الطاقة- النفط

تقلبات في سوق النفط .. المستثمرون يتلقون إشارات متباينة للمعروض العالمي

تقلبات في سوق النفط .. المستثمرون يتلقون إشارات متباينة للمعروض العالمي

رغم الموجة الصعودية لأسعار النفط، إلا أن حالة التقلبات ما زالت سمة أساسية في السوق، حيث استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع بسبب بعض التباين في بيانات المعروض النفطي.
يأتي ذلك بعد أن كانت أسعار خام برنت قد سجلت أعلى مستوى لها في خمسة أشهر فيما لا تزال الأسعار تتلقى الدعم الأكبر من خفض الإنتاج الذي تقوده دول "أوبك" وخارجها علاوة على تأثير العقوبات في كل من إيران وفنزويلا والمخاطر الجيوسياسية في الجزائر وليبيا.
يقاوم ارتفاع الأسعار الزيادات المتوالية للإنتاج الأمريكي والمخاوف على النمو الاقتصادي العالمي جراء استمرار تأثير النزاعات التجارية فيما لا تزال بيانات الطلب العالمي متأرجحة ومتضادة لكنها إيجابية في الغالب.
قال لـ"الاقتصادية"، محللون ومختصون نفطيون، "إن التقلبات السعرية ستكون محدودة في الشهور المقبلة، حيث إن أغلب التوقعات تصب في مصلحة بلوغ خام برنت مستوى 80 دولارا للبرميل بحلول صيف هذا العام.
وأشاروا إلى أن ذلك يرجع إلى تأثير عدة عوامل مجتمعة، أبرزها تخفيضات الإنتاج والمخاطر الجيوسياسية وتعافي الطلب ونشاط صناديق التحوط وغيرها من العوامل التي تبشر بمزيد من الآفاق الإيجابية للسوق خلال العام الجاري على أقل تقدير.
وذكر المحللون أنه في المقابل يتوقع البعض الآخر ألا تصل الأسعار إلى مستوى 80 دولارا، ومثال على ذلك بنك جولدمان ساكس، الذي يرى أن الأسعار ستواصل الارتفاع لكنها ستواجه أيضا ضغوطا متزايدة من انتعاش الإمدادات الأمريكية من النفط الخام علاوة على احتمال تخفيف "أوبك" تخفيضات الإنتاج، استجابة لمطالبات المستهلكين المتكررة في هذا الشأن.
وقال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن الطفرات السعرية التي تتسبب فيها المخاطر الجيوسياسية هي طفرات واسعة ومؤثرة"، مشيرا إلى أن السوق تواجه تحديات كبيرة بسبب غياب الاستقرار في عدد غير قليل من الدول المنتجة، معظمها من أعضاء منظمة "أوبك" خاصة إيران وفنزويلا وليبيا والجزائر.
وأكد وجود توترات أخرى في دول خارج "أوبك" من المشاركين في إعلان التعاون، مثل السودان وجنوب السودان، لافتا إلى أن "أوبك" أدركت في التوقيت المناسب أن مواجهة هذه التحديات من الصعب أن تتم بشكل فردي ومن هنا أسست لشراكة واسعة وقوية بين المنتجين في "أوبك" وخارجها التي من المتوقع أن يزداد دورها في قيادة السوق العالمية في الأعوام المقبلة.
من جانبه، قال سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، "إن كبار عملاء النفط الإيراني ينسحبون تدريجيا من إبرام صفقات جديدة ترقبا لنتائج مراجعة التنازلات التي منحتها الإدارة الأمريكية لثمانية من مشتري النفط الإيراني، التي سيتم إجراؤها الشهر المقبل"، مشيرا إلى أن كوريا الجنوبية وهي من أكبر عملاء النفط الإيراني أجرت بالفعل تخفيضات واسعة في شهر مارس الماضي على وارداتها من إيران بنحو 12 في المائة.
وذكر أن الإدارة الأمريكية من المحتمل أن تبدي بعض المرونة فيما يتعلق بالهدف الصعب لديها وهو الوصول بالصادرات الإيرانية إلى مستوى الصفر، لافتا إلى أن هذه المرونة بالتأكيد ربما تأتي تحسبا لمزيد من الارتفاعات في أسعار النفط الخام التي قد تصل إلى نحو 80 دولارا هذا الصيف، على الرغم من عدم الرضا الأمريكي عن هذا الأمر.
من ناحيته، قال أندريه جروس مدير قطاع آسيا في شركة "أم أم أيه سي" الألمانية للطاقة، "إن أسعار النفط الخام تتلقى دعما جيدا من التفاؤل بقرب إنهاء النزاعات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، خاصة في ضوء مؤشرات عن أن المفاوضات بين الجانبين تقترب من النهاية، لافتا إلى تأثير ذلك القوي في دعم النمو الاقتصادي العالمي وتبديد القلق بشأن الطلب على النفط الخام.
وأوضح أن بعض البيانات الضعيفة عن الطلب أو حدوث بعض التوترات التجارية هى التي تضغط على الأسعار وتكبح تحقيق مزيد من المكاسب، مبينا أنه بشكل عام تذهب أغلب توقعات شركات الطاقة إلى أن الطلب سيظل قويا خاصة من الصين والهند وهو ما سيعزز الارتفاعات السعرية بحلول صيف هذا العام وربما تصل مستويات قياسية جديدة في صعود الأسعار، خاصة مع نشاط صناديق التحوط.
بدورها، أكدت أنبر لي المحللة الصينية في شركة "رينج" الدولية، أن العقود الآجلة للنفط الخام تتجه إلى التزايد بفضل توقعات صعود الأسعار بشكل قوي خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد انهيار الإنتاج الفنزويلي إلى أقل من مليون برميل يوميا والاشتباكات حول العاصمة الليبية طرابلس التي تهدد بتقليص واسع في الإمدادات الليبية من النفط الخام.
وأشارت إلى أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي سيكون له أيضا تأثيره في أسواق النفط والغاز وربما يكون داعما لصعود الأسعار، إلى نحو 80 دولارا للبرميل، مع زيادة الطلب البريطاني بعد التخلي عن الالتزامات الأوروبية السابقة التي تحد من الاعتماد على الطاقة التقليدية وتضغط في اتجاه سرعة التحول نحو الطاقة المتجددة للوصول إلى مستوى الصفر في الانبعاثات الكربونية.
فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس، بعد أن بلغ خام القياس العالمي مزيج برنت أعلى مستوياته في خمسة أشهر في الجلسة السابقة، مع توجه أنظار المستثمرين نحو إشارات متباينة للمعروض العالمي.
بحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 06:29 بتوقيت جرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت عند 71.44 دولار للبرميل، بانخفاض 11 سنتا أو 0.2 في المائة عن سعر الإغلاق السابق، بعد أن بلغ يوم الجمعة الماضي أعلى مستوى له منذ 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عند 71.87 دولار.
وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 63.63 دولار للبرميل بانخفاض 26 سنتا أو 0.4 في المائة عن سعر التسوية السابقة.
وقال فيرندرا شوهان محلل النفط لدى "إنرجي أسبكتس" في سنغافورة "أتوقع أن يتم تداول النفط داخل نطاق ضيق نسبيا حول 70 دولارا في الوقت الراهن"، لافتا إلى إشارات متباينة من الولايات المتحدة ومنظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" حول مستقبل الإمدادات.
وتجتمع "أوبك" وحلفاؤها في حزيران (يونيو) المقبل لاتخاذ قرار بشأن مواصلة كبح الإمدادات. وتخفض "أوبك" وروسيا وحلفاء آخرون الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا من أول كانون الثاني (يناير) الماضي لمدة ستة أشهر.
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 70.41 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي مقابل 70.31 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، كما أن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 68.76 دولار للبرميل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط