200 مليار دولار خسائر متوقعة لاستثمارات طهران في الطاقة

200 مليار دولار خسائر متوقعة لاستثمارات طهران في الطاقة

أثار قرار الرئيس الامريكي دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وعودة العقوبات الاقتصادية المشددة على طهران حالة من الترقب والقلق في سوق النفط الخام وسط توقعات واسعة بنمو الأسعار بسبب تقلص الصادرات الإيرانية على نحو حاد قدره البعض بأكثر من مليون برميل يوميا.
وتتجه الأنظار في السوق إلى كبار المنتجين في العالم وعلى رأسهم السعودية وروسيا في كيفية التعاطي مع القرار الجديد واستيعاب تأثيراته وتخفيف أثاره السلبية على سوق النفط الخام.
وتوقع محللون أن تعمل السعودية مع روسيا على ضمان استقرار وتوازن السوق وتعويض كافة التوقفات والتراجعات الطارئة في امدادات النفط الخام بما يضمن الحفاظ على توازن العرض والطلب في الاسواق وبما يؤمن الامدادات على المدى الطويل.
وجددت السعودية البارحة الاولى على لسان مصدر مسؤول في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التزامها بدعم استقرار الأسواق البترولية لما فيه مصلحة المنتجين والمستهلكين واستدامة النمو في الاقتصاد العالمي، وستعمل المملكة مع كبار المنتجين داخل أوبك وخارجها ومع كبار المستهلكين للحد من آثار أي نقص في الامدادات.
ويقول لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، إن السعودية بقدراتها الإنتاجية الواسعة قادرة على التعامل مع الوضع الجديد في السوق وتعويض الامدادات الناقصة والحفاظ على شراكة قوية بين المنتجين بما يبني على النجاحات السابقة ويعزز استقرار سوق النفط.
ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، دان بوسكا كبير المحللين في بنك "يوني كريديت" البريطاني، أن الدور السعودي القيادي في السوق سيظل محوريا بالتعاون مع بقية الشركاء سواء في أوبك أو خارجها مشيرا إلى أن كبار المنتجين قادرون على حماية أمن الامدادات متوقعا أن يتبلور ذلك بصورة واضحة في اجتماع المنتجين الشهر المقبل.
في سياق متصل، توقع بنك "باركليز" الدولي أن يؤدي استئناف العقوبات الأمريكية إلى اضعاف قدرة إيران على جذب الاستثمارات الأجنبية مما يبقي إنتاج البلاد مستقرًا أو أقل حتى عام 2025.
ورجح تقرير حديث للبنك استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام لتواصل المكاسب التي تحققت على مدى الأسابيع الأخيرة مفسرا ذلك بارتفاع حالة عدم اليقين في الاسواق وضبابية مستقبل التعامل مع الاتفاقية النووية من قبل بقية الدول الخمس المشاركة بها.
وفي نفس الاتجاه، ذكر تقرير "وورلد أويل" أن إعلان ترمب بإعادة فرض العقوبات الأمريكية الصارمة على إيران سيؤدي إلى فقدان طهران 200 مليار دولار هي قيمة صفقات الطاقة التي كانت متوقعة في الأمد القريب.
ولفت التقرير إلى أن هذه الاستثمارات كانت إيران تحتاجها في مجالات النفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات بحسب تأكيد وزير النفط الإيراني بيجان زانجانه.
وأوضح التقرير أن إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران سيجعل هذا الأمر يحتل مكانا بارزا في أجندة اجتماع المنتجين في أوبك وحلفائهم في الشهر المقبل في فيينا مشيرا إلى أن المنتجين كانوا قد بدأوا في خفض إنتاج النفط العام الماضي في مسعى لتخليص السوق من وفرة المعروض العالمية.
ويرى التقرير أن القيود على الإنتاج أدت إلى القضاء على فائض مخزونات النفط الخام العالمية وهو ما جعل السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، تحث الأعضاء الآخرين على مواصلة خفض الإنتاج، مشيرا إلى ان التخفيضات الانتاجية جاوزت حاليا المستهدف خاصة بعد قرار عودة العقوبات على إيران وهو ما يتطلب تحركا مغايرا من المنتجين في اجتماعهم المقبل للحفاظ على توازن السوق ولمنع حدوث تهاوي في المعروض النفطي.
ونوه التقرير إلى أنه منذ أن تم تخفيف العقوبات على طهران اعتبارًا من كانون الثاني (يناير) 2016 كانت شركة توتال الفرنسية هي شركة الطاقة الغربية الوحيدة التي تستثمر في إيران وتعهدت بإنفاق مليار دولار في حقل غاز جنوب فارس العملاق.
ونقل التقرير عن باتريك بوياني الرئيس التنفيذي لشركة توتال، أن الشركة الفرنسية ستنسحب من المشروع إذا لم تحصل على ضمانات لافتا إلى أن الغاز المنتج من المشروع مخصص للاستهلاك المحلي وليس للصادرات.
وذكر أن انسحاب توتال سيؤى بحسب المسؤولين الايرانيين إلى استحواذ الشريك الصيني "تشاينا ناشونال بتروليوم كوربوريشن" على حصة "توتال" وذلك في محاولة لتهوين وقع الأزمة من قبل إيران.
ونوه إلى حدوث انخفاض واسع في إنتاج وصادرات النفط الخام من إيران بعد أن شددت القوى العالمية العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي في عام 2012 وقد عدلوا عن ذلك لاحقا حيث تم تخفيف القيود في عام 2016.
ولفت التقرير إلى تضاعف شحنات البتروكيماويات الإيرانية - بما في ذلك الإيثيلين والميثانول والأسمدة - منذ عام 2013 حيث بلغ إجمالي الإنتاج نحو 53.6 مليون طن في الأشهر الـ 12 المنتهية في 21 آذار(مارس) ومع ذلك فان إجمالي إنتاج البلاد يبقى أقل بكثير من 71.2 مليون طن المنتجة في عام 2017 من قبل الشركة السعودية للصناعات الأساسية"سابك" وهي أكبر شركات البتروكيماويات في السعودية.
وشدد التقرير على أن العقوبات الأمريكية المتجددة على إيران سوف تعطل كثيرا صادرات النفط على نحو كبير كما ستوقف نمو صناعات الغاز والبتروكيماويات التي كانت تكافح من أجل التعافي وذلك منذ تخفيف القيود المفروضة على العقوبات منذ أكثر من عامين.

الأكثر قراءة