صناديق التحوط تحث «أوبك» على إعادة التوازن لسوق النفط

صناديق التحوط تحث «أوبك» على إعادة التوازن لسوق النفط

كانت منظمة أوبك تنوي اجتذاب بعض أكبر صناديق التحوّط التي تتعامل بالنفط في مطلع العام، من خلال عقد اجتماعات خاصة تستهدف تقليص إمدادات النفط الخام في محاولة لإعادة الأسعار إلى مستوى 60 دولارا للبرميل.
شكل ذلك تحولا مفاجئا في التعامل من جانب المنظمة التي كانت لأعوام تنتقد الصناديق باعتبارها "مُضاربة"، متهمة إياها بتحويل سوق أهم سلعة في العالم إلى كازينو. لكنه كان أيضاً اعترافاً بأن الصفقات التي كانت تُعقَد في مايفير، أو كونيتيكيت حققت في بعض الأحيان كثيرا من التأثير بقدر عدد الناقلات الضخمة التي تجوب الممرات البحرية.
بعد ستة أشهر، العلاقة الآن في حالة يُرثى لها. التجّار يفقدون الثقة، في الوقت الذي تبيّن فيه أن جهود "أوبك" لإنهاء تخمة النفط المستمرة منذ ثلاثة أعوام قصرت إلى حد كبير عن بلوغ المستوى المطلوب. خام برنت، بدلاً من الارتفاع، شهد أسوأ نصف عام أول له منذ عقدين، بانخفاضه بمقدار الخُمس منذ كانون الثاني (يناير) ليصبح سعره 45 دولارا للبرميل.
صناديق التحوّط، التي جمعت في مرحلة ما رهانا قياسيا بمقدار مليار برميل على ارتفاع أسعار النفط الخام، تُحذّر الآن من أن التجار بإمكانهم دفع أسعار النفط إلى أدنى مرة أخرى، إلى ما دون 40 دولارا للبرميل، لإجبار "أوبك" على الوفاء بتعهّدها بتحقيق توازن في السوق.
يقول دوج كينج، المؤسس المُشارك لصندوق ميرشانت كوموديتي: "إذا قررت الصناديق تحدّي "أوبك" فليس هناك شك في أن الأسعار ستنخفض أقل من 40 دولارا للبرميل. النفط لا يزال شديد التأثّر بتراجع خطير؛ لأننا لم نشهد تماماً ما نحتاج إلى رؤيته".
قد تحتاج "أوبك" إلى أخذ التحذير على محمل الجد. فمنذ انخفاض أسعار النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل عام 2014 إلى أقل من 30 دولارا للبرميل العام الماضي، تعقّبت صناديق التحوّط عن كثب - وأحياناً قادت - التحرّكات، بحسب تجار في الصناعة.
الرهانات من قِبل الصناديق ضد خام برنت القياسي ارتفعت بالفعل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، مع احتفاظ مديري الأموال بمراكز مكشوفة - تستفيد من الوضع في حال انخفاض السعر - تُعادل 162 مليون برميل، بحسب بيانات البورصة.
ويعتقد بعض المحللين أن الصناديق متشائمة فوق الحد، إذ تشير معظم التوقعات إلى أن السوق ينبغي أن تشهد تراجعا في المعروض في النصف الثاني من هذا العام، لكن كثيرين يعتقدون أن "أوبك" لم يبق أمامها متسع من الوقت.
وفي حين أن المنظمة المكونة من 13 عضوا أوفت إلى حد كبير بخطة ترمي إلى خفض 1.8 مليون برميل يومياً - 2 في المائة من الإمدادات العالمية – بالتزامن مع تخفيضات من جانب روسيا ومنتجين كبار آخرين، إلا أن عددا من العوامل يهدد بإحباط هذه الجهود.
من أبرز هذه العوامل الانتعاش السريع لصناعة الزيت الصخري في الولايات المتحدة، التي من المتوقع الآن أن تزيد الإنتاج 700 ألف برميل يومياً في العام المُقبل، ليُصبح عشرة ملايين برميل يومياً، مع عودة الحفارات إلى العمل عندما كانت الأسعار تتأرجح فوق 50 دولارا للبرميل في بداية العام.
نيجيريا وليبيا، العضوان في "أوبك"، زادتا أيضاً من الإنتاج بشكل حاد. هذان البَلدان تم إعفاؤهما من الاتفاق الخاص بتقليص الإمدادات؛ بسبب العنف في كلا البلدين الذي يلحق الضرر بإنتاجهما، لكن منذ الربع الرابع استعاد البَلدان ما يُقارب 600 ألف برميل يومياً من الإنتاج فيما بينهما.
بعض البلدان الأعضاء في المنظمة باعت أيضاً النفط من المخزون، ما أبقى الصادرات مرتفعة في وقت سابق من هذا العام، على الرغم من تقليص النفط الخام من المستخرَج من الآبار.
تقول أمريتا سن، من شركة إينرجي آسبيكتس الاستشارية، التي تُقدّم المشورة لصناديق التحوّط: "لا ألوم هؤلاء التجّار غير المتفائلين - لقد تضرروا مراراً وتكراراً ..."، مضيفة أن التخفيضات بقيادة "أوبك" لا تزال تحدث تأثيرا بطيئا في السوق، تعوزه السرعة اللازمة. وتابعت: "يُمكن أن تنخفض الأسعار إلى ما دون 40 دولارا للبرميل؛ لأن السوق تتأثر بالمشاعر وليس الأساسيات. ليس هناك ما يوقفها الآن".
مصطفى صنع الله، رئيس شركة النفط الوطنية في ليبيا، يقول إنه لا يُريد إغراق السوق، لكن يجب أن تعمل ليبيا من أجل "مصلحتها الوطنية". ويُضيف: "نعتبر أن ليبيا أخذت نصيبها في موازنة السوق".
وحتى الآن وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، يحث على التحلي بالصبر، مؤكداً أن التخفيضات الحالية سيكون لها تأثير في النهاية.
ويعتقد كينج، من صندوق ميرشانت كوموديتي، التجار ربما يقدموه على رهانات أكثر قوة ضد "أوبك"، إذا امتنعت عن إجراء تخفيضات أكبر. وفي حين أن صندوقه انخفض خلال العام بسبب الخسائر في السلع الأخرى، إلا أنه ارتفع من حيث النفط.
يقول كينج: "تحاول "أوبك" ضبط الوضع باللجوء إلى إجراءات دقيقة هنا وهناك. يجدر بهم استخدام مطرقة قوية، أو مرزبَّة".

الأكثر قراءة