبادرات المعلنة سابقا وتعزيز العائد من هذه المبادرات. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الإيرادات في عام 2020م سيبلغ نحو 833 مليار ريال بانخفاض نسبته 9.1 في المائة عن المتوقع في عام 2019م (تشكل الإيرادات غير النفطية 38 في المائة من إجمالي الإيرادات أي 320 مليار ريال). ومن المقدر أن تصل الإيرادات إلى 863 مليار ريال في عام 2022م.
يقدر أن تصل الإيرادات من الضرائب إلى نحو 200 مليار ريال في عام 2020م بتراجع 1.2 في المائة مقارنة بالمتوقع تحصيله عام 2019م، وذلك لتحصيل مبالغ غير متكررة في عام 2019م.
ومن المقدر أن تبلغ إيرادات الضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية نحو 16 مليار ريال في عام 2020م بمعدل نمو 2 في المائة مقارنة بالمتوقع في عام 2019م، ارتباطا بالأداء الاقتصادي.
أما بالنسبة للضرائب على السلع والخدمات، فمن المقدر أن تسجل نحو 142 مليار ريال في عام 2020م، بارتفاع قدره 0.8 في المائة عن المتوقع لعام 2019م، ويرجع ذلك إلى التحسن المتوقع للنشاط الاقتصادي إضافة إلى تطبيق الضريبة الانتقائية على المشروبات المحلاة في كانون الأول (ديسمبر) 2019 م.
وتم تحصيل مبالغ غير متكررة من تسويات قطاع الاتصالات في عام 2019م مما يؤثر في معدلات نمو هذه الإيرادات في عام 2020م، وفي حالة استبعاد هذه التسويات فستبلغ معدلات النمو نحو 5.3 في المائة.
من جهة أخرى، فمن المتوقع أن تسجل الضرائب الأخرى (منها: الزكاة) نحو 26 مليار ريال في عام 2020م بانخفاض 11.5 في المائة مقارنة بالمتوقع لعام 2019م، ويعزى ذلك إلى تحصيل مبالغ غير متكررة من تسويات زكاة البنوك في عام 2019 م.
وفيما يتعلق بالإيرادات الأخرى التي تشمل الإيرادات النفطية، فيقدر أن تبلغ نحو 633 مليار ريال في عام 2020م، وذلك بانخفاض 11.3 في المائة مقارنة بالمتوقع عام 2019م. حيث تشير التقديرات إلى بلوغ الإيرادات النفطية 513 مليار ريال في عام 2020م مقارنة بنحو 602 مليار ريال متوقعة لعام 2019م، أي بانخفاض نسبته 14.8 في المائة، ويرجع ذلك إلى تحصيل أرباح استثنائية في عام 2019م عن العام السابق.

النفقات
وأشارت الوزارة إلى أنه تم خلال الأعوم الثلاثة الماضية تنفيذ عديد من الإصلاحات الهيكلية في إدارة المالية العامة لرفع كفاءة الإنفاق، كما يتم بالتنسيق مع مركز كفاءة الإنفاق مراجعة بنود الإنفاق على مستوى الأجهزة الحكومية والعمل على زيادة فاعلية الإنفاق على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. كما تم في هذا الإطار مراجعة برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى وبقية المشاريع الأخرى وجداولها الزمنية بهدف دعم الاستقرار والانضباط المالي وبشكل يتناسب مع العائد المتوقع من هذه المشاريع والبرامج
وتشمل تقديرات الإنفاق الحكومي لعام 2020م الاستمرار في مساندة الأسر خلال مرحلة التحول الاقتصادي عن طريق برامج الحماية الاجتماعية مثل حساب المواطن وبدل غلاء المعيشة لكل من الموظفين والمتقاعدين ومستفيدي الضمان الاجتماعي والطلاب وبرامج الضمان الاجتماعي الأخرى مع الاستمرار في مراجعتها وتحسينها بما يحقق الوصول للفئات المستهدفة، إذ إن الإنفاق الاجتماعي يعد أحد أهم أولويات الإنفاق الحكومي لتحسين جودة الحياة ورفع مستوى المعيشة للمواطنين من أسر وأفراد.

النفقات التشغيلية
قدرت النفقات التشغيلية لعام 2020م بنحو 847 مليار ريال أي نحو 83 في المائة من إجمالي النفقات، منخفضة بنحو 3.4 في المائة مقارنة بعام 2019م.
وتبلغ تقديرات نفقات تعويضات العاملين نحو 50 مليار ريال. فيما يتوقع أن يبلغ الإنفاق في باب السلع والخدمات نحو 140 مليار ريال لعام 2020م ويشمل النفقات التشغيلية والاستهلاكية ونفقات الصيانة والنظافة والتشغيل وغيرها من النفقات التي تلبي متطلبات الجهات الحكومية مع رفع كفاءة الإنفاق خاصة بعد تطبيق نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد، وسيتناقص الإنفاق على باب السلع والخدمات على المدى المتوسط نتيجة مراجعة الجدول الزمني لتنفيذ بعض برامج تحقيق الرؤية وبعض المشاريع الأخرى بزيادة مدتها على فترات أطول.
كما يقدر أن تبلغ نفقات باب المنافع الاجتماعية نحو 69 مليار ريال لعام 2020م منخفضة بنحو 10.3 في المائة عن توقعات عام 2019م، كما تجدر الإشارة إلى أن هذا الباب يشمل تمويل برنامج حساب المواطن، إضافة إلى استمرار برامج الدعم الأخرى التي تستهدف الحماية الاجتماعية للمواطنين والأسر.
ويقدر أن تبلغ نفقات باب الأصول غير المالية نحو 173 مليار ريال، وتشمل الإنفاق الرأسمالي على برامج تحقيق “الرؤية”، ومخصصات تنفيذ المشاريع الكبرى، إضافة إلى تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية في قطاعات الخدمات البلدية وقطاعات الصحة والتعليم والتجهيزات والنقل وغيرها من القطاعات الأخرى.
الجدير بالذكر أن استقرار مخصصات الإنفاق الاستثماري عند مستوياتها المتوقعة في عام 2019م يأتي نتيجة تحسين مشاركة القطاع الخاص في تمويل إنشاء وتشغيل عدد من المشاريع وتمديد الجدول الزمني لتنفيذ بعض برامج تحقيق “الرؤية” وبعض المشاريع الأخرى لضمان كفاءة الإنفاق وفاعليته.

أهم التحديات المالية والاقتصادية
وذكرت وزارة المالية، أنه في ضوء الافتراضات المالية والاقتصادية التي بنيت عليها ميزانية عام 2020م والإطار المالي والاقتصادي على المدى المتوسط، واستنادا إلى المعلومات المتوافرة والتطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، قد تواجه هذه الافتراضات عديدا من التحديات التي يمكن أن تؤثر في مسار المالية العامة وبالتالي على نتائج التقديرات الحالية وعلى المدى المتوسط. ويمكن تلخيص أهم التحديات المالية والاقتصادية التي تواجه الاقتصاد السعودي على الصعيدين المحلي والعالمي، وأهم السياسات التي تسعى الحكومة إلى تبنيها مواجهة هذه التحديات فيما يلي:

1 - تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي
ومن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي النزاعات التجارية التي أثرت سلبا في حركة التجارة الدولية وأدت إلى التذبذب في الأسواق العالمية. وقد انعكست هذه التطورات على توقعات نمو الاقتصاد العالمي، حيث قام صندوق النقد الدولي في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2019م بمراجعة تقديراته للنمو العالمي لهذا العام ليبلغ نحو 3 في المائة ثم 3.4 في المائة لعام 2020م، وذلك انخفاضا بنحو 0.3 و 0.2 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بتقديراته السابقة في شهر نيسان (أبريل) 2019م.
ومع تزايد التوقعات بإمكانية حدوث ركود عالمي خلال الأعوام التالية فإن التحوط يتطلب سياسات مالية رشيدة -وهو ما تستهدفه المملكة لتعزيز قدرة الاقتصاد على تحمل الصدمات الخارجية.

2 - تقلبات أسعار النفط
تشهد المملكة والدول المصدرة للنفط عديدا من التحديات، حيث يمثل تقييد الإنتاج النفطي والتطورات على جانب العرض بمنزلة مؤثرات سلبية أخرى تضاف إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، بما يؤثر في استقرار الأسعار وبالتالي تؤثر في قدرة التخطيط المالي للدول.
وشهدت أسواق النفط تقلبات كبيرة خلال عام 2019م، إذ حققت أسعار خام برنت أدنى مستوياتها في شهر كانون الثاني (يناير) عند سعر 53.2 دولار للبرميل وأعلى مستوياتها في شهر نيسان (أبريل) لتصل إلى 74.9 دولار للبرميل.
وتسعى المملكة من خلال سياستها النفطية إلى استقرار السوق العالمية للنفط الخام بما يوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين معا ويوفر البيئة الملائمة للنمو المستدام في الاقتصاد العالمي من خلال دورها القيادي الفاعل في الالتزام بالحصص المتفق عليها وفقا لاتفاقية “أوبك”.
كما تسعى سياسات الحكومة إلى مواجهة هذه التحديات عن طريق تنويع القاعدة الاقتصادية وتنمية وتنويع الإيرادات غير النفطية للحد من تذبذب التدفقات المالية، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص والتركيز على دعم معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي لتعزيز صلابة الاقتصاد.

3 - معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي
يمثل تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة متزايدة ومجدية للمواطنين في القطاع الخاص من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي. وعلى الرغم من تركز جهود الحكومة على تنمية ورفع معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي، إلا أن بعض النتائج الإيجابية لهذه الجهود ستظهر بشكل أكبر على المديين المتوسط والطويل وذلك عند استكمال تنفيذ المشاريع والإصلاحات والمبادرات المخطط لها والجاري العمل عليها.
وشهد القطاع غير النفطي تحسنا في الأداء مدفوعا بسياسات تمكين القطاع الخاص منها مبادرات حزم التحفيز والاستمرار في تنفيذ المشاريع الكبرى التي أدت إلى تحسن أداء عدة قطاعات أهمها القطاع المالي والتقنية والسياحة والترفيه والرياضة وقطاع التشييد والبناء وقطاع التجزئة، إضافة إلى التقدم المتوقع في برامج التخصيص المعتمدة لعديد من القطاعات كقطاع المياه والتعليم والصحة.

عوامل إيجابية
وعلى الرغم من التحديات المشار إليها إلا أن هناك عددا من التطورات التي يمكن أن تنعكس إيجابا على أداء الاقتصاد المحلي في المدى المتوسط ما يؤدي إلى تحسن المؤشرات مقارنة بالمقدرة حاليا، مثل حدوث زيادة كبيرة في استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي في القطاع غير النفطي، حيث ستواصل الحكومة عام 2020م وعلى المدى المتوسط العمل على تسهيل مناخ الأعمال والفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص، إضافة إلى النتائج المحتملة المصاحبة للانتهاء من تنفيذ بعض برامج تحقيق “الرؤية” والمشاريع الكبرى، والاستمرار في تنفيذ خطط تنمية الصناعة المحلية والصادرات غير النفطية، مما يكون لها دور فاعل في ارتفاع مساهمة القطاع الخاص في النمو والتوظيف.
ومن العوامل الإيجابية الأخرى استمرار ارتفاع معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل التي شهدت تحسنا ملحوظا منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، خاصة مع تنفيذ عديد من السياسات والمبادرات الداعمة لرفع معدلات مشاركة المرأة في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية.

سمات

الأكثر قراءة