أخبار اقتصادية- عالمية

"خطوة كبيرة للأمام" .. ترمب يلغي رسوم الصلب والألمنيوم مع كندا والمكسيك

"خطوة كبيرة للأمام" .. ترمب يلغي رسوم الصلب والألمنيوم مع كندا والمكسيك

خطوة كبيرة خطاها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نحو إغلاق جبهة من جبهات الحرب التجارية المشتعلة منذ العام الماضي، حينما أعلن أمس عن إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم من كندا والمكسيك، ما يمهد للمصادقة على اتفاق التجارة الحرة بين الدول الثلاث.
ونقلت "الفرنسية"، عن الرئيس الأمريكي قوله: "توصلنا للتو إلى اتفاق مع كندا والمكسيك وسنبيع سلعنا في هذين البلدين من دون فرض رسوم أو رسوم باهظة".
وفرض ترمب في أوج إعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر لأمريكا الشمالية في الأول من حزيران (يونيو) 2018، رسوما تبلغ 25 في المائة على واردات الفولاذ و10 في المائة على واردات الألمنيوم من كندا والمكسيك اللتين فرضتا بدورهما إجراءات انتقامية على المنتجات الزراعية الأمريكية.
وتسمم هذه الرسوم الجمركية منذ ذلك الحين العلاقات الدبلوماسية التجارية بين الدول الثلاث، وعبر وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس في بيان عن ارتياحه لأن "استراتيجية الرئيس دونالد ترمب فعالة"، وتحدث عن "نجاح".
من جانبهما، تعهدت كندا والولايات المتحدة بإلغاء كل الرسوم الجمركية الأمريكية والإجراءات الانتقامية الكندية خلال يومين، كما قررتا إنهاء "كل الإجراءات حول الخلاف بينهما في منظمة التجارة العالمية" التي لجأت إليها كندا في حزيران (يونيو) 2018، والتي تعد الدولة الأولى المصدرة للفولاذ والألمنيوم للولايات المتحدة.
وستتخذ إجراءات مشتركة لمنع "استيراد الصلب والألمنيوم اللذين حصلا على دعم مالي حكومي غير نزيه أو يباعان بأسعار إغراق، ومنع نقل الفولاذ والألمنيوم المنتج خارج كندا والولايات المتحدة إلى البلد الآخر".
ورأى مصرف "سي آي بي سي" الكندي أن هذه الإجراءات تستهدف الصين خصوصا، فيما حذر مكتب الممثل الأمريكي للتجارة من أنه "إذا ارتفعت واردات بعض منتجات الصلب والألمنيوم فجأة، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تفرض من جديد رسوما جمركية"، وعندها ستقتصر إجراءات كندا والمكسيك على "منتجات الصلب والألمنيوم".
وكانت واشنطن قد فرضت هذه الرسوم الجمركية باسم "أمنها القومي" ما أثار غضب كندا التي رأت فيها وسيلة ضغط إضافية تستخدمها إدارة ترمب للتوصل إلى اتفاق تجاري جديد.
وكتب خيسوس سيادي كبير المفاوضين المكسيكيين في تغريدة "نرحب بحماس كبير بقرار الرئيس الأمريكي إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على المكسيك وكندا على الفولاذ والألمنيوم.. هذا الإعلان يمهد الطريق للمصادقة على الاتفاق الثلاثي للتبادل الحر".
وأضاف سيادي، وهو أيضا نائب وزير الخارجية المكسيكي، أن العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين تساعد على إدارك واشنطن لأهمية وجود كتلة تجارية لدول أمريكا الشمالية.
واعتبر سيادي إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تساعد على إقامة شراكة قوية بين الدول الثلاث، مشيرا إلى أن "هناك مناخا عاما تواجه فيه الولايات المتحدة علاقة صعبة على المدى الطويل مع الصين وهي تدرك أن اقتصاد الولايات المتحدة الكبير لا بد أن تصاحبه منطقة اقتصادية كبيرة في أمريكا الشمالية".
وساعد سيادي على قيادة المفاوضات العام الماضي لإبرام الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا بعد أن أصر ترمب على تجديد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا".
وتطبيقا لشعاره "أمريكا أولا"، فرض ترمب على شريكتيه التجاريتين صيف 2017، إعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر لأمريكا الشمالية المطبق منذ 1994، بعدما اتهمهما بتقويض آلاف الوظائف الصناعية خصوصا في قطاع السيارات، بسبب نقلها إلى المكسيك.
وتم التوصل إلى الاتفاق الجديد للتبادل الحر في 30 أيلول (سبتمبر) بعد مفاوضات شاقة ثم تم توقيعه في 30 تشرين الثاني (نوفمبر).
لكن النص ما زال ينتظر المصادقة عليه في الدول الثلاث، بينما اشترطت أوتاوا إلغاء الرسوم الجمركية الأمريكية لإبرام الاتفاق، لذلك يشكل هذا الإعلان تقدما كبيرا باتجاه المصادقة على الاتفاق الجديد، على حد قول جاستن ترودو رئيس الوزراء الكندي.
وأضاف ترودو خلال مؤتمر صحافي عقده في هاملتون بمقاطعة أونتاريو أن "هذه الرسوم على الصلب والألمنيوم كانت أكبر عائق أمام المصادقة على الاتفاق الجديد بالنسبة لنا وللولايات المتحدة.. ومن المؤكد أننا اتخذنا خطوة كبيرة للأمام نحو هذه المصادقة التي قد تحصل في الأسابيع المقبلة".
لكن تشاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي أكد أنه ما زال هناك كثير من العقبات قبل أن يوافق الديمقراطيون على الاتفاق.
وأوضح ترودو أن المفاوضين الكنديين قاوموا ضغوط الأمريكيين الذين كانوا يريدون فرض حصص للتصدير.
وأضاف رئيس الوزراء الكندي الذي كان يتحدث خلال زيارة لمصنع للفولاذ في هاملتون أن "الأمريكيين كانوا يريدون أن نقدم تنازلات.. طلبوا حصصا وكانوا يريدون الحد من إنتاجنا.. وقلنا لا".
وأشار جان سيمار رئيس جمعية الألمنيوم في كندا إلى أنه "اعتبارا من الأسبوع المقبل ستكون كندا والمكسيك البلدين الوحيدين في العالم اللذين يمكنهما دخول السوق الأمريكية بالكامل وبلا أي قيود".
ورأت أكبر نقابة زراعية في الولايات المتحدة "المكتب الفيدرالي للمزارع الأمريكية" أن إلغاء الرسوم خطوة إيجابية لتخفيف الإجراءات الانتقامية عن القطاع.
وتحدثت الصين بنبرة أكثر عدوانية في الحرب التجارية أمس الأول. مشيرة إلى أن استئناف المحادثات بين أكبر اقتصادين في العالم لن يكون مجديا إذا لم تغير واشنطن نهجها. 
وجاء هذا في ختام أسبوع كشفت فيه بكين النقاب عن رسوم انتقامية جديدة وتوجيه الولايات المتحدة ضربة ضد شركة هواوي تكنولوجيز أحد أكبر وأنجح الشركات الصينية، ويرى كبير المفاوضين المكسيكيين أن مثل هذا الخلاف جعل أمريكا الشمالية تبدو أكثر جاذبية.
في المقابل، أمهل الرئيس الأمريكي الاتحاد الأوروبي واليابان ستة أشهر للتفاوض حول اتفاق تجاري لقطاع السيارات، وإلا سيفرض رسوما جمركية إضافية يمكن أن تلحق ضررا بنمو الاقتصاد العالمي.
وقال البيت الأبيض "إذا لم يتم إبرام اتفاقات كهذه خلال 180 يوما.. فسيسمح للرئيس باتخاذ إجراءات أخرى يرى أنها ضرورية لتصحيح الواردات والقضاء على التهديد الذي تشكله السيارات المستوردة للأمن القومي".
وأوضح ترمب أن "الاتحاد الأوروبي يعاملنا بطريقة أسوأ من الصين"، مشيرا إلى أن "الدول الأعضاء فيه هي أصغر فقط من الصين. إنهم يرسلون سيارات مرسيدس بنز إلى الولايات المتحد مثل قطع الحلوى".
وردا على هذه التصريحات، قالت سيسيليا مالستروم المفوضة الأوروبية للتجارة إن الاتحاد الأوروبي مستعد للتفاوض مع واشنطن بشأن "اتفاق تجاري محدود، يشمل السيارات".
وستلتقي مالستروم خلال الأسبوع الحالي في باريس بروبرت لايتهايزر الممثل الأمريكي للتجارة الذي كلفه ترمب بإجراء المفاوضات، وستطلع وزراء التجارة في دول الاتحاد على نتائج مفاوضاتها أثناء اجتماع يعقد في 27 أيار (مايو) ببروكسل.
ومن جهته، رحب بيتر ألتماير وزير الاقتصاد الألماني بهذه المهلة التي تسمح بتجنب "تفاقم النزاع التجاري حاليا".
وهدف واشنطن واضح وهو خفض واردات السيارات وقطع غيار السيارات الأجنبية، وفتح الأسواق للسيارات الأمريكية بشكل أوسع.
وكان ويلبور روس وزير التجارة الأمريكي الذي كلف في أيار (مايو) 2018 بإجراء تحقيق حول قطاع السيارات، سلم ترمب نتائج هذا التحقيق في شباط (فبراير)، وكان لدى ترمب مهلة انتهت أمس السبت ليتخذ قرارا.
وفي تقريره، رأى روس أن "البحث والتطوير في قطاع السيارات أساسيان للأمن القومي"، وأوضح أن "القاعدة الصناعية للدفاع في الولايات المتحدة مرتبطة بقطاع السيارات في تطوير التقنيات الأساسية للإبقاء على تفوقنا العسكري"، موردا ابتكارات مهمة في مجال المحركات والقيادة الذاتية.
لكن المفوضة الأوروبية رفضت "مفهوم أن صادرات السيارات الأوروبية تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي"، وهذه الفكرة رفضتها أيضا مجموعة تويوتا اليابانية لصناعة السيارات التي تملك مصانع ومراكز أبحاث في الولايات المتحدة، ورأت في بيان أن واشنطن وجهت بذلك "رسالة مفادها أن استثماراتنا غير مرحب بها".
وأضافت المجموعة أن "نشاطاتنا وموظفينا ليسوا تهديدا للأمن القومي"، مؤكدة أن "الحد من واردات الآليات وقطع الغيار سيؤدي إلى نتائج عكسية" سواء على مستوى التوظيف أو الاقتصاد، وأشارت "تويوتا"، إلى أنه "إذا فرضت حصص، فسيكون المستهلكون أكبر الخاسرين".
ويلفت التقرير الأمريكي إلى أن الشركات الأجنبية استفادت "في العقود الثلاثة الأخيرة" من تفوق على حساب الصناعيين الأمريكيين بفضل رسوم جمركية منخفضة في الولايات المتحدة، بينما يصطدم الأمريكيون بأسواق خارجية تفرض قيودا أكبر.
وأفادت معطيات التقرير بأن حصة الشركات الأمريكية في الولايات المتحدة انخفضت من 67 في المائة (10.5 ملايين سيارة انتجت وبيعت داخل الولايات المتحدة) إلى 22 في المائة (تعادل 3.7 ملايين وحدة) في 2017.
في الوقت نفسه ارتفع حجم الواردات بمقدار الضعف تقريبا (من 4.6 مليون إلى 8.3 مليون وحدة)، وفي 2017 استوردت الولايات المتحدة ما تتجاوز قيمته 191 مليار دولار من السيارات.
وانخفضت حصة المنتجين الأمريكيين في السوق العالمية من 36 في المائة في 1995 إلى 12 في المائة فقط في 2017، وهذا ما يضعف قدرتهم على تمويل البحث والتطوير اللازمين لضمانة القيادة التكنولوجية "تلبية لاحتياجات الدفاع القومي".
من جهتها، تلقت مجموعة السيارات الألمانية "دايملر" هذا الإعلان بارتياح، وقال برنهارد ماتيس رئيس اتحاد الصناعيين الألمان، إن "مهلة 180 يوما يجب أن تستخدم للتوصل إلى نتائج جيدة في المفاوضات بين واشنطن وبروكسل".
وذكرت "بي إم في" أن التبادل الحر سمح لها باستثمارات المليارات في الولايات المتحدة جعلت من الشركة البافارية "مصدرا من الصف الأول من هذا البلد".
ويعكس قطاع السيارات الذي يشكل رمزا للصناعات التحويلية في الولايات المتحدة، وحدة الخلل التجاري الذي لا يكف الرئيس الأمريكي عن إدانته.
وتريد برلين الإفلات من أي رسوم على السيارات القطاع الحيوي لاقتصادها، وهذه المهلة إيجابية للاقتصاد العالمي لأن فرض رسوم أمريكية على السيارات سيكون له تأثير كبير في النمو في العالم.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية