حوار ولي العهد .. رسائل حازمة وتاريخية وأصداء عالمية

 حوار ولي العهد .. رسائل حازمة وتاريخية وأصداء عالمية
 حوار ولي العهد .. رسائل حازمة وتاريخية وأصداء عالمية

قال اقتصاديون وأعضاء في مجلس الشورى إن لقاء الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مع "بلومبيرج"، كان في غاية الوضوح والشفافية وبعث عديدا من الرسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للداخل والخارج، كما أكد الاستمرار في المضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية وإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي وإعطاء فرص أكبر للقطاع الخاص.
وقال لـ"الاقتصادية" عبد الرحمن الراشد عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في المجلس؛ إن لقاء ولي العهد لقي أصداء عالمية واسعة لأنه جاء في الوقت المناسب وغطى جميع المجالات الاقتصادية والمجتمعية حتى السياسية وضع النقاط على الحروف، وفند كل التصريحات التي تخرج من بعض الدول، وأوضح الأمير محمد بن سلمان خلال اللقاء سياسة المملكة الشفافة والجادة تجاه العالم، وأعطى بعض الدروس بالأسس الدبلوماسية لبعض الدول، وبين أن امتلاك وجهة نظر أمر مقبول، لكن الإملاءات مرفوضة تماما، وشتان بين الاثنين.
وأضاف: فيما يخص "أرامكو"، شرح ولي العهد سبب تأجيل الطرح بكل وضوح وهو ما كان يتعلق بصفقة "أرامكو ــ سابك"، وهي استراتيجية واضحة لاستثمار "أرامكو" في المصب، والمصب هي الصناعات المكملة من البتروكيماويات وخلافه، فلو حدث أن استثمرت "أرامكو" في هذه الصناعات بعيدا عن الشراكة مع سابك فستحتاج إلى استثمارات كبيرة وقد يضر ذلك أيضا بما تقوم به سابك. وأكمل: لذا جاءت فكرة أن تستحوذ "أرامكو" على "سابك" وتصبح كمثيلاتها من شركات النفط الأخرى التي تعمل في المجال نفسه مثل إكسون موبيل وشيفرون، فهذه الشركات تستثمر في المنبع والمصب وحتى المنتجات النهائية، وستكون الشركتان أرامكو وسابك مكملتان لبعضهما البعض، وكل منهما تحتاج إلى سوق الأخرى، وهذا هدف استراتيجي طموح.
وتابع: فيما يخص الإصلاحات الاقتصادية وبرامج الرؤية وما تحقق ومن أهداف وما نطمح إليه، كان ولي العهد واضحا في تناوله هذه النقاط، حيث قال إننا نضع برامج طموحة ونحاول أن ننجز أكبر جزء منها، وفي النهاية نحن نتعلم، وهذا يدل أن لدينا مرونة كبيرة في تعديل وإعادة النظر في الأخطاء إن حدثت ونتكيف مع الوقت مع العمل، ومن الممكن أن نتراجع عن بعض الأهداف أو نقوم بتعديلها، وخير مثال كان في برنامج التوازن المالي وتعديل بعض التواريخ الخاص بالاستحقاق، وهذا يعطي ثقة للمستثمرين ورجال الأعمال ويحفزهم للعمل لأن هناك تصحيحا مستمرا وتقييما مستمرا ومراجعة مستمرة.
من جانبه، قال لـ "الاقتصادية " مازن السديري رئيس الأبحاث في الراجحي كابيتال؛ إن أهم ما جاء في لقاء ولي العهد هو التأكيد على موضوع خصخصة "أرامكو"، والجدية في المضي قدما بهذا المسار وهي خطوات مهمة ليست لأهدافها المادية فحسب كما يعتقد البعض، وإنما لأهداف إصلاحية بالدرجة الأولى لرفع شفافية الشركة والحفاظ على ديمومتها وقوتها في الأسواق العالمية. وأضاف: فيما يتعلق بخصخصة بعض القطاعات الحكومية، فإن الأوضاع مشجعة في السعودية والعجز الحكومي المقدر في انخفاض مستمر، حيث انخفض من 195 مليارا إلى 147 مليارا، ونتوقع أن يكون أقل من 147 مليارا، وهذه كلها من الأشياء المشجعة للوضع الاقتصادي وليس شرطا أن تتم الخصخصة بشكل كامل حسب الخطة، لأن هناك أشياء قابلة للتأجيل أو التعديل، ولكن المهم أن تنفذ خطة الخصخصة. وبين السديري أن الهدف من الخصخصة ليس فقط رفع عن كاهل الحكومة جزء من المصاريف فقط والحصول على بعض الأموال نتيجة بيع جزء أو بعض الأصول، وإنما الهدف الرئيسي هو رفع كفاءة هذه القطاعات وزيادة الإنتاجية وتحويلها من قطاعات خدمية إلى قطاعات منتجة وفعالة.
وأكمل: فيما يخص قطاع النفط وارتفاع الأسعار، فهناك تآكل في الآبار النفطية بالعالم بشكل كبير، أضف إلى ذلك الدول التي لديها ضغط كبيرة على آبارها هي دول الخليج وأكثرها السعودية، ولا ننسى أن الطلب العالمي مع الازدهار الاقتصادي والاستهلاك العالي للنفط دفع بالأسعار إلى الصعود.
واستطرد: منظمة أوبك كانت قد عملت على إيجاد توازن في السوق لتساعد في نزول المخزونات العالمية لأكثر من 300 مليون برميل، ولكن ما حدث في نهاية خطة "أوبك" هو نمو الطلب بدأ في تصاعد وهذا ما دفع أسعار البترول إلى الصعود، وبالأمس القريب بدأ الحديث عن وصول سعر البرميل إلى 120 دولار.
وعرج السديري إلى حديث ولي العهد عن أن مستقبل "أرامكو" سيكون في الاستثمار في المصب، وقال: إن أعلى معدلات نمو الطلب على النفط في العالم تأتي من صناعة البتروكيماويات، ومعدل النمو المتوقع في البتروكيماويات 50 في المائة خلال السنوات المقبلة، لذلك من المهم أن تكون "أرامكو" قريبة من هذه الصناعة.
بدوره، قال لـ "الاقتصادية" الدكتور إبراهيم بن صالح العمر الأستاذ في قسم الاقتصاد في جامعة القصيم: حمل لقاء ولي العهد عديدا من الرسائل المهمة والقوية والموجهة والمطمئنة أيضا للمجتمع والاقتصاد والاستثمار الداخلي والخارجي، وخصوصا تأكيد الأمير محمد بن سلمان على عدم وجود ضرائب جديدة حتى عام 2030، وهذا يمثل حافزا كبير للنمو الاقتصادي في المملكة ودعم مباشر للاستثمار، وأيضا حمل كلامه إجابات تنم عن دبلوماسية عالية في الجانب السياسي، ورد على كل من استغل تصريحات الرئيس الأمريكي تجاه السعودية وبين أن أمن المملكة وسيادتها حقائق لا تشترى .. وإننا لا ندفع مقابل أمننا.
وبين العمر أن استمرار جوانب الخصخصة مهم، وهو جزء حيوي لتمكين القطاع الخاص وإعطائه الفرصة للعمل بشكل اكبر مع الدولة، وأيضا جانب التوظيف وزيادة الفرص الوظيفية، حيث أشار إلى أن المملكة مستمرة في برامج التحول إلى "رؤية 2030" وتحرير بعض القطاعات الاقتصادية التي تدار من القطاع العام، وهناك 20 قطاعا سيتم خصخصتها، ويجب أن نعلم أن القطاع الخاص أكثر كفاءة في إدارة الموارد وسيكون ذلك بمتابعة الدولة ومراقبتها المباشرة وكذلك ستكون هناك فرصة للمواطنين في سوق الأسهم. وقال لـ"الاقتصادية" سلطان النقلي نائب الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار لدى شركة إتقان كابيتال: اتسم لقاء ولي العهد بالشفافية المعهودة والصراحة المطلقة، حيث إنه وخلال اللقاء أوضح جميع الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية ما أسهم في توضيح الرؤى حاضرا ومستقبلا. ومن أشد الجوانب التي أكدها ولي العهد خلال الحديث هي زيادة الإنفاق خلال هذا العام في نطاق 10 في المائة، من خلال الإنفاق الحكومي والاستثماري في عدة مجالات خصوصا البتروكيماوية.
وعرج النقلي على الجانب الترفيهي الذي تركز عليه المملكة من خلال إقامة المدن الجديدة على البحر الأحمر التي تتمتع بشواطئ بكر تنافس بجمالها أعرق المدن والدول المتقدمة وما ستوفره من وظائف ومتنفس للجميع، وكذلك جانب الصناعات العسكرية الضخمة التي ستوفر كثيرا منها للمحتوى المحلي، والرقي بهذه الصناعات سيسهم في جعل المملكة متقدمة في هذه القطاعات الحيوية.

الأكثر قراءة