مستثمرو الأسهم في الصين يعدلون مراكزهم تحسبا لحرب باردة

مستثمرو الأسهم في الصين يعدلون مراكزهم تحسبا لحرب باردة

باستعارة عبارة صينية، الصين والولايات المتحدة "تتعانقان أثناء القتال". العداء الخفي قد يخدم هدفا ما للمقاتلين، لكن بالنسبة للمستثمرين، يجعل من الصعب معرفة أين يمكن أن تهبط اللكمات التالية.
حتى الآن، الهدف الرئيس كان "هواوي"، الشركة العملاقة لمعدات الاتصالات الصينية غير المدرجة التي تم وضعها على القائمة السوداء من قبل إدارة ترمب. لكن يتم التحدث عن خمس شركات تكنولوجيا صينية أخرى – هانغتشو هيكفيجن، وتشجيانغ داهوا، وآفليتيك، وشيامن ميا، وبكين ميجفي – في واشنطن باعتبارها شركات من المحتمل وضعها تحت طائلة حظر الصادرات الأمريكية. كلها باستثناء ميجفي مدرجة في سوق الأسهم من الفئة A في الصين.
فيما وراء الشركات المذكورة، الآثار الأوسع نطاقا بالنسبة للمستثمرين في الصين وفي الولايات المتحدة تعتمد على ما إذا كان الصراع الحالي عبر المحيط الهادي سيبقى مجرد حرب تجارية، أم سيتحول إلى إعادة ترتيب أساسية للعلاقة بين الولايات المتحدة والصين.
تتساءل ميراندا كار، خبيرة الاستراتيجية في شركة هايتونج الصينية للوساطة المالية: "هل سيتم تذكر هذا الأسبوع باعتباره الأسبوع الذي تغيرت فيه العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بشكل لا رجعة فيه؟".
وتضيف: "في الوقت الحالي، بالتأكيد يبدو الأمر كذلك وبالتالي يتطلب إعادة تفكير أساسية في الافتراضات حول النمو الاقتصادي المستقبلي لكل منهما – وما الصناعات والشركات التي ستستفيد؟".
إعادة التفكير التي من هذا القبيل تنطوي على نهجين أساسيين بالنسبة للمستثمر في الصين. الأول هو تحليل مفصل للشركات الأكثر عرضة للخطر من الهجمات الأمريكية المركزة المحتملة. والآخر هو تقدير نقاط الضعف الرئيسة في الصين إذا كانت الجولة الحالية من الاشتباكات قد تتحول إلى حرب اقتصادية باردة.
في الحالة الأولى، يجد المستثمرون الأجانب في الأسهم من الفئة A أنفسهم في منطقة غير مألوفة. مع إضافة الشرائح الأولى من أسهم الفئة A إلى مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة الرئيس العام الماضي فقط، تم تعديل أجهزة الهوائي لدى بعض المستثمرين بشكل غير متناسب للخطر.
من الأمثلة على ذلك شركة هيكفيجين – المورد الرئيس لتكنولوجيا التعرف على الوجه التي مكنت الصين من فرض قبضة أمنية على منطقة شينجيانج ذات الأقلية المسلمة. في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) – الوقت الذي كانت فيه تقارير عن دور الشركة في معسكرات الاعتقال شائعة من قبل – بقيت هيكفيجين مفضلة لمستثمري الصناديق الدوليين في الأسهم من الفئة A.
في الواقع، نحو 19 في المائة من بين 180 صندوقا من أكبر صناديق الأسواق الناشئة في العالم كانت تحتفظ بأسهم شركة هيكفيجين في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وذلك وفقا للشركة الاستشارية، كوبلي فاند للأبحاث، ما وضع الشركة في قائمة أفضل ثلاثة أسهم من الفئة A. لكن منذ ذلك الحين، قلصت المؤسسات الدولية حيازاتها. تسعة صناديق – بما في ذلك فيديليتي للأسواق الناشئة، ويو بي إس جلوبال للأسواق الناشئة، ونيو ويرلد فند التابع لـ "أمريكان فندز" – خرجت من الشركة بالكامل، بينما كثير من الصناديق الأخرى قلصت حصصها.
مع ذلك 16.9 في المائة من الصناديق كانت لا تزال تحتفظ بأسهم شركة هيكفيجين في نهاية نيسان (أبريل)، حتى بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية عن استيائها من الشركة. هذه الصناديق شملت أبردين للأسواق الناشئة، وماجيلان، وكوميست جروث للأسواق الناشئة من بين كثير من الصناديق الأخرى.
لكن على نطاق أوسع، يحتاج المستثمرون إلى إلقاء نظرة وثيقة على الشركات من الفئة A التي قد تكون عرضة لحظر الصادرات الأمريكية. قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي ومعدات الاتصالات وأشباه الموصلات تعد من القطاعات القليلة الأكثر عرضة للخطر، وذلك جزئيا بسبب التهديد التنافسي الذي تشكله على نظيراتها في الولايات المتحدة.
بعيدا عن قضايا التكنولوجيا، مجموعة واسعة من مواطن الضعف في الاقتصاد الكلي الصيني تعد أيضا عرضة لتكثيف الضغط الاقتصادي الأمريكي على الصين.
أهم ما في الأمر أن ذلك قد يهدد العقد الصيني الساحر من "الفوائض المزدوجة"، الذي يعني وجود فوائض في رأس المال والحسابات الجارية. هذا دفع المال إلى الاقتصاد وأبقى معظمه محاصرا وراء حساب رأس المال المغلق إلى حد كبير في الصين.
قال محللون إذا كانت الصين الآن – جزئيا كنتيجة ثانوية للضغط التجاري الأمريكي – ستواجه انخفاضا في التدفقات الداخلة من التجارة ومن استثمارات رأس المال، فإن دعم الرنمينبي مقابل الدولار الأمريكي قد يتلاشى ويفرض ضغطا صعوديا على أسعار الفائدة المحلية. في الواقع، كما يقول جيه بي سميث، من شركة إيكسترات الاستشارية، قد يكون الأمر أن الأسس الرئيسة لأنموذج الصين الاقتصادي بدأت تتلاشى. "المفارقة في المتغير الصيني لرأسمالية الدولة هي أنها تعتمد على استعداد مجتمع التجارة والاستثمار الدولي بقيادة الولايات المتحدة للتسامح مع نمط غير متوازن للغاية من الوصول إلى الأسواق".
بطبيعة الحال، مسيرة البيت الأبيض في عهد ترمب يمكن أن تشهد حركة انعطاف حادة. ويرى بعض المحللين أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق تجاري في وقت مبكر ربما يكون مطلع هذا الشهر حين تلتقي مجموعة العشرين في اليابان.
لكن حتى لو حدث ذلك، فإن الدعم الواسع في واشنطن من أجل اتخاذ موقف متشدد تجاه الصين، يمكن أن يكون الموقف الأساسي لمجموعة من سياسات أكثر تشددا على مدى سنوات كثيرة مقبلة.

الأكثر قراءة