شركات التأمين الغربية تتدافع على السوق الصينية

شركات التأمين الغربية تتدافع على السوق الصينية

رؤساء شركات التأمين الغربية يفضلون الحديث بصورة إيجابية عن الإمكانات الهائلة للنمو في الصين. رئيس منطقة آسيا في شركة برودنشال اعتبر الصين ستكون "أسرع الأسواق نموا لدى شركته "..." لسنوات كثيرة مقبلة". الرئيس التنفيذي لشركة أليانتز امتدح السوق ووصفها بأنها "سوق استراتيجية".
بالنظر إلى الحجم الهائل لسكان الصين والنسبة المنخفضة نسبيا للأشخاص الذين لديهم تأمين، فإن هذه الإثارة أمر مفهوم. مثلا، 114 مليون صيني فقط لديهم تأمين على الحياة، من أصل 1.4 مليار نسمة.
الآن بدأت شركات التأمين الأجنبية في الاستعداد لحملة كبيرة في الصين، على أمل استخدام تخفيف قواعد الملكية الأجنبية التي طال انتظارها نقطة انطلاق.
لكن المجموعات الدولية الكبرى تعاني لأجل أن يكون وجودها ملموسا ومعروفا ضد الشركات العملاقة المحلية. فعلى الرغم من أنها تعمل في الصين منذ عقود، إلا أن حصتها السوقية مجتمعة أقل من 5 في المائة.
ويحذر مختصون من أن جيوش وكلاء التأمين الضخمة في الصين، والأنظمة المحلية الصارمة، من المرجح أن تعوقا تقدم الشركات العالمية.
منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2003 وهي تتعرض لضغوط لفتح صناعة الخدمات المالية أمام اللاعبين الأجانب. التغييرات تأتي على نحو بطيء وبكين متهمة بأنها تلوح لبعض أكبر المصارف وشركات التأمين في العالم باحتمال منحها سيطرة أكبر، لكنها تتجنب في الوقت نفسه تطبيق إصلاحات حقيقية.
كانت شركات التأمين الأجنبية من بين أوائل المجموعات المالية الدولية التي سُمِح لها بالعمل في البلاد، بدءا من منتصف التسعينيات عندما أطلقت مانيولايف مشروعا مشتركا مع مجموعة الكيماويات، ساينو كيم. وسمح لمعظم شركات التأمين الأجنبية بملكية 50 في المائة، لكن الإصلاحات المهمة الأخرى توقفت بشكل كبير.
وفيما اعتبر تطورا كبيرا هذا العام، وضع كبار القادة جداول زمنية وشروطا للسماح لشركات الأوراق المالية الأجنبية، وشركات إدارة الأصول، والشركات المصرفية، وشركات التأمين، بزيادة حصصها في المشاريع المشتركة، وفي بعض الحالات، السيطرة الكاملة.
شركات التأمين في الخارج انتبهت لهذه التطورات. شركة أكسا الفرنسية اشترت 50 في المائة كانت متبقية من المشروع المشترك "أكسا – تيان بينج"، في صفقة اعتُبِرت الأولى من نوعها في الصناعة في الصين. في تلك الأثناء، فازت شركة أليانتز الألمانية بموافقة الحكومة على تأسيس شركة قابضة مملوكة لها بالكامل في الصين.
جاءت التغييرات قبيل عدة سنوات من جدول زمني وُضِع في نيسان (أبريل)، وهي علامة على أن الصين تتعرض لضغوط لإظهار تغييرات حقيقية في طريقة معاملتها للمجموعات المالية الأجنبية.
أوليفر بيته، الرئيس التنفيذي لمجموعة أليانتز، قال في لقاء مع المستثمرين في الآونة الأخيرة "كانت القيادة الصينية تمانع منذ فترة طويلة، وقررت الآن أن تفتح المجال".
أعربت مجموعات أجنبية أخرى عن رغبتها في رفع حصصها. فيليب دونيه، الرئيس التنفيذي لشركة جينيرالي، قال في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" أخيرا، "نرغب في الحصول على حصة أكبر "من مشروعنا المشترك في الصين"، لكن يجب أن يكون ذلك ممكنا من الناحية القانونية ونحن بحاجة إلى الموافقة التامة من شريكنا".
كذلك تود شركة برودنشال التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها زيادة حصصها في مشروعين مشتركين في الصين إلى أكثر من 50 في المائة، فهي تنظر إلى الصين على أنها أحد المحركات الرئيسية لنموها في آسيا. وفي أيلول (سبتمبر) وقعت الشركة اتفاقا مع الحكومة للمساعدة على تطوير نظام المعاشات التقاعدية في البلاد.
منذ فترة طويلة ينظر إلى سوق التأمين الصينية على أنها سوق ذات إمكانات هائلة، بسبب الانتشار المحدود لمنتجات التأمين وكذلك الطلب المتزايد بسرعة على الخدمات المالية الجديدة من الطبقة الوسطى الصاعدة.
بلغت كثافة التأمين، أو قسط التأمين على الفرد، 345 دولارا فقط في عام 2016، وبلغ معدل الاختراق - وهو مقياس لأقساط التأمين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي - 4.2 في المائة في عام 2016، وفقا لتقرير صدر عام 2018 من شركة الاستشارات برايس ووترهاوس كوبرز. ويعادل هذا نحو نصف مستوى الاختراق في الولايات المتحدة.
لكن بين عامي 2013 و2017، نمت أقساط التأمين على الحياة في الصين بمعدل سنوي مركب بلغ 23 في المائة تقريبا، لتصل إلى 330 مليار دولار في عام 2017. وفي حين إن أقساط التأمين الصحي تأتي من قاعدة منخفضة، إلا أنها نمت أكثر من 40 في المائة سنويا ووصلت إلى 68 مليار دولار في عام 2017.
من خلال توّلي الملكية التامة لوحداتها في الصين ستعمل الشركات الأجنبية على التركيز على النمو. لكن محللين ومستشارين يقولون "إن هذا أمر سهل قولا صعب فعلا".
لدى شركات التأمين الصينية الآن أكبر قاعدة عملاء في العالم، وهي قوة ستقاوم التعديات من الداخلين الجدد إلى السوق. شركة تشاينا لايف، مثلا، لديها مليونا وكيل. و"بينج آن "لديها أكثر من مليون وكيل.
ليندا صن ماتيسون، وهي محللة في "بيرنشتاين"، قالت "أشك في أننا سنرى مكسبا هائلا في الحصص - الشركات الصينية تعرض الآن أسعارا أفضل إلى حد ما". وأضافت "من أجل النمو تحتاج إلى التوزيع، تحتاج إلى أن تكون في وضع متمكن على الأرض، من الصعب إدخال الوكلاء إلى السوق خلال وقت قصير، كما أن تدريبهم يحتاج إلى وقت".
وتابعت "الزيادة في الحد الأقصى للملكية الأجنبية يمكن أن تساعد شركات التأمين الأجنبية إذا كانت راغبة في الاستثمار".
ويجادل التنفيذيون بأن الاستراتيجية التي ينبغي أن تتبعها الشركات الأجنبية ليست شن حرب شاملة على الشركات المنافِسة المحلية. بدلا من ذلك تحتاج إلى استهداف مناطق محددة.
جوردون واتسون، الرئيس التنفيذي لشركة أكسا في آسيا، قال "المجال الذي يهمنا حقا هو الجانب الصحي. من رأينا أن الابتكار في مجال الصحة سيغير السوق فعلا. نحن أكبر شركة تأمين صحي خارج الولايات المتحدة، لذلك لدينا الخبرة". وأضاف "لا نريد أن نكون أكبر شركة في الصين، لكننا نريد أن نسعى وراء القطاعات التي تكون منطقية ومفيدة من وجهة نظرنا".
السماح للشركات الأجنبية بامتلاك 100 في المائة لن يزيل كثيرا من العقبات التنظيمية الأخرى التي تواجهها، مثل الموافقة على التوسع عبر مختلف المقاطعات. يجب على منظمي التأمين في المقاطعات منح الشركات الإذن قبل أن تتمكن من التوسع.
مجموعة AIA ومقرها هونج كونج تمتلك شركتها في الصين بنسبة 100 في المائة منذ عدة عقود، وهو أمر شاذ ينسب إلى جذورها المبكرة في الصين التي تعود إلى قرن من الزمان تقريبا. ومع ذلك، لا يمكن لـ AIA أن تعمل إلا في مقاطعتين وأربع مدن.
سام رضوان، مدير "إنهانس إنترناشونال"، وهي شركة استشارية تقدم النصح والمشورة لشركات التأمين الصينية، قال "لدى الحكومة أدوات أخرى تستطيع استخدامها من خلال الموافقة على إنشاء الشركات في كل مقاطعة على حدة. إذا كنت شركة تأمين أجنبية فلن أشرع في الاحتفال في الوقت الحالي".

الأكثر قراءة