الديون المحلية تفرمل عولمة شركات جديدة في الصين

 الديون المحلية تفرمل عولمة شركات جديدة في الصين
 الديون المحلية تفرمل عولمة شركات جديدة في الصين

بعد قضاء نصف عقد من الزمن في شراء الأراضي الزراعية في وسط فرنسا، يتعرض الملياردير الصيني هو كيشين للضغط الآن، لبيع بعضها.
كان لدى شركة ريوارد جروب المختصة بالحليب والكيمياويات المنزلية، خطط كبيرة لاستيراد القمح المزروع في فرنسا، وتقديم الخبز الفرنسي الطازج من الفرن، من على منافذ المخابز في أنحاء الصين.
بحلول نهاية عام 2017، أنفقت مجموعة ريوارد أكثر من 360 مليون دولار على ثماني مزارع فرنسية، منتشرة في كافة أنحاء منطقتي ألييه وأندر، وعلى مصنع صابون وكريمات قائم في لوس أنجلوس.
خطط الأعمال العالمية في شركة ريوارد تتفكك من الداخل إلى الخارج، ليس جراء مصاعب أو ضغوط في فرنسا أو غب جنوب كاليفورنيا فحسب، بل نتيجة العجز عن سداد السندات في الصين، ما تطور ليصبح الآن بمنزلة أزمة عجز شبه شاملة عن السداد، في سوق السندات المقومة بالدولار.
المخاوف حول مصير مثل هذه الحيازات العالمية الصينية – من شركات تأمين وأدوية إلى شركة صناعة مجوهرات إيطالية ومدينة ملاه أمريكية – تسلط الضوء على احتمال تردد صدى الصعوبات المالية المحلية في الصين الآن، عبر الأسواق الدولية.
"عندما قاموا بالصفقة، كانت ميزانيتهم العمومية تبدو جيدة، لكنهم قرروا القيام بأكثر مما يمكنهم تحقيقه"، كما قالت فيوليت هو، رئيسة قسم استخبارات وتحقيقات الأعمال في الصين الكبرى لدى شركة كرول لاستشارات المخاطر العالمية، عن اتجاه شائع لعمليات الاستحواذ الخارجية الصينية، في الأعوام الأخيرة.
وأضافت: "الآن قد تضطر الشركات إلى شطب المعاملات والتراجع عن الصفقات. سوف يخسر الناس الكثير من المال جراء أو أثناء ذلك".
أنفقت الشركات الصينية أكثر من تريليون دولار بقليل على الأصول الخارجية، والبناء خلال الأعوام الخمسة ما بين 2013 و2017، وهي فورة لم يسبق لها مثيل، فقد تضاعفت خلال فترة الأعوام الخمسة السابقة على ذلك، وذلك وفقا لبيانات من برنامج تتبع الاستثمار العالمي الصيني، التابع لمعهد المؤسسة الأمريكية.
معظم تلك الاستثمارات بقيت مستقرة باستثناء عدد من الشركات الكبيرة – أبرزها مجموعة إتش إن أيه HNA وشركة أنبانج للتأمين – التي اضطرت إلى سحب عشرات المليارات من الدولارات في الصفقات.
على مدى الأشهر الستة الماضية، فإن سلسلة من الشركات متوسطة الحجم التي انضمت بقوة إلى طفرة الشراء، بدأت تظهر عليها إشارات الإجهاد بسبب تشديد الائتمان. بعضها اضطر منذ فترة إلى التخلي عن جوائزها في البلدان الأجنبية.
في آب (أغسطس) الماضي، فقدت المجموعة الصينية سانباور السيطرة على سلسلة متاجر هاوس أوف فريزر، عندما تعرضت سلسلة المتاجر البريطانية الراقية التي اشترتها في عام 2014، للإفلاس.
شركة سانباور افتتحت محادثات إعادة هيكلة مع المصارف المحلية في العام الماضي، لكنها لا تزال تملك عددا من الشركات الخارجية، مثل سلسلة المتاجر الأمريكية بروكستون وشركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية ديندريون.
يقول الخبراء إن أموال المجموعات الصينية لمساعدة الشركات التابعة الخارجية المتعثرة تتعرض للوهن.
قال أوين تشان، الشريك المنتدب في هونج كونج لدى شركة المحاماة هوجان لوفيلز: "البيئة التنظيمية تغيرت تماما. من الصعب جدا إخراج الأموال من الصين، حتى وإن كانت الشركة الأم تحاول ضخ النقود إلى شركة خارجية تابعة لها".
كثير من الشركات الصينية الأخرى، تظهر عليها علامات الضائقة المالية، إلا أنها ما زالت تتمسك بحيازاتها العالمية.
في أيلول (سبتمبر) الماضي، فإن شركة جانسو جانجتاي، وهي شركة أم تملك "بوسيلاتي" الإيطالية لصناعة المجوهرات، فوتت دفعة على سندات صينية.
في نهاية العام، اضطرت وحدة من الشركة الصينية المالكة لمدينة الملاهي الأمريكية سي ويرلد SeaWorld، وهي شركة تشونج هونج تشيوي للتطوير العقارات قائمة في بكين، إلى إلغاء إدراجها في بورصة شنزن في نهاية عام 2018 بسبب الأداء الضعيف للأوراق المالية.
شركة تشونج هونج أيضا تملك شركة أبركرومبي آند كنت الأمريكية للسفريات.
المشاكل في الشركات الصينية ترتبط ارتباطا وثيقا بتشديد الائتمان في البلد، في الوقت الذي يحاول فيه المنظمون إبطاء نمو ديون الشركات.
إجمالي التمويل الاجتماعي، المقياس الواسع لنمو الائتمان في الصين، كان ينخفض منذ أواخر عام 2016.
في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، توسع إجمالي التمويل الاجتماعي بنسبة 10.2 في المائة فحسب، بعد أن كان أكثر من 15 في المائة قبل عامين، وأكثر من 33 في المائة في عام 2009.
الضغط على الائتمان واضح في كثير من الشركات العالمية الجديدة مثل مجموعة ريوارد.
هو أخبر وسائل الإعلام الصينية أن عدم سداد دفعة السندات حدث لأن أحد المصارف الصينية، امتنع عن منح قرض جديد كان من الممكن أن يستخدم لسداد الدين.
لم تستجب الشركة لطلب التعليق على المسألة. على أن تكهن محللون آخرون هو أن الشركة يمكن أن تبيع بعضا من حقول القمح الفرنسية التابعة لها لتوفير النقدية اللازمة.
قال كيث بوجسون، رئيس التأمين العالمي في شركة إي واي لأسواق المصارف ورأس المال، إن الشركات الصينية: "منذ طفرة الشراء الشديدة المذكورة قبل بضعة أعوام، أصبحت السيولة الآن أكثر عسرا. لذا فإن قدرتها على الوصول إلى سوق السندات بل وحتى القروض المصرفية، أصبحت أكثر صعوبة".
عندما يتم رفض الشركات الصينية من قبل المصارف، غالبا ما تتوجه نحو سوق نظام مصرفية الظل الأعلى سعرا، أو التمويل خارج الميزانية العمومية، وهو الوضع الذي يتم توجيهه من خلال صناديق الائتمان ووسطاء آخرين.
على أن الوصول إلى هذه السوق يتقلص الآن أيضا. في حين أن السوق كانت لا تزال ضخمة بقيمة 62.1 تريليون رنمينبي (9.2 تريليون دولار) في نهاية أيلول (سبتمبر) من عام 2018، إلا أن نظام مصرفية الظل يقف الآن إلى 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الصين، منخفضا من 87 في المائة في نهاية عام 2016، وذلك وفقا لوكالة "موديز".
القروض من صناديق الائتمان، وهي إحدى مكونات نظام مصرفية الظل، انخفضت بنحو 5 في المائة إلى 8.1 تريليون رنمينبي في أيلول (سبتمبر) الماضي، من ذروة كانت قد وصلت إليها في نهاية عام 2017.
ذلك التأثير يظهر على الميزانيات العمومية في شركات مثل مجموعة تاهو لتطوير العقارات الصينية، التي اشترت شركة داه سينج لايف للتأمين في هونج كونج، مقابل 1.4 مليار دولار في عام 2016.
من بداية عام 2016 حتى منتصف عام 2018، توسعت الديون من صناديق الائتمان في مجموعة تاهو بنسبة 391 في المائة من 13.7 مليار رنمينبي إلى 67.3 مليار رنمينبي، ما يعادل نحو 44 في المائة من إجمالي ديونها البالغة 154.5 مليار رنمينبي، وذلك وفقا لشركة تزويد بيانات "رد إنتيليجنس" REDD Intelligence. تم إصدار منتجات ائتمانية أقل بكثير خلال العام الماضي، ما جعل من الصعب الحصول على المزيد من نفس الديون.
"مع تشديد الائتمان، ربما ستواجه صعوبة في الوصول إلى المزيد من القروض الائتمانية"، كما قال إكزافييه دونج من "رد إنتيليجنس"، الذي قدر في أيلول (سبتمبر) الماضي، أن السيولة النقدية المتوفرة في مجموعة تاهو والتسهيلات المصرفية غير المستخدمة، لن تكون كافية لتغطية ديونها قصيرة الأجل البالغة 56.2 مليار رنمينبي، ما يضعها على أرض مالية محفوفة بالمخاطر.
لم يكن واضحا كيف سيؤثر العجز عن السداد في مجموعة تاهو على عمليات التأمين على الحياة التابعة لها في هونج كونج، فيما لم تستجب الشركة لطلب التعليق.
أشار دونج إلى أن الأصول الخارجية، في حالات مثل هذه، يمكن أن تصبح شريان الحياة بالنسبة للشركات الصينية المتعثرة، على الأقل في الأجل القصير.

الأكثر قراءة