Author

تحسن مؤشر التنافسية وتسويق الاستثمار

|
كاتب ومستشار اقتصادي

قفزت المملكة مرتبتين لتحتل المركز 39 في تقرير مؤشر التنافسية للعام 2018 الذي صدر يوم أمس الأول وحصلت على 68 من 100 نقطة، ومؤشر التنافسية تقرير سنوي يصدره المنتدى الاقتصادي في دافوس، وضم التقرير تصنيف 140 اقتصادا لهذا العام، وبحسب صحيفة "الاقتصادية" في تغطيتها أمس فإن هذا المركز هو أفضل تحسن حققته المملكة منذ عام 2012.
المؤشر يتكون من 12 معيارا أساسيا هي: المؤسسات، البنية التحتية، الاستعداد التكنولوجي، استقرار الاقتصاد الكلي، الصحة، التعليم والمهارات، سوق المنتجات، سوق العمل، النظام المالي، حجم السوق، ديناميكية البزنس، والابتكار، ويندرج تحت كل معيار أساسي عدة معايير فرعية يبلغ عددها مجتمعة 98 معيارا.
التقرير استخدم منهجية جديدة في قياس نقاطه أو درجاته هذا العام، وجاءت الولايات المتحدة على رأس قائمته، تلتها سنغافورة ثم ألمانيا ثم سويسرا وحلت اليابان في المركز الخامس، في حين جاءت الإمارات الأولى عربيا "27 عالميا"، واحتلت سلطنة عمان المرتبة 47 عالميا، وجاءت مصر في المرتبة 94.
وباستعراض سريع لبعض معايير التقرير الرئيسية يتضح أن المملكة حصلت على 100 من 100 في معيار استقرار الاقتصاد الكلي "حصلت 31 دولة على نفس الدرجة في هذا المعيار"، ويتضمن هذا المعيار معيارين فرعيين هما التضخم وحجم الدين العام، وكلاهما حصلت المملكة فيه على درجة 100 من 100، وكذلك حصلت المملكة على نقاط جيدة بلغ عددها 82 نقطة في معيار الصحة، كما حصلت على 76 نقطة في حجم السوق، و75 درجة في معيار البنية التحتية و73 درجة في التعليم والمهارات، وهي معايير جيدة ومقبولة.
على اليد الأخرى، جاءت أسوأ نتيجتين للمملكة في معيار ديناميكية البزنس، وحصلت المملكة فيه على 51 درجة وجاء ترتيبها 114 من بين 140 بلدا تم تصنيفها في هذا المعيار، وبحسب المعايير الفرعية يتضح أن التقرير تم إعداده قبل صدور نظام الإفلاس في المملكة، لأن التقرير أعطى المملكة "صفر" في كل من الإطار التنظيمي للإفلاس وكيفية حماية الشركات التي تعلن إفلاسها لتعود شركات ناجحة من جديد، كما كانت درجة سوق العمل منخفضة واحتلت المملكة فيها المرتبة 102 وهي مرتبة متأخرة في التقرير ولا شك.
وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي ربط تحسن مؤشر التنافسية بالعمل الجيد والتكاملي الذي تقوم به لجنة "تيسير" وتشارك فيه أكثر من 40 جهة حكومية، وبحسب القصبي فإن عمل هذه اللجنة هو أحد أهم العوامل التي أدّت إلى تحسن ترتيب المملكة في تقرير التنافسية لهذا العام.
"رؤية المملكة 2030" تنص على تقدم تنافسية الاقتصاد السعودي من المرتبة 25 "حسب المنهجية السابقة للتقرير" إلى أن يكون ضمن العشرة الأوائل في التنافسية، ولا شك أن هناك جهدا يبذل وقوانين تصدر وتطبق، وأهمها بدء عمل المحاكم التجارية وإقرار نظام الإفلاس في المملكة، وهما خطوتان مهمتان للتقدم في معيار التنافسية.
وإذا ربطنا بين ما تنص عليه الرؤية وما تنجزه لجنة "تيسير" فسنرى أن هناك رغبة حقيقية يصحبها عمل جاد على أرض الميدان لتسريع الإصلاحات التي تضمن تقدم مرتبة المملكة في معيار التنافسية العالمي، لكن هذا الجهد في رأيي غير كاف بدون التسويق الجيد وإبراز الفرص والمزايا النسبية والنوعية التي تتمتع بها المملكة.
والخلاصة أننا نعيش في عالم تنافسي كبير، وكل دولة تبرز ما لديها من المزايا وتقدم الامتيازات النوعية والجاذبة للاستثمارات محلية كانت أم أجنبية، ومع الإصلاحات المتسارعة لرفع تنافسية الاقتصاد السعودي في مؤشر التنافسية أو في مؤشر سهولة الأعمال، يبقى الدور الأهم على هيئة الاستثمار وسفارات وملحقيات المملكة التجارية في الخارج لتسويق الفرص النوعية للمملكة وإبراز تنوع وحجم سوقها وتميزها بالقدرة الشرائية الكبيرة، فالجهد المبذول في رفع معايير تنافسية الاقتصاد يحتاج أيضا إلى جهد نوعي ومكثف لتسويق الاستثمار، وكل الجهود يجب أن تتكامل وتعمل في نفس الوقت لتحقيق هذا الهدف.

إنشرها