FINANCIAL TIMES

نيجيريا بحاجة إلى إصلاح هيكلي لتفادي فخ انخفاض النمو

نيجيريا بحاجة إلى إصلاح هيكلي لتفادي
فخ انخفاض النمو

من المرجح أن تؤدي إعادة انتخاب محمد بخاري رئيسا لنيجيريا، إلى فترة من الاستمرارية السياسية في أكثر الدول الإفريقية اكتظاظا بالسكان.
بخاري، الذي هزم بسهولة منافسه أتيكو أبو بكر، الأكثر تشجيعا للأعمال، بنسبة 56 في المائة مقابل 41 في المائة في تصويت الشهر الماضي، وإن جاء ذلك بنسبة اقتراع ضئيلة جدا تبلغ 36 في المائة من إجمالي من يحق لهم التصويت، تعهد بالتركيز على مكافحة الفساد، وتحسين مستوى الأمن الوطني وتنويع الاقتصاد في فترة ولاية ثانية لمدة أربع سنوات.
ومع أن هذا جدير بالثناء، إلا أن هذه القضايا هي عناوين حملة بخاري نفسها قبل فوزه بولايته الأولى في عام 2015.
ومع ذلك يعتقد كثيرون أن هناك حاجة إلى مزيد. بما أن البلاد تواجه انخفاضا في أسعار النفط، وهو منتج التصدير الرئيس لنيجيريا، كما أن ذلك من وجهة نظر عديد من المراقبين نتاج أخطاء سياسية داخلية، فإن البلاد تتعرض لتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، للعام الرابع على التوالي، هذا العام.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر الضغط على الناتج الحقيقي للفرد حتى عام 2023 على الأقل، وهو احتمال مؤلم لبلد يبلغ فيه نصيب الفرد سنويا من الناتج المحلي الإجمالي 2700 دولار فحسب.
لتجنب هذا المصير، طالب الصندوق العام الماضي بمجموعة من الإصلاحات الهيكلية لدعم الإنفاق الرأسمالي وتحسين بيئة الأعمال وزيادة إنتاج الكهرباء، فيما يتوقع أن تكون ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، بحلول عام 2050.
يعكس التحليل الجديد الذي أجراه "رينيسانسكابيتال"، وهو مصرف استثماري يركز على الأسواق الناشئة، الرأي القائل إن الزيادات الحادة في استهلاك الكهرباء والاستثمار ضرورية لدفع نمو أقوى على المدى الطويل - وإن تحسين التعليم هو ثالث أولويات بخاري الثلاث التي ينبغي أن يسعى إلى معالجتها.
قال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في "رينيسانسكابيتال": "التنويع بدلا من الاعتماد على النفط، أمر لا مفر منه بالنظر إلى قلة صادرات نيجيريا من النفط مقابل الفرد (0.30 دولار في اليوم للشخص الواحد)، إلا أن ذلك مستحيل بالنظر إلى ثلاثة قيود هيكلية. لأجل تنويع الصادرات لتشمل التصنيع أو كما نعتقد خدمات عالية الإنتاجية، يجب أن يرتفع معدل معرفة القراءة والكتابة لدى البالغين بأي لغة من 60 في المائة في عام 2015 إلى 70 في المائة في عام 2024 كما نأمل، وبصورة مثالية إلى 80 في المائة".
وأضاف: "يحتاج استهلاك الكهرباء إلى الزيادة ثلاث مرات من 139 كيلو/ واط في الساعة للشخص الواحد في عام 2015 إلى ما لا يقل عن 300 - 500 كيلو/واط في الساعة، ويفضل أن يراوح ما بين 500 و 1000 كيلو/ واط في الساعة. لذا يجب أن يتضاعف الاستثمار من 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017 إلى 25 في المائة على الأقل".
تحليل "رينيسانسكابيتال" من جميع أنحاء العالم النامي يشير إلى أن قليلا من الدول قد تمكنت من التصنيع، فيما ظل معدل تعلم القراءة والكتابة لدى الكبار أقل من 70 في المائة. وصلت نيجيريا إلى 60 في المائة بحلول عام 2015، وفقاً للأمم المتحدة.
بناء على افتراض، يحتمل أن يكون متفائلا، فإن 90 في المائة من الذين بلغوا سن الرشد الآن، التحقوا بالمدرسة الابتدائية ويعرفون القراءة والكتابة على الأقل.
يقدر روبرتسون أن نيجيريا ستصل إلى 70 في المائة بحلول عام 2024، وبالتالي فإنها ستكافح قبل ذلك لتنويع اقتصادها بصادرات غير النفط، الذي يمثل أكثر من 90 في المائة من عائدات التصدير، ويترك نيجيريا تحت رحمة عوامل خارجية خارج نطاق سيطرتها.
في الواقع، وصلت بعض الولايات الجنوبية مثل لاجوس وأبيا بالفعل إلى تعليم القراءة والكتابة بنسبة 70 في المائة، ما يشير إلى أنها يمكن أن تكون بلدا مصنعة.
مع ذلك، طالب روبرتسون بحملة لتعليم الكبار القراءة والكتابة، سواء لتسريع التقدم نحو هدف 70 في المائة على الصعيد الوطني، بالنظر إلى تأخر 20 عاما بين تطوير المدارس الابتدائية، وحصد أي مكافآت ذات مغزى من قوى عاملة أكثر تعليما، وإيقاف أي انشقاق آخر في بلد مزقته بالفعل الانقسامات الإقليمية، بالنظر إلى مدى تخلف شمال البلاد في تعلم القراءة والكتابة، لدى الكبار.
وأضاف: "ذلك من شأنه أن يوقف اتساع الفجوة بين شمالي وجنوبي نيجيريا في ظل السياسات الحالية. هناك مشكلة قديمة بالنسبة لشخص شمالي، وبخاري نفسه ينحدر من ولاية كاتسينا على الحدود مع النيجر، ويمكنه المساعدة على ضمان عدم توسيع الانشقاقات".
يرى روبرتسون أن الخطة الحالية التي يتطوع فيها عديد من الخريجين للخدمة في الحكومة لمدة عام، مقابل تعليم جامعي مجاني، يمكن أن تشكل الأساس لحملة تعليم الكبار القراءة والكتابة.
وبالمثل، يشير تحليل "رينيسانسكابيتال" إلى أن عددا قليلا من الدول نجحت في أن تصبح دولا صناعية دونما طاقة كافية لتشغيل المصانع وأجهزة الكمبيوتر. من شأن ذلك أن يضع العتبة عند نحو 300 كيلو/واط في الساعة للشخص الواحد.
تجاوزت سعة الكهرباء التي تم تركيبها في نيجيريا بالفعل، بنحو 420 كيلو/واط في الساعة للفرد، أو 13 جيجا/واط، وفقا لـ "منظمة مولدات الطاقة".
لسوء الحظ، لا يمكن للنظام إلا توفير ما يراوح بين 3.7 و4.0 جيجا/واط في المتوسط، أو لوقت قصير جدا وفي يوم جيد 5 جيجا/واط، كما قال روبرتسون.
وبالتالي، يقال إن نيجيريا، البلد الذي قد يتجاوز عدد سكانه هذا العام 200 مليون نسمة، توزع وتستهلك الكهرباء بما يساوي توزيع واستهلاك الكهرباء في إدنبره، عاصمة اسكتلندا، التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة.
يبدو أن المشكلة تنبع من الخصخصة الفاشلة في عام 2013، عندما تم الإبقاء على الرسوم الجمركية للكهرباء عند مستويات مدعومة، بدلا من رفعها.
قال روبرتسون: "نتيجة لذلك، فإن سعر الكهرباء منخفض للغاية، كلما زادت شركات التوزيع الكهرباء، زادت الأموال التي تخسرها".
بالتالي، ستكون هناك حاجة إلى زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية، لإعادة التوازن إلى النظام وزيادة الإنتاج.
المحور الأخير هو زيادة الاستثمار. حتى عام 2010، تمتعت نيجيريا بنمو اقتصادي أسرع من إثيوبيا، وهي نظير إفريقي كبير يفشل أيضا في وضع علامة تذكر في خانتي "رينيسانسكابيتال" لتعليم القراء والكتابة للكبار ولاستهلاك الكهرباء.
على أنه منذ ذلك الحين، نجحت إثيوبيا في رفع مستوى استثماراتها بشكل كبير كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، وتقدمت على نيجيريا من حيث معدل النمو الاقتصادي، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تواصل ذلك.
لا جدال أن تحقيق ذلك كان أسهل بالنسبة لإثيوبيا، إذ إن الضوابط الحكومية الصارمة تعني أن الدولة يمكن أن تأخذ ودائع من المصارف المملوكة لها، وأن تقرض بأسعار فائدة أقل من معدلات التضخم.
لا يمكن لنيجيريا اتباع هذا المسار دون أن تصبح أكثر استبدادا. ومع ذلك، يبدو أن هناك مجالا لزيادة الإيرادات الحكومية بشكل حاد، من نسبة 6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2017، وهي أقل بشكل مريح من مستوى عام 2007 ومن أي اقتصاد إفريقي كبير آخر.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES