«قانون الاختيار المالي» هجوم صارخ على حقوق المساهمين

«قانون الاختيار المالي» هجوم صارخ على حقوق المساهمين

لا تنخدعوا بالاسم الحميد الممنوح لـ "قانون الاختيار المالي"، أو عنوانه الفرعي المقصود به إرضاء الجماهير: "النمو للجميع، عمليات الإنقاذ ليست لأي أحد".
مشروع القانون المُثير للجدل، الذي أقرّه مجلس النواب الأمريكي قبل أسبوعين، جعل كثيرا من المستثمرين الأكبر تأثيرا في أمريكا يشعرون بالخوف، ولسبب وجيه.
الهدف من التشريع المضمن في 600 صفحة هو إلغاء كثير من القواعد التي أُدخلت تحت إدارة أوباما في أعقاب الأزمة المالية، التي كانت تهدف إلى تعزيز النظام المصرفي ومنع تكرار أزمة الانقباض الائتماني الذي حدث عام 2008.
سيكون لدى الهيئات التنظيمية صلاحيات أقل لفرض معايير أكثر تشددا لرأس المال والسيولة على المؤسسات التي تُعتبر "أكبر من أن تفشل"، كما سيتعيّن عليها إثبات أن تكاليف القواعد الجديدة لن تفوق الفوائد. بتعبير بسيط، القانون هو "يوم عز" محتمل للقطاع المصرفي.
كثير من هذه السياسات هي مصدر قلق كبير للمستثمرين الكبار، ووكالات التصنيف الائتماني، ومنظمات حماية المستهلكين. لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لصناعة الاستثمار هو أن مشروع القانون يتضمن أيضا مقترحات يعتبرها مديرو الأصول اعتداء صارخا على حقوق المساهمين، ومحاولة لتركيز السلطة في أيدي المسؤولين التنفيذيين في الشركات.
تيموثي سميث، وهو نائب أعلى للرئيس في "والدين لإدارة الأصول"، يصف المقترحات بأنها "مُعيبة تماما"، في حين أن لورين كومبير، مديرة مشاركة المساهمين في "بوسطن كومون لإدارة الأصول"، تقول إنها تشعر بأن هذه القواعد "تعصف بها".
المسألة المطروحة هي مجموعة من المقترحات التي من شأنها أن تعرقل على نحو لا يستهان به قدرة المستثمرين على تقديم مقترحات في اجتماعات المساهمين. في الأعوام الأخيرة، مثل هذه المقترحات كانت تحثّ المسؤولين التنفيذيين في الشركات على تبنّي مجموعة من السياسات، بدءا من توفير مزيد من الشفافية حول كيف ستستجيب شركتهم لتغير المناخ، إلى توضيح إنفاقهم على جماعات الضغط السياسي، أو شرح التدابير التي يتّخذونها لضمان أن سلاسل التوريد الخارجية لن تعتمد على عمالة الأطفال.
مما لا شك فيه أن مثل هذه المقترحات تُثير قلق التنفيذيين في الشركات، الذين يفضّلون قضاء الاجتماعات العامة السنوية في مناقشة التفاصيل البارزة لأدائهم السنوي.
في كانون الثاني (يناير)، أشادت غرفة التجارة الأمريكية، التي تمثل مجموعة الضغط التجارية، بقانون الاختيار المالي لكونه يعمل على تقويض "مجموعة فرعية صغيرة من نشطاء المصالح الخاصة (الذين) أفسدوا نظام مقترحات المساهمين، ما يضطر الغالبية العظمى من مستثمري الشركات العامة إلى دفع المال مقابل حملات الإصدار التي ليست لها علاقة بتعزيز قيمة المساهمين". هذا كلام فارغ.
هذه المقترحات هي أداة حاسمة في تشجيع الشركات على التفكير في المخاطر الأوسع لكل من نماذج أعمالها، وسمعتها. وليس فقط "نشطاء المصالح الخاصة" هم الذين يحرصون عليها. راخي كومار، رئيسة حوكمة الشركات في "ستيت ستريت"، ثالت أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، تقول إنها "تشعر بالقلق" من التأثير المحتمل لهذه القاعدة على مناخ الأعمال في الولايات المتحدة. "هل ستُحدِث تغييرات واسعة في الطريقة التي تعمل بها السوق فيما يتعلق بالحوكمة؟ نعم. ماذا يعني هذا بالنسبة لنا؟ لا أعرف بعد".
بموجب النظام الحالي، يحتاج المساهمون إلى حصة لا تقل عن ألفي دولار في الشركة من أجل تقديم اقتراح في الاجتماع العام السنوي. إذا حصل المشروع على موافقة مجلس الشيوخ، سيحتاج المساهمون إلى امتلاك ما لا يقل عن 1 في المائة من أسهم الشركة لمدة لا تقل عن ثلاثة أعوام لتقديم اقتراح.
فقط ثماني شركات لإدارة الأصول كانت تحتفظ بما لا يقل عن 1 في المائة من أسهم أبل في نهاية عام 2016، بحسب مجلس المستثمرين المؤسسين، الذي يعترض بشدة على هذا الجزء من مشروع القانون.
يقول سميث عن هذا الإجراء: "هذا من شأنه تدمير عملية التصويت. هذا أمر مُدّمر ليس فقط للمستثمرين، لكن للشركات أيضا. فهو يُلغي أداة مهمة جدا لديها تاريخ عمره 50 عاما كانت تُستخدَم خلاله بشكل بنّاء. إذا أزلنا هذا الحق، ما الذي يبقى؟".
يواجه مشروع القانون صراعا شاقا من هنا. المستثمرون متفائلون إلى حد كبير بأنه بمجرد طرح مشروع القانون أمام مجلس الشيوخ، فإنه لن يتم إقراره. لكن هناك مخاطر جانبية إضافية. يعتقد بعض مديري الأصول أنه سيتم تقسيم مشروع القانون إلى مشاريع قوانين أصغر، قد تشمل أو لا تشمل القيود المفروضة على حقوق المساهمين، لكن يُمكن أن تكون ذات جاذبية أوسع في مجلس الشيوخ.
يخشى آخرون أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، هيئة التنظيم التي خضعت لتغييرات واسعة لا يستهان بها منذ أن أصبح دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة، ستتابع الأجواء السائدة وتضع القيود على مقترحات المساهمين، مع أو بدون موافقة مجلس الشيوخ.
تقييد القدرة على تقديم مقترحات المساهمين ووضعها في أيدي مجموعة صغيرة من أكبر شركات الاستثمار الأمريكية سيكون خطوة ضخمة إلى الوراء فيما يتعلق بممارسات حوكمة الشركات، في بلد يُنتقَد بالأصل لعدم امتثاله لأفضل الممارسات بخصوص هيكلة مجالس الإدارة، وفترة عمل المُدقق المالي، وأجور المسؤولين التنفيذيين، ومجموعة من قضايا الحوكمة.
قانون الاختيار المالي هو هجوم صريح على حقوق المساهمين، وأي سياسي جدير بمنصبه يجدر به أن يرفضه.

الأكثر قراءة