«زيروكس» نهضت من كبوتها وتحتاج الآن إلى النمو

«زيروكس» نهضت من كبوتها وتحتاج الآن إلى النمو

في الأعوام الأربعة التي أعقبت تعيينها رئيسة تنفيذية لشركة زيروكس، نجحت آن مولكاهي في خفض التكاليف، إغلاق بعض وحدات الشركات، رتق الميزانية العمومية، تنظيم أعمال التدقيق المحاسبي، إسناد العمليات وتنشيط خطوط الإنتاج وإعادة النظر في استراتيجية الشركة. والآن بدأ الجانب الأكثر صعوبة من هذه المهمة.
ويقول جاك كيلي المحلل لدى شركة جولدمان ساتش في نيويورك: ''ليس بإمكانهم الإبطاء فيما يتعلق بتخفيض التكلفة، لكن الشيء الذي ينبغي عليهم فعله الآن هو تنمية المنتجات العليا''.
ويعتبر هذا بمثابة مقياس لإنجاز مولكاهي حتى الآن، وهو أن النمو مدرج في الأجندة. ففي 2001 و2002 على خلفية ديون متصاعدة وهبوط المبيعات والتدقيق بواسطة لجنة الأوراق المالية والبورصة، كان السؤال المطروح هو ما إذا كان بمقدور ''زيروكس'' أن تنهض من هذه الكبوة.
وهو أيضاً مقياس لصراحتها الواقعية كون مشكلة النمو تم حلها وجها لوجه: ''يجب علينا أن نظهر قدرتنا على الوفاء بتعهداتنا فيما يتعلق بالمنتجات العليا، مثلما هو الحال مع المنتجات الأساسية''، كما تقول مولكاهي، مضيفة ''هذه لحظة مصيرية للشركة''.
ويجمع محللو ''وول ستريت'' على أن الاستراتيجية التي وضعت بواسطة مولكاهي وفريقها يمكن بشكل عام أن تولد كل النمو المرغوب فيه. ويضمن هذا النظام ذو الثلاث شعب إمكانية تعجيل الانتقال من التصوير الأبيض والأسود إلى الملون؛ الولوج بقوة في قلب صناعات الجرافيك والطباعة باستخدام سلالة جديدة من المطابع التي تعتمد اعتمادا كبيرا على التكنولوجيا الرقمية؛ وإقناع العملاء الرئيسيين في الشركات بشراء ليس الناسخات والطابعات فقط، بل أيضا البرمجية والخدمات.
والسؤال الذي لم تتم الإجابة عنه بعد هو ما إذا كان بمقدور ''زيروكس'' النجاح في إنجاز هذه المهمة. ولا سيما أن أزمة عامي 2001 و2002 نجمت في جانب كبير منها عن تراكم أخطاء هزلية. وما زال المستثمرون يجترون الذكرى الأليمة لإعادة تنظيم قسم المبيعات التي عجلت بمغادرة المدير التنفيذي ريك ثومان، إضافة إلى نظام الفوترة وتحصيل الديون الذي كان يعاني من الخلل الوظيفي في أواخر عام 2001، ما أدى إلى مفاقمة الوضع المالي الخطير الذي كان قائما حينذاك.
ومولكاهي لا تقل معرفة عن أي شخص آخر بالتاريخ المضطرب للشركة، لأنها انضمت إليها عام 1975 مندوبة مبيعات وترقت في الوظائف الإدارية حتى بلغت أرفع وظيفة في الشركة. وزوجها موظف متقاعد في ''زيروكس''؛ وشقيقها الأكبر طرف في الفريق الإداري التابع للشركة.
وهي تدرك الثقافة البيروقراطية في ''زيروكس'' التي سمحت للمشاكل بأن تنخر في جسد الشركة إلى درجة لم يعد هناك وقت لأي علاج آخر سوى اتخاذ إجراءات بالغة القسوة، وهو ما شرعت فيه بالفعل.
وتعتبر الشخصية المنفتحة لموكاهي في حد ذاتها عنصر دفع في اتجاه التغيير. وتعطي ترقيتها لتولي أعلى وظيفة مؤشرا واضحا على أنه ''زيروكس'' ينبغي عليها التخلي عن سياسة التلكؤ إذا أرادت أن تبقى على قيد الحياة. وسرعان ما عثرت الرئيسة التنفيذية الجديدة على سلاح ناجع هو ''سيكس سيجما'' ، SIX SIGMA أسلوب تحسين عملية التغيير الذي اخترعته ''موتورولا'' وروجته ''جنرال إلكتريك''.
وتشرح قائلة: ''سعيت وراء أسلوب سيكس سيجما لرغبتي الأكيدة في تحسين الإنتاجية في الشركة بأسلوب يساعد على منع تراكم المشاكل بمرور الوقت. وإذا نجحت في جعله يعمل بشكل جيد فعلا في شركتك فإنه يقلص بشكل هائل فرصة أن تكتشف مشاكل تتطلب منك إعادة هيكلة جذرية''.
وحتى الآن، تبدو النتائج جيدة. وبفضل تحسينات الإنتاجية التي نجمت عن استخدام أسلوب ''سيكس سيجما'' تمكنت ''زيروكس'' من استعادة حصتها السوقية مع المحافظة على استثماراتها في مجال البحث وفي الوقت نفسه تثبيت الإيرادات في اتجاه الصعود. ولم تواجه الشركة أيضا أية مشكلة خطيرة تعرقل مسيرتها.
لكن مولكاهي وفريقها يعرفون أن من المحتمل أن يلجوا في مرحلة خطيرة. فاستراتيجية النمو تتطلب تغييرات تنظيمية من شاكلة التغييرات التي عرقلت ''زيروكس'' سابقاً. أما الأكثر أهمية، فإن استراتيجية الخدمات تولد متطلبات جديدة يجب على فريق المبيعات أداءها، في حين لا يزال الفريق حتى الآن يركز على بيع الآلات غالباً.
وليست ''زيروكس'' الشركة الرئيسية الوحيدة التي أقدمت على الانتقال من المنتجات إلى ''الحلول''. فقد سبقتها ''جنرال إلكتريك'' و''آي. بي. إم.''، جارتاها اللصيقتان شمالي نيويورك، في هذا المضمار خلال التسعينيات. وتحصل ''آي. بي. إم.'' الآن على أكثر من نصف إيراداتها من الخدمات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات.
لكن حقيقة أن النظام سبق تطبيقه لا تجعله أكثر سهولة الآن، لأن المهمة الفورية لإحداث الانتقال في ''زيروكس'' تقع على عاتق جيم فايرستون مسؤول الاستراتيجية السابق ورئيس شركة نورث أمريكان حالياً، الذي يقول: ''نحن في حاجة إلى تضمين الخدمات في المفاوضات التي نجريها مع عملائنا الرئيسيين منذ الوهلة الأولى''.
ومن النظرة الأولى تبدو مشكلة الإدارة مسألة ثانوية ويجب إدماج فريق مبيعات الخدمات صغير الحجم في ''زيروكس'' الذي يراوح عدده بين 200 و300 فرد، في جيش يبلغ تعداده 2500 شخص مع مديري الحسابات واختصاصي الإنتاج. والجانب الأكثر ضرورة في هذه المعالجة هو ''مديرو الحسابات الرئيسيون'' الذين يشرفون على العلاقات مع عملاء ''زيروكس'' البالغ عددهم 300 شركة. فيجب أن يكون هؤلاء مدربون تدريباً كافياً في فن وعلم بيع الخدمات: كل شيء من تحليلات مرور الوثيقة عبر المؤسسات إلى إسناد التصوير، وأرشفة واسترداد الوثيقة. ويعد ذلك عملاً مختلفاً تماماً عن بيع الناسخات والطابعات.
لكن مع أن عدد العاملين في فريق مبيعات الخدمات يعتبر ضئيلاً بالنسبة إلى إجمالي القوة العاملة (توظف شركة زيروكس 58 ألف عامل حول العالم) ويقع على عاتقهم جزء كبير من علاقات العميل الأكثر أهمية بالنسبة إلى الشركة، فإن مديري الحسابات غير الأكفاء ـ أو المتمردين - يمكن أن يتسببوا في مشكلة ليست بسيطة الأثر في الإيرادات والأرباح ربع السنوية.
ويقول فايرستون الذي لا يقل أسلوبه وضوحاً ومباشرة عن أسلوب مولكاهي: ''عندما نفذنا ذلك في الماضي تم بطريقة سببت قدراً هائلاً من الإزعاج للعملاء. وهذه المرة لا نتوقع أن يغير العديد من مديري الحسابات أدوارهم ويتم التركيز على علاقات مستقرة مع المحاسبة''.
يعد ضبط وتيرة التغيير بشكل سليم مسألة ضرورية للغاية، فالسرعة الزائدة تؤدي إلى تعريض العلاقات للخطر والتقدم البطيء جداً يتيح الفرصة للمنافسين الآخرين لتقوية مراكزهم. ومن هؤلاء المنافسين ''هيوليت باكارد'' التي تعتمد على وحدة الطباعة والتصوير التابعة لها لدفع نموها، وبإمكانها أن تتباهى الآن بامتلاكها وحدة خدمات ضخمة. وكذلك ''إيكون أوفيس سيستيمز'' التي توزع معدات ''كانون''، ''ريكو''، و''إتش. بي''، وهي منافسة قوية أخرى ومناصرة لأسلوب ''سيكس سيجما''. ويعلق كيلي من ''جولدمان ساتش'' على الوضع الراهن قائلا: ''ساحة خدمات الحلول باتت أكثر ازدحاماً''.
واستناداً إلى هذه الخلفية، بلغت ''زيروكس'' نقطة يتعين عليها عندها أن تدفع بالتغييرات التنظيمية بقوة إلى الأمام مع وضع ثقتها الكاملة في التخطيط الدقيق.
وحتى فايرستون المعروف بحذره الشديد، يقر بأن ''هذه الحزمة من التغييرات، في كثير من جوانبها، هي أكثر التغييرات الأساسية التي نفذناها من أجل تغيير طبيعة (زيروكس)''.

الأكثر قراءة