FINANCIAL TIMES

الجيل الخامس .. مصائب «هواوي» تنزل بردا على «سامسونج»

الجيل الخامس .. مصائب «هواوي» تنزل بردا على «سامسونج»

في الوقت الذي تجري فيه صناعة التكنولوجيا العالمية دراسة استطلاعية بشأن تداعيات الهجوم الأمريكي على شركة هواوي الصينية، يزداد التفاؤل الحذر في سيئول بأن ضربة لأكبر شركة لمعدات الاتصالات في العالم ربما تكون بمنزلة نعمة لشركة سامسونج للإلكترونيات.
مجموعة التكنولوجيا الكورية الجنوبية التي تعد واحدة من أكبر منتجي الهواتف الذكية وشرائح الكمبيوتر في العالم، ناضلت حتى الآن في سوق معدات الشبكات العالمية التي تهيمن عليها "هواوي" بشكل متزايد.
لكن محللين قالوا إن ذلك قد يتغير قريبا بعد آخر التحركات التي أجرتها إدارة ترمب للحد من بيع المكونات الأمريكية الصنع للشركة الصينية.
"إذا كان اللاعب الأكبر يواجه مشكلات خطيرة في جميع الأسواق الخارجية الرئيسة (...) فمن الطبيعي إذن أن ترتفع آفاق سامسونج" حسبما قال سانجيف رانا، وهو محلل يقيم في سيئول يعمل لدى شركة سي إل إس أي.
الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء ما تزعم أنها روابط بين شركة هواوي التي يوجد مقرها في مدينة شينجين والحكومة الصينية، فضلا عن احتمال أن معدات "هواوي" تستخدم للتجسس. وتنفي "هواوي" هذه الادعاءات.
وتمارس واشنطن منذ أشهر ضغوطا على دول أخرى لتحذو حذوها وتمنع الشركة الصينية من توريد معدات المرحلة التالية من بنيتها التحتية للاتصالات. وهذا الشهر صعدت إدارة ترمب الضغط، مضيفة "هواوي" إلى قائمة تصدير سوداء تتطلب منها الحصول على تراخيص لشراء التكنولوجيا الأمريكية.
ويلاحظ محللون أن توقيت هذا التصعيد إيجابي بالنسبة لتطلعات "سامسونج" على صعيد تكنولوجيا الجيل الخامس G5، كونه يأتي تماما في الوقت الذي تضرر فيه اثنان من أعمالها الرئيسة - الهواتف الذكية وشرائح الكمبيوتر - من جراء تباطؤ الطلب العالمي. وكانت الشركة التي تتخذ من سيئول مقرا لها قد أعلنت في وقت سابق خططا لزيادة حصتها في السوق من شبكات الجيل الخامس إلى 20 في المائة بحلول عام 2020.
وفقا لمجموعة ديلورو للأبحاث، كانت "سامسونج" تمتلك 2.5 في المائة من سوق معدات الاتصالات في عام 2018، مقارنة بـ28.6 في المائة تملكها "هواوي". وبلغت حصة الشركتين الفنلندية والسويدية، "نوكيا" و"إريكسون"، وهما ثاني وثالث أكبر اللاعبين، 17 في المائة و13.4 في المائة على التوالي.
ولم تعلق "سامسونج" على ضوابط التصدير الأمريكية ضد "هواوي". وقال متحدث باسم الشركة إنها تعمل على شبكات الجيلين الرابع والخامس مع شركات أمريكية من ضمنها "أيه تي آند تي" و"سبرنت" و"فيريزون". وفي اليابان، تعمل مع "إن تي تي دوكومو" و"كي دي دي أي" "لضمان نجاح التكنولوجيا وتطوير نماذج أعمال لشبكات الجيل الخامس".
ويرى محللون أن "سامسونج" اكتسبت ميزة من السوق المحلية بعد أن أطلقت كوريا الجنوبية الشهر الماضي أول خدمة هاتفية من الجيل الخامس في العالم. وذكر تقرير لـ "فيتش سوليوشنز"، أن الشركة باعت أكثر من 50 ألف محطة أساسية في كوريا الجنوبية، مقارنة بشركة نوكيا التي شحنت أقل من خمسة آلاف محطة.
وكتب محللو "فيتش" أن "شركة سامسونج برزت بصفتها مورد رئيسي لإطلاق شبكات الجيل الخامس في كوريا الجنوبية (...) وستحرص الشركة على التركيز على التكنولوجيا الجديدة لدفع النمو لأنها تعاني تباطؤ دورة أشباه الموصلات وتحديث الهاتف الذكي".
وتأتي جهود "سامسونج" في وقت تحتدم فيه المنافسة فعليا بين "هواوي" و"إريكسون" و"نوكيا" للهيمنة على عصر اتصالات الجيل الخامس.
واستنادا إلى دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، من بين 288 حالة تم فيها اختبار شبكات الجيل الخامس، أوتجربتها، أو إتاحتها على أساس تجاري في جميع أنحاء العالم حتى نيسان (أبريل) 2019 ، كانت معدات "هواوي" مستخدمة في 29.5 في المائة من الحالات، و"إريكسون" 29.5 في المائة، و"نوكيا" 22.6 في المائة.
على المستوى الإقليمي كان استخدام معدات الشركات الثلاث متساويا إلى حد ما، باستثناء أمريكا الشمالية، حيث كان للمزودتين الأوروبيتين قيادة واضحة.
لكن المسؤولين وشركات الاتصالات من لندن إلى ويلنجتون، يعيدون النظر في استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس من "هواوي" في أعقاب تحذيرات أمنية أمريكية. في الوقت نفسه، القيود الأخيرة المفروضة على بيع مكونات مكونات لشركة هواوي "أدت إلى فوضى في خطط طرح الجيل الخامس على مستوى العالم"، حسبما كتب إديسون لي وتيموثي تشاو، المحللان في "جيفريز"، في مذكرة بحثية يوم الجمعة.
مراقبو السوق انقسموا فيما يتعلق بطول فترة الاضطراب الذي ربما يحدث إذا لم تتمكن "هواوي" من الحصول على المعدات التي تحتاج إليها من الولايات المتحدة من أجل عملها على تكنولوجيا الجيل الخامس.
محللو "جيفريز" توقعوا من عملاء "هواوي" خارج الصين أن يتخذوا نهج "الانتظار والترقب" نظرا للزيادة المحتملة في التكلفة "بما يزيد على 30 في المائة" للتحول إلى مورد آخر.
إلا أن رانا، من "سي إل إس أي"، لا يتوقع تأخيرا طويلا. "لا أعتقد أن الدول تحرص على تأجيل خططها فيما يتعلق بالجيل الخامس أكثر من اللازم، لذلك في هذه الحالة ستحاول العمل مع كل ما هو متاح".
"سامسونج" تأمل أن تكون هذه لحظتها. ففي حين فشلت أعمال معدات الشبكات من الشركة الكورية في مواكبة نظيراتها العالميات، قال محللون إن الشركة كونت حصة تبلغ نحو 10 في المائة في سوق معدات شبكات الجيل الرابع.
منذ خمس سنوات على الأقل، كانت "سامسونج" تستثمر بكثافة في البحث والتطوير وتسجيل براءات الاختراع بهدف جعل الجيل الخامس محرك نمو مستقبلي، وفقا لشخص مطلع على هذه المسألة.
هذه الجهود عززت نشاطها في سوق الهواتف الذكية، أحد أكبر مصادر إيرادات الشركة، وصولا إلى مستوى التشبع. ونفذت الشركة أيضا سلسلة من عمليات الاستحواذ الاستراتيجية أخيرا لتعزيز حضورها في الجيل الخامس.
يقول رانا "اعتبارا من الآن تعد سامسونج واحدة من اللاعبين الرئيسين. معداتها تستخدم بالفعل في شبكات الجيل الخامس في كوريا الجنوبية، وبالتالي لديها سجل مشهود".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES